سورية

شدد على ضرورة توافر «الرغبة والصدق» في من يريد مكافحته.؟

جددت دمشق التعبير عن «انفتاحها» على مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيل حلف دولي إقليمي لمواجهة الإرهاب، مؤكدة ضرورة توافر «الرغبة والصدق» لدى أعضائه. جاء ذلك على لسان نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، الذي أعرب أمس عن غبطته برؤية من تورطوا في الحرب على سورية «يحجون» إلى العاصمة الروسية موسكو لـ«الاعتراف» بقلقهم من تمدّد خطر الإرهاب إلى بلدانهم، مؤكداً أن ملاقاة روسيا لهم بمبادرة تهدف إلى تأسيس «حلف في وجه الإرهاب» «يفرح» سورية خصوصاً وأن ذلك يأتي نتيجة لصمودها وحسن إدارة شؤون الحرب والأدوار فيها، كما «يفرحها» أن يكون الحلّ لأزمتها «أساسه مبادرة روسية كانت (هي) أول من اطلع على تفاصيلها»، وعبر عن انفتاح دمشق «بكلّ إيجابية» على هذه المبادرة، وانتظارها «الأفعال» التي تترجم استشعار الدول لخطر الإرهاب.
المقداد، أكد أن سورية، «وبالتفاهم مع حلفائها»، ستواصل حربها المفتوحة على الإرهاب، والانفتاح والاستعداد لتطوير كلّ فرص إيجابية لحلف يضمّ «الراغبين الصادقين» بمكافحته، إضافة لمواصلة السعي نحو حلّ سياسي يفتح الباب لمصالحة وطنية ويوسع القاعدة الشعبية لمكافحة الإرهاب، بالترافق مع تطوير المبادرات الديمقراطية التي تنطلق من الدستور.. وتجعل الدولة بمؤسساتها الإطار الجامع لكلّ المكوّنات التي يتشكل منها الشعب السوري، وشدد على أن سورية، ماضية نحو «النصر الأكيد والقريب». والأسبوع الماضي، طرح بوتين على نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم أوراق تحالف دولي إقليمي لمواجهة تنظيم داعش، مؤكداً أن «السعودية وتركيا والأردن»، أعطت «إشارات» لموسكو تدل على استعدادها للإسهام في مواجهة داعش.

سورية أنشأت حلفها بـ«الصبر والمثابرة» واختارت حلفاءها بحرية
وفي مقال مطول نشرته صحيفة «البناء» اللبنانية أمس، أشار المقداد إلى أنه «وخلال أربع سنوات ونصف السنة من الحرب على سورية تقابل حلفان، انقسم العالم بينهما»، مؤكداً أن أحد الحلفين «يملك المال والسلاح والأطماع ويعمل لإسقاط سورية» و«متحرّر من موازين القيم»، والحلف الآخر من دول مستقلة «تتوسطه سورية لا قدرة له على المنافسة بالمال والسلاح والمقدرات، وتقيّد حركته حسابات المصالح الوطنية لدوله ومصالح شعوبها».
وأشار إلى أن سورية عملت على إنشاء حلفها، غير الموجود في البداية، بـ«الصبر والمثابرة والاستثمار على صمودها من جهة، ووضوح الصورة بكلّ أبعادها من جهة أخرى، واستنهاض وعي شعبها وقدراته من جهة ثالثة»، مؤكداً أنه «في النهاية حلف، حدّدت سورية قواه منذ البداية من موقع فهمها لطبيعة الحرب وأهدافها والقوى المتورّطة فيها والأدوات المستخدمة لتحقيق أطماعها».
وأكد نائب وزير الخارجية والمغتربين أن سورية حدّدت حلفاءها بـ«اختيارها وتقديرها وحساباتها» وتحدث عن «جبهة واسعة من الدول والحركات السياسية على مساحة العالم»، يتقدمها «مثلث، يضمّ روسيا، كدولة رائدة في مفهوم الاستقلال الوطني وهي واحدة من الدول الكبرى في العالم، وإيران، الدولة المستقلة الصاعدة إقليمياً بقوة خيارها الاستقلالي، وحزب اللـه القوة الشعبية التي تمثل روح المقاومة العربية التي تملك إرادة الاستقلال الوطني وتعبّر عنها».

تحول الوضعين الدولي والإقليمي مرادف لصمود سورية في وجه غزوة القرن 21
واستذكر المقداد مواقف هؤلاء الحلفاء «يوم جاءت الأساطيل الأميركية إلى البحر المتوسط بنيات العدوان والحرب على سورية قبل عامين.. وكيف ولد التفاهم على الحلّ الدبلوماسي للسلاح الكيماوي السوري.. ومعارك القصيْر ويبرود والقلمون، لافتاً إلى دعم الحلفاء لـ«اقتصاد سورية وجيشها وموقفها السياسي» في المقابل «إسهام صمود سورية في صناعة مشهد إقليمي دولي جديد منح الحلفاء فرص الدفع نحو تغيير نمط العلاقات الدولية والإقليمية باتجاه صيغ تتسع فيها شروط شراكة الدول المستقلة في صياغة القرارات الدولية والإقليمية».
وأضاف: «من سيؤرّخ لمرحلة التحوّل الكبير في الوضعين الدولي والإقليمي، حيث يقول أصدقاؤنا الروس بثقة أن لا قدرة للولايات المتحدة على حلّ أي أزمة في العالم بمفردهم بعد اليوم، ويتصرّف أشقاؤنا الإيرانيون باعتبارهم قوة إقليمية عظمى لا يمكن تجاهلها في كلّ ملفات الشرق الأوسط، وكيف يعيد حزب المقاومة صياغة موازين الردع في وجه كيان الاحتلال والعدوان، سيضع كلّ ذلك مرادفاً للحرب التي صمدت واستبسلت فيها سورية شعباً وجيشاً ورئيساً في وجه غزوة القرن الواحد والعشرين التي تعادل حرباً عالمية ثالثة».

سورية فرحة بـ«محجة» من تورطوا
في الحرب ضدها على موسكو
وغامزاً من قناة توافد مسؤولين في دول الخليج العربي إلى العاصمة الروسية مؤخراً، قال المقداد: «اليوم، وقد بدأ الذين تورّطوا في الحرب على سورية يرون في موسكو محجة لهم، ويقدّمون على كرسي الاعتراف فيها، وأمام قادتها شهاداتهم بالقلق من تمدّد خطر الإرهاب إلى بلدانهم، ويستشعرون أن سورية تخوض الحرب بالنيابة عنهم وعن العالم حتى لو لم يعترفوا بذلك، وتتقدّم موسكو لملاقاتهم بمبادرة لحلف في وجه الإرهاب، فهذا يفرح سورية بأن يكون صمودها وحسن إدارة شؤون الحرب والأدوار فيها قد أوصل الذين تورّطوا بالحرب إلى موسكو يقصدونها حائط مبكى وكرسي اعتراف».
كما عبر عن «فرح» سورية بأن يكون الحلّ فيها «أساسه مبادرة روسية كانت أول من أطلع على تفاصيلها وأول من بارك وانفتح على مضامينها، تأسيساً على الثقة بصدق نيات وصوابية منهج صاحبها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صديق سورية ورئيسها وشعبها» لكنه أوضح أن سورية «المنفتحة بكلّ إيجابية على هذه المبادرة تنتظر اليوم لترى الأفعال التي تترجم معنى استشعار خطر الإرهاب، بوقف هذه الدول لكلّ أشكال التمييز بين الإرهابيين (معتدلين ومتطرفين)، والكفّ عن العبث بالرهان على استخدامهم في وجه سورية، وإيقاف كلّ أشكال التسهيلات الممنوحة لهم مالاً وسلاحاً وإعلاماً وملاذاً آمناً».

سورية لا تستطيع أن تضمّ إلى جبهة المنتصرين من يصرّون على البقاء في جبهة المهزومين
وأكد المقداد أن سورية، بالتفاهم مع حلفائها على مساحة العالم وفي مقدمتهم روسيا وإيران وحزب الله، «ستواصل في آن واحد حربها المفتوحة على الإرهاب حتى اجتثاثه من سورية وإعادة بسط سلطة الدولة وجيشها وأجهزة أمنها وحدها فوق هذا التراب، وفي الوقت نفسه الانفتاح والاستعداد لتطوير كلّ فرص إيجابية لحلف يضمّ الراغبين الصادقين بمكافحة الإرهاب على مستوى العالم والإقليم»، إضافة إلى «مواصلة السعي إلى حلّ سياسي يفتح الباب لمصالحة وطنية ويوسع القاعدة الشعبية لمكافحة الإرهاب لتضمّ المعارضة الوطنية بكلّ مكوّناتها، وتطوير المبادرات الديمقراطية التي تنطلق من الدستور وتمنح مؤسساته المزيد من مصادر القوة الشرعية والشعبية، وتجعل الدولة بمؤسساتها الإطار الجامع لكلّ المكوّنات التي يتشكل منها الشعب السوري».
وأشار المقداد إلى عدم وجود أحقاد لدى سورية أو رغبة في الانتقام والتشفي سواء من العرب الذين دعموا الإرهاب أم من السوريين المغرر بهم. وقال: إن «سورية، الماضية نحو نصرها الأكيد والقريب، لا تريده نصراً على أي من الأشقاء بمن فيهم من ظلموها وآذوها ولا كذلك على أي من السوريين بمن فيهم الذين ألحقوا الضرر ببلدهم وفتحوا أبوابه لكلّ أنواع التدخلات»، وأردف قائلاً: «لكن سورية لا تستطيع أن تضمّ إلى جبهة المنتصرين من يصرّون على البقاء في جبهة المهزومين، كما لا تستطيع المساومة على استقلالها وسيادتها، القيمتان اللتان سقط من أجلهما آلاف الشهداء والجرحى».

سورية تدعو لأخذ العبرة من مقارنة بين حلفها وحلف الحرب عليها
وفي الختام، أشار المقداد إلى أن سورية «وهي تمضي إلى نصرها وتراه نصراً لحلفائها معها، باستيلاد قواعد جديدة حاكمة للمعادلات الدولية والإقليمية الجديدة، تدعو إلى أخذ العبر من مقارنة بسيطة عادلة ومنصفة، بين مشهد حلفين تقابلا منذ بداية هذه الحرب، حلف لم يكن جاهزاً لها ولا يملك مقدرات خوضها، وتقيّده الأخلاق والقيم وحسابات مصالح شعوب دوله، وحلف يمتلئ مالاً وسلاحاً ومقدرات حتى التخمة، وقراراته سهلة بلا حساب للقيم والأخلاق ومصالح الشعوب، وخططه جاهزة»، وأضاف متسائلاً: «أيّ من الحلفين يبدو الأثبت والأشدّ تماسكاً واقتراباً من بلوغ النصر؟».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن