قضايا وآراء

الرد السوري.. رسالة روسية جديدة للولايات المتحدة الأميركية

| د. عمّار فاضل 

بات من الواضح أن حجم الرد السوري اليوم على الاعتداء الإسرائيلي بعد تماديه بتوسيع رقعة الجغرافية المستهدفة حين أقدم صباح الجمعة 17 آذار على ضرب موقعٍ عسكريٍ للجيش السوري في ريف حمص الشرقي، لم يكن ردّاً عادياً حتى إن الإسرائيليين لأول مرّة سارعوا للإعلان عن قيامهم بهذا الاعتداء وكسروا قاعدتهم التي وضعوها بعد حرب تموز 2006 وهي «المعركة بين الحروب» التي تقوم على شن ضربات على مواقع العدو وعدم الإفصاح عن العمليّة بشكل رسمي.
لكن أهم ما يكمن خلف السطور في أن هذا الرد يعيدنا إلى الوراء إلى تاريخ 3 أيلول 2013 والذي كان رسالةً روسية إستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية بأن نظاماً أحادي القطبية الدولي قد انتهى حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الإنذار المبكر قامت برصد صاروخين انطلقا نحو شرق المتوسط وأسقطتهما، وكان ذلك اليوم هو بداية انحسار التهديد بعدوان أميركي على سورية.
في ذلك اليوم رأينا تخبّطاً إسرائيلياً واضحاً يماثل ما حصل اليوم حيث خرجت «يديعوت أحرونوت» لتتحدث عن صاروخ وفي اليوم التالي عن صاروخين ومن ثم عن صاروخ من طراز «أنكور» ومن ثم عن تجربة قامت بها طائرة إسرائيلية، كما تحدّث أيضاً خبراء ألمان عن أن الصاروخين انطلقا من قاعدة روتا في إسبانيا، وتعدّدت الأخبار التي طرحت القصة وفق سيناريوهات مختلفة ولكن كلّها تؤكد أنها أميركية إسرائيلية وفشلت بفضل الروس الذين أعلنوا بذلك بداية النهاية للهيمنة الأميركية على المنطقة في رد مدوّ يماثل حجم الرد الروسي في جورجيا في آب 2008.
إن الرد السوري اليوم يأتي في سياق ردّ محورٍ دولي كامل على تمادي المحور المعادي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في رسالةٍ مركّبة مؤلفة من ثلاثة بنود:
أولها: إن الحالة السورية لم تعد حالةً أمنية للإسرائيليين بل هي حالة عسكريّة وإن التعاطي الإسرائيلي مع الملف السوري مشوب بالأخطاء الاستخباراتية والتقديرات الإستراتيجية المغلوطة لحكومة بنيامين نتنياهو الذي يسعى لضبط الداخل الإسرائيلي ليبقى في منصبه، ما اضطره لكسر بند «المعركة بين الحروب».
البند الثاني: إن السوريين قادرون في أي لحظة نقل المعركة من الجولان المحتل إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة.
البند الثالث: إن ضبط الروس لإيقاع المنطقة الجنوبية من خلال إدراج الأردن في سياق أستانا، وإفشال الجيش السوري لعملية «الموت ولا المذلّة» والقضاء على حلم تشكيل منطقة آمنة في الجنوب بعد إجهاض حلم أردوغان بتشكيل منطقة آمنة في الشمال السوري، لن يُسمح بخرقه.
البند الرابع: إن حالة التخادم الأميركي الإسرائيلي مع داعش من خلال تكرار ما يشبه القصف الأميركي على «جبل الثردة» بمحيط دير الزور في 17 أيلول 2016 لم يعد مسموحاً وإن تقدّم الجيش السوري مستمر بدعم روسي بالتوازي مع المسار السياسي الذي يتعرض للعرقلة كما حصل في جنيف 4 واستانا 3.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن