شؤون محلية

المرضى النفسيون «العيب» يمنعهم مراجعة الطبيب

| درعا- الوطن

بات عاديا أن تشاهد أشخاصا يمشون في الطريق فرادي وهم إما يحدثون أنفسهم أو يضحكون أو حتى تدمع عيونهم، كما أصبح من غير المستغرب ألا يستهجن أغلبيتنا مثل هذه الحالات لأنها قد تحصل مع أحدنا أو حصلت فعلا، والسبب في كل ذلك لا يحتاج إلى عناء في تبيانه فالحرب الظالمة التي تشن على بلادنا خلفت العديد من الآثار والمشكلات النفسية التي اشتملت على جميع شرائح المجتمع بفئاته العمرية المختلفة، وكثيرا ما تدور أحاديث عن انتشار حالات الخوف والقلق والانعزال والعداء والكوابيس والتبول اللا إرادي.
وأشارت بحرج إحدى السيدات اللواتي تمت مصادفتهن عند العيادة النفسية والعصبية بمجمع العيادات الشاملة في درعا أن إحدى قريباتها مصابة بالاكتئاب وتفاقم وضعها كثيراً ضمن الأحداث وهي تعاني من عدم مقدرتها على التكيف مع محيطها والظروف الراهنة الصعبة، كما أنها كانت تمتنع عن مراجعة العيادة النفسية وبعد جهد جهيد حضرت طالبة عدم الكشف عن حالتها لأحد، مضيفة: إنها عندما تستخدم الدواء الموصوف من الطبيب المختص تتحسن لفترة ثم تنتكس عندما تشتد وتيرة الحرب، وروى شخص آخر عن وجود جار له مصاب بالفصام ولأنه يرفض الذهاب إلى الطبيب لأخذ الدواء اللازم حالته دون تحسن، بينما ذكر غيرهما أن ابنه في الصف الرابع من مرحلة التعليم الأساسي أصيب بسلس بولي نتيجة الخوف والقلق نتيجة لسقوط القذائف في محيطه.
لدى البحث عن مؤشرات ومعطيات تبين واقع الحالات النفسية المرضية السائدة في الظروف الراهنة زارت «الوطن» العيادة النفسية والعصبية في مجمع العيادات الشاملة في مدينة درعا وأكد أخصائي الأمراض النفسية الدكتور أحمد خالد كثرة الحالات المصابة بنوبات الاختلاج والاكتئاب والقلق والهوس وغيرها من المشكلات النفسية العصبية المختلفة التي توجد عند جميع الفئات العمرية وخاصة منهم الأطفال والنساء.
وبين خالد أن سجل العيادة يحصي يوميا نحو 16 مراجعاً، لافتا إلى أن مثل هذه الحالات موجودة في الظروف الطبيعية لكن بنسب قليلة، أما في ظل الحروب والأزمات فإنها تزداد وتتفاقم نتيجة الخوف والهلع والاضطرابات النفسية والعصبية وغيرها التي لا يستطيع بعض أفراد المجتمع التكيف معها أو استيعابها وتحملها، والأسوأ من ذلك امتناع الكثيرين منهم عن مراجعة الطبيب المختص لوجود الاعتقاد السائد عن جهل بأن ذلك عيب ويسيء للشخص اجتماعيا، علما أن هذه الحالات هي حالات مرضية مثلها مثل غيرها من باقي الأمراض العضوية ولها علاجها، وينبغي عدم الاستمرار على هذا الحال لأنه يعني استمرار الحالة المرضية بل تفاقمها.
تجدر الإشارة إلى أن مصادر متدربة على الدعم النفسي نصحت بضرورة التخلص من عامل الخجل لتلقي العلاج المناسب، بالتوازي مع تفعيل أنشطة الدعم النفسي من المنظمات والجهات العاملة في الشأن الإغاثي، وتفعيل الدور شبه الغائب للإرشاد النفسي والاجتماعي في القطاع التربوي وتنفيذ أنشطة تولد لدى الطفل الشعور بالطمأنينة وتعريفه بأن هناك من يعمل على حمايتنا، وكذلك بعث الأمل لديه بأن الأزمة التي نعيش مقبلة على الانتهاء قريباً لتعود الحياة إلى طبيعتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن