قضايا وآراء

ثمار الانتصار

| عمار عبد الغني 

بوصوله إلى الحدود العراقية واستعادته مساحة تقدر بأكثر من 20 ألف كيلو متر مربع من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، يثبت الجيش العربي السوري من جديد أنه القوة الوحيدة القادرة على دحر الإرهاب، كما يؤكد إخفاق وتلاشي محاولات التنظيم لإنهاك سورية لتكون لقمة سائغة مسلوبة القرار السيادي، وكرة تتقاذفها وتتقاسمها الدول الكبرى.
إن صمود الجيش والشعب والقيادة السورية في وجه هذه الهجمة الشرسة وغير المسبوقة بتاريخ البلاد، جعلها في هذه المرحلة تبدأ بجني ثمار صمودها، والدليل على ذلك الإنجازات المتسارعة على كل جبهات القتال، واتساع خرائط المصالحات لتشمل معظم التراب السوري، والأهم من ذلك منعكسات إخفاق إسقاط سورية على محور مصنعي وممولي الإرهاب الذي بدأ يبحث عن كبش محرقة قبل أن ينفض يديه ويتنصل من دعم التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها.
«محاربة الإرهاب أولوية وقطر ثَبُت أنها داعم رئيس للإرهاب»، هذا ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أن دشن، على غير عادة الرؤساء الأميركيين، زياراته الخارجية بالقمة التي حضرتها له الرياض من خلال احتفال كرنفالي ليفرغ خزائنها مما تراكم فيها من مليارات خلال السنوات الماضية، وذلك ثمناً للسكوت وعدم لفت الانتباه إليها كداعم أساسي للإرهاب ليس في بلادنا ومنطقتنا فحسب، بل في العالم بأسره.
وحتى يكتمل السيناريو الذي يحفظ لأميركا ماء الوجه أثناء تنفيذ الانعطافة الكبرى، تمت التضحية بـ«قطر» كونها الحلقة الأضعف في الخليج وتزاحم السعودية على لعب دور إقليمي في العالم الإسلامي، ووضع كل الأخطاء في رقبتها وتبييض صفحة ما تبقى من ممالك وإمارات.
وعليه باشر حكام السعودية والإمارات والبحرين بتنفيذ المخطط المرسوم بداية بتوجيه أصابع الاتهام إلى قطر ودعوتها إلى الكف عن دعم الإرهاب وطلبوا منها شروطاً تعجيزية من خلال الزج بشخصيات ومؤسسات تابعة للأسرة الحاكمة في قائمة الداعمين للإرهاب تمهيداً للخطوة التالية لإزاحة تميم عن الحكم والإتيان بآخر يطيع الأوامر لإعادة الأمور إلى نصابها وإنهاء المسرحية المكشوفة وإخراج الإمارة الصغيرة من المشهد السياسي وإبقائها على حالها كحليف تستخدمها واشنطن كدفتر شيكات حين الطلب.
ولأن ما يحدث من تبدل في السياسة هو منعكس لما آلت إليه مقتضيات الميدان، فإن ما يحصل في الخليج، هو منعكس لإنجازات الجيش العربي السوري الذي وجه ضربة شديدة للمشروع الإسرائيلي والأميركي والغربي، ولم تثن اعتداءات «تحالف واشنطن» على مواقعه عن استكمال مهمته ووصوله إلى الحدود العراقية، حيث سيتمكن ومن خلال تعزيز التعاون مع الجيش العراقي إلى السيطرة على كامل الحدود خلال فترة وجيزة، وبالتالي القضاء على أحلام واشنطن في إيجاد موطئ قدم لها في البادية السورية كانت تريدها ورقة تلعب بها لإطالة أمد الحرب وإعاقة الجيش من استكمال مهمته، وعندما فشلت في ذلك اقتضى الأمر اتخاذ خطوة استباقية بإجراء تغيير في الخليج وحرق الورقة القطرية كمقدمة لتنفيذ الاستدارة الكبرى نحو محاربة الإرهاب بشكل جاد وتجفيف منابع تمويله قبل عودة «الجهاديين» إلى بلادهم بلاد المنشأ.
إذاً بيادق قطر خارج رقعة الشطرنج، وعلى من كان يحلم بأن يكون سلطاناً جديداً، أن يتلمس رأسه وربما لن تنفع محاولته بدرء الأخطار عن رقبته عبر إرسال بضع آلاف من جنوده إلى الدوحة لإعادة التاريخ إلى الوراء وترميم الشرخ الحاصل، وبالتالي كما كانت سورية في مرحلة سابقة رافعة للدور التركي والقطري في المنطقة سيكون انتصارها سبباً رئيسياً في إعادتهما إلى حجمهما الطبيعي والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن