كوريا الديمقراطية.. التهديد والسيناريو المرجح
| تحسين الحلبي
من الصعب الاعتقاد أن يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعد مع فريقه العسكري والاستراتيجي منذ توليه الرئاسة خطة لحل النزاع الأميركي المزمن مع بيونغ يانغ، وإذا ما قرر في اللحظة الأخيرة توجيه أي عمل عسكري ضدها فإن خطة هذا العمل ستكون معدة في عهد أوباما، كآخر الخيارات أو أسوأ الاحتمالات في موضوع النزاع مع بيونغ يانغ.
ولذلك، أثار إرسال حاملة الطائرات الأميركية وبعض القطع البحرية والغواصات إلى منطقة الكوريتين، تساؤلات كثيرة وتكهنات حذرة حول هذا التطور غير المسبوق في السنوات السابقة. فروسيا أعلنت في بيان رسمي أنها «تشعر بقلق شديد جداً من إمكانية لجوء الإدارة الأميركية إلى فرض حل أحادي أميركي عسكري في شبه الجزيرة الكورية التي تضم الكوريتين»، وأضاف البيان: إن موسكو تريد أن تعرف نيات واشنطن تجاه وكيفية تعاملها مع قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بالموضوع النووي الكوري الديمقراطي. وبالمقابل أعلن الرئيس الكوري الديمقراطي كيم جونغ أون أن «بلاده تقترب من حافة الحرب مع الولايات المتحدة» وقامت الصين بنشر 150 ألفاً من قواتها على حدود كوريا الديمقراطية، وتحاول الصين مع كوريا الجنوبية، إطفاء فتيل أي نار قد تندلع، فقد أعلن الجانبان أنهما اتفقا يوم الاثنين الماضي على فرض عقوبات قاسية على كوريا الديمقراطية إذا ما نفذت اختبارات لصواريخ بعيدة المدى.
يبدو أن تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الأخيرة أمس بأن المجموعة البحرية الهجومية اتجهت نحو تلك المناطق البحرية لأغراض عامة وليس بالتحديد لشن هجوم، هو ما دفع الكثيرين لتفسيره على أنها محاولة للتقليل من نسبة القلق المتصاعدة لدى روسيا والصين ودول أخرى أعربت لترامب عن رفضها لأي حل عسكري مع دولة نووية مثل كوريا الديمقراطية.
يشير محللون مختصون بشؤون منطقة شبه الجزيرة الكورية وبحر الصين أن الإدارة الأميركية قد تكتفي بالعملية التي استعرضت فيها قواتها البحرية، وأرعبت المنطقة من إمكانية شن حرب تقليدية قد تتحول إلى نووية بينها وبين بيونغ يانغ، لفتح بوابة مقترحات صينية روسية كورية جنوبية يابانية، فطوكيو وسيئول ليس من مصلحتهما أبداً انتقال النزاع الكوري الكوري أو الكوري الديمقراطي مع اليابان إلى حل عسكري قد تدفع ثمنه العاصمتان اليابانية والكورية الجنوبية، وهذا ما هدد به رئيس كوريا الديمقراطية في أكثر من مناسبة حين كان الرؤساء الأميركيون يهددونه بغزو عسكري أو بضربة نووية، فكيم جونغ أون كرر قبل فترة بأنه سيطلق صواريخه النووية على اليابان وكوريا الجنوبية إذا ما قررت واشنطن تنفيذ أي عمل عسكري ضد بلاده، ولذلك قد تلجأ واشنطن إلى الاكتفاء بالتهديد الذي بلغ أقصى درجات الاستعداد للعمل العسكري ضد بيونغ يانغ والتسليم بما يمكن أن تقوم به سيئول وطوكيو وبكين وموسكو في هذا الموضوع.
ويبدو أن الاتحاد الأوروبي، الذي رفضت دوله الأعضاء في مؤتمر «الدول السبع الكبار-G7»، زيادة فرض العقوبات على روسيا، وهو المطلب الأميركي الذي طرحه وزير الخارجية ريكس تيلرسون على الاجتماع، يدل على أن أوروبا لم تقدم أي ضوء أخضر أو تفهم لحل عسكري أميركي ضد كوريا الديمقراطية.
وهذا يعني في النهاية أن إدارة ترامب لن تكون جادة في تهديداتها بالهجوم العسكري على كوريا الديمقراطية، وقد تكتفي بالإعلان بأنها ستطيل زمن تحرك هذه القطع البحرية في منطقة المياه الكورية والصينية بانتظار نتائج الحل غير العسكري لهذا الموضوع، ويرجح هذا السيناريو، على أي سيناريو آخر، لأن السيناريوهات الأخرى ستحمل كارثة على منطقة شبه الجزيرة الكورية واليابان وبحر الصين.