لا جديد في الحملة الإعلامية على سورية
باسمة حامد
تماماً كما حصل في بداية الأحداث، تحاول وسائل الإعلام العربية والأجنبية التابعة للأجندة الأميركية تناول المشهد السوري الراهن على أساس أن ما خُطط لسورية قبل أربع سنوات أصبح اليوم أمراً واقعاً!!
والملاحظ أن معظمها يحتفي بدخول التنظيمات الإرهابية إلى مدينتي إدلب وجسر الشغور تحت عناوين غير واقعية من قبيل: «ملامح انهيار النظام» وهو العنوان الوهمي ذاته الذي بنت عليه خطابها خلال العام 2011 واستمرت بتسويقه من دون أن يتحقق مع اغتيال ضباط خلية الأزمة العام 2012 وهللت له مع فتح الملف الكيميائي وتلويح الولايات المتحدة بكل «الخيارات المطروحة على الطاولة» و«ضربة» أوباما التي لم تحصل!!
وفي الحقيقة، إن صانعي الأكاذيب الإعلامية لا يبالغون فقط في تصوير إنجازات «المعارضة» على الأرض، بل يظهرون قدراً استثنائياً من الغباء والإحباط تعكسه محاولات إحياء العناوين القديمة «وهي رميم»، وترويج شائعات مضللة لا تعبر إلا عن أمنيات بعيدة المنال لم يفلح محور واشنطن بتحقيقها في حقبة «إغلاق السفارات» و«الأيام المعدودة» و«رحيل النظام ورموزه»، ولن يفلح اليوم بتحقيقها في مرحلة تشهد قرارات وتشريعات وإجراءات عالمية لمكافحة الإرهاب التكفيري وتطبيعاً غربياً عربياً مع القيادة السورية.
فسورية الدولة المحورية في المنطقة تخوض المعركة بجهود دبلوماسية وميدانية وصبر إستراتيجي تاريخي أثمر عن نتائج بارزة ومن أهمها:
– كشف الكثير من الحقائق حول مخاطر التطرف والإرهاب على البشرية جمعاء، وإحراج الدول الراعية والممولة له خاصةً بعد وصول الهجمات الإرهابية إلى قلب أوروبا بحيث لم يعد الغرب مستعداً لتغطية تلك الدول كما كان يفعل من قبل.
– إجبار النظام السعودي – وهو أبرز الأطراف المتورطة بالحرب على سورية- على تغيير مخططاته إثر إخفاقه في القضاء على الدور السوري وهذا ما ترجمته عاصفة «الحزم» على اليمن، ومن تداعياتها التغييرات الأخيرة في المناصب القيادية داخل الأسرة الحاكمة بالمملكة (وطي صفحة سعود الفيصل كما طويت سابقاً صفحة زميله القطري حمد بن جاسم) ليس رغبة في الإصلاح وإنما «دفاع عن البقاء» كما تقول /الغادريان/ البريطانية.
– حرمان الكيان الصهيوني من الحصول على أمنه المنشود بسبب إسقاط قواعد الاشتباك في الصراع معه وفتح جبهة الجولان، ومنع تصفية القضية الفلسطينية.
– تفعيل دور محور المقاومة ورفع مستوى التنسيق والتعاون العسكري والاقتصادي بين دمشق وبغداد وطهران، بالإضافة إلى تعزيز الموقف التفاوضي لإيران حول ملفها النووي.
– تراجعات سياسية «بالجملة» وانفتاح دبلوماسي وأمني لافت حيال دمشق كتعبير عن رغبة «المجتمع الدولي» باحتواء الأزمة وهي تدخل عامها الخامس على خلفية القلق من المد الإرهابي.
ومع الملاحظة أن ملف المصالحات الوطنية قطع أشواطاً مهمة لرفض الشعب توسع التيارات التكفيرية ورغبته في توقف هذه الحرب، من الضروري التنبه في ظل التطورات الحساسة الراهنة إلى قدرة الجيش العربي السوري على المستوى الإستراتيجي باستعادة المناطق التي احتلها الإرهابيون، وخصوصاً أن إشارات محور المقاومة تؤكد عدم السماح بتغيير موازين القوى وسيقدم «كل ما يلزم لتعزيز الصمود السوري» وضمان النصر مهما بلغ حجم الدعم الإقليمي والدولي للإرهابيين.
ولا شك أن منصة جنيف3 – وتحضيرات انعقادها جارية على قدم وساق بمشاركة إيران وعلى قاعدة أن «الرئيس الأسد يمثل جزءاً من الحل»- ستثبت بأن الدولة السورية لم تسقطها الموجات الإرهابية المسلحة، ولن تسقطها الحرب الدعائية المتعددة الأدوات والأهداف.