اقتصاد

فساد (محلى) بالسكر التمويني!!

علي هاشم : 

 

ثمة فساد كبير يعصف بملف الدعم التمويني، فساد فريد في استسهاله وتواطؤ الساكتين عنه، إذ لو صحت البيانات المعلنة عن كميات السكر الموزعة في العام الماضي ونصف الحالي، لسهل على المرء توقع حجم الفساد الهائل الذي طالما أثقل كاهل الموازنة العامة!!.
وفق أكثر التقديرات السكانية تفاؤلا، يعيش في سورية اليوم 18 مليون مواطن، وإذا ما اعتمدنا منهجية (الحصول على السكر المدعوم) كمنهجية للتعداد، فتبعا لكمية الـ308 آلاف طن سكر التي وزعتها مؤسسة (استهلاكية) في 2014 بمعدل 12 كغ للفرد، كان تعدادنا آنذاك قرابة 27 مليون نسمة؟!.. هذا العام تناقصنا!، فطبقا لـ130 ألف طن التي وزعت عن النصف الأول لـ2015، انخفض عددنا لقرابة 22 مليوناً؟!.. احتمال الخطأ وارد في الرقم الأخير، فقياسا لعدد الشاكين عدم حصولهم على سكرهم المدعوم، لكننا الآن 27 مليونا أو أكثر لو هم حصلوا عليه؟!
ليس في الأمر أحجية «عويصة»، فإن كان رقم الـ18 مليوناً يعبر حقاً عن عددنا بمن فينا سكان المناطق الخاضعة لسيطرة (القاعدة) ومن ضمنهم عشرات آلاف إرهابييها، ولو احتسينا جميعا كؤوس الشاي المحلاة بالسكر الحكومي طيلة نصف العام المنصرم، فهذا يعني أننا استجررنا 98 مليون كغ!!.. الـ30 مليون كغ الباقية نهبها فاسدون باسم 9 ملايين مواطن وهمي، تماما كما فعلوا العام الماضي ونهبوا 100 مليون كغ.. ليست أحجية، هي بسيطة بالفعل؟!
الرقم الصادم بحقيقته، يبدو سبباً مقنعاً لاستعجال رئيس مجلس الوزراء اجتماعا مع (فريق الحكومة الإلكترونية) في اليوم التالي لما نشرته «الوطن» الأسبوع الماضي حول الفضيحة «لسكر زيادة»، لكن الخواء الذي علقت فيه (حكومتنا الإلكترونية) منذ سنوات، وعجز فريقها عن «ألكترنة» ولو مشروعاً واحداً، يرسخ الاعتقاد أن ما خلص إليه الاجتماع ذاك، لم يكن على قدر «الخلل».
وفي ظل العجز المنهجي والمتوقع لمرجعيتنا (التقانية)، تبدو الطريق سالكة أمام حل «البطاقات التموينية المؤتمتة» الذي طرحته (هيئة التخطيط) ووزارة التموين.. سؤال اليوم التالي يتعلق بقدرة المشروع على منع تكرار الفضيحة؟!
وفق الصيغة المقتضبة التي نسبت لكلتا المؤسستين، وقوامها طباعة (قسائم ورقية بعلامات أمنية)، يجد المرء صعوبة في تلمس (الأتمتة) ضمن الحل.
ومن دون الأخيرة، يمكن الجزم بأن قضية الفساد ستتوقف (تكتيكيا) ريثما يستجمع الفاسدون والمتحالفون معهم داخل «استهلاكية» الموارد اللازمة للانطلاق مجدداً… الاتهام الأخير لبعض «استهلاكية» يؤكده ضبط عشرات الأطنان من السكر المهرب معبأة بأكياسها الأصلية!!..
ما يتمناه المرء أن يكون للفظة (الأتمتة) بعد واقعي واف يتخذ من الحلول الرقمية الشبكية أرضية له، بما يسد الطريق أمام ولادة متجددة للفساد بالارتكاز إلى ما أتاحته الحلول الرقمية (ذاتها) من قدرات مقابلة.. غير ذلك، سيكون الأمر كلعبة كراسي على طاولة الشاي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن