ثقافة وفن

خمس سنوات على رحيل «أنطوني كوين العرب» … حضّر قبره قبل وفاته وكتب عليه: هنا منزل خالد تاجا .. اعتبر أحد أفضل خمسين ممثلاً في العالم حسب مجلة التايم الأميركية

| وائل العدس

قبل خمس سنوات، عُلقت الآمال في أن يخرج الفنان الكبير خالد تاجا من المستشفى سليماً معافى بعد أن رقد في العناية المركزة لأسبوعين، لكن وبعد أن سارت شائعات حول صحته.. جاء الخبر اليقين والمحزن بأن قلبه قد توقف وأوقف معه مسيرة وعطاءات وطموحات عملاق الشاشة السورية.
وقد عانى الفنان تاجا سرطاناً في الرئة وفقد الأوكسجين خلال أيامه الأخيرة، وهو ما استدعى خضوعه لعملية تنفس اصطناعي قبل أن يوافيه القدر.
حضّر تاجا قبره بنفسه وكتب عليه «مسيرتي حلم من الجنون، كومضة شهاب زرع النور بقلب من رآها لحظة ثم مضت»، كما حمل جملة «منزل الفنان محمد خالد بن عمر تاجا من مواليد عام 1939».

واعتبر أحد أفضل خمسين ممثلاً في العالم عام 2004 حسب مجلة التايم الأميركية و(أنطوني كوين العرب) حسب ما لقبه الشاعر الراحل محمود درويش لكنه ظل يفضل لقب (تاجا الشامي) وأن يدعوه الناس به.
وكان الفنان الراحل قد قرر أن يكتب قصة حياته ليحولها إلى مسلسل درامي، وعلل السبب أن حياته فيها الكثير من الآلام والصعوبات والإصرار والعمل على تحقيق الهدف، وهي تستحق أن تجسد بعمل فني درامي يستفيد منها كل من يعاني صعوبات في حياته ويقرر بعدها أن يبدأ من جديد ويحقق النجاح، لكن الموت كان أسرع من هذا المشروع الشخصي.

سيرة حياته
في سن الثامنة من عمره، اكتشف أنه مولع بالرسم، وأُغرم بخيال الظل. وفي العاشرة، بدأ يتردد على مسارح دمشق السبعة كـ «النصر» و«الرشيد» و«الأندلس».
أدى بطولة عملين مسرحيين من تأليف وإخراج أحد أساتذته في المرحلة الثانوية في خمسينيات القرن الماضي. ثم انتقل عام 1956 إلى فرقة «المسرح الحر» مع توفيق العطري وضمت نخبة من الفنانين الكبار أمثال صبري عياد، وحكمت محسن، وأنور البابا وكان يرأسها الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي. وقدم حينها عدداً من أدواره على الخشبة لينتقل بعدها إلى الكتابة والإخراج المسرحيين.
ومن أعماله في هذا المجال «بالناقص زلمة»، و«خدام الأكابر» التي شارك في بطولتها أيضاً. كما ألف مسرحية «المجنون» التي لم تبصر النور بسبب الظرف المادي السيئ الذي عاناه بعد وفاة والده.
وفي عام 1965، اختاره المخرج اليوغسلافي بوشكو فوتونوفيتش لبطولة فيلم «سائق الشاحنة» الذي أنتجته «المؤسسة العامة للسينما» في دمشق عام 1966 ليليه العديد من الأفلام مثل «أيام في لندن»، و«الفهد»، و«خيرو العوج» و«العار».
بعدها، ابتعد تاجا عن العمل الفني 12 عاماً بعدما اكتشف أن السرطان أصاب إحدى رئتيه بسبب ولعه بالتدخين، ما أدى إلى استئصال الرئة. لكن بعد عودته، لم يعد أحد يدعوه للمشاركة في أي عملٍ. لكن في أواخر السبعينيات، وقف معه الفنان طلحت حمدي ليعود مجدداً إلى العمل.
في هذه المرحلة، قدم أكثر من مئة مسلسل بعدما كان التلفزيون قد وصل إلى بيوت معظم السوريين.
وفي ما يخص حياته الشخصية، تقول شقيقته: «كان محباً يتعلق بكل فتاة تحبه. والدليل أنه تزوج أربع مرات بعد قصص حب». وتضيف: «كان يعشق زوجته الأولى كثيراً ولطالما تحدث عن جمالها في أحاديث الذكريات». لكنها توفيت باكراً في حادث سيارة. أما الزوجة الثانية فلم يستطع أن يكمل معها العام وانتهت بالانفصال كحال زوجته الثالثة.
أيضاً، تزوج من سيدة هولندية لكنها قررت العودة إلى بلادها لتتصل به لاحقاً وتخبره بأنها حامل بفتاة. وعند ولادتها اتصلت به مجدداً لتخبره بأنها وضعت فتاة وأطلقت عليها اسم ليزا. ومنذ ذلك اليوم، لا يعلم عن ابنته سوى اسمها الذي كان يردده دوماً، حتى أنه كان يمازح شقيقته ويقول لها: «تخيلي أن أذهب إلى هولندا وأرى فتاة وأعجب بها وأحبها. وعندما أقرر الزواج منها أكتشف أنها ابنتي».

جوائز عديدة
نال الفنان الراحل العديد من الجوائز منها: تكريم في مهرجان بودابست بلجيكا 2010، والميدالية الذهبية في مهرجان دمشق السينمائي التاسع، والجائزة الذهبية لأفضل ممثل في مهرجان القاهرة الحادي عشر، ودرع تكريمي عن دوره في مسلسل التغريبة في أبو ظبي 2005، جائزة لجنة التحكيم للدراما السورية أدونيا 2005 ودروع مختلفة من جهات عدة: نقابة الفنانين السوريين، وزارة الإعلام، وزارة الثقافة.

مذكرات خاصة
لم تكن حياته بعيدة عن الأدوار التي جسدها في العديد من المسلسلات. امتزج فيها الفرح والحزن حتى في أيامه الأخيرة.
كان تاجا قد باشر كتابة مذكراته متناولاً سيرته منذ ولادته في دمشق عام 1939 وصولاً إلى أهم الخطوات في مسيرته الفنية والشخصية كقصص الحب التي عاشها لأنها محطة مهمة في حياته كما كان يقول قبل الرحيل. علماً أنه كان يفكر في ترجمة حياته إلى مسلسل تلفزيوني يضيء جوانب مؤلمة عاشها بموازاة نجاحه وشهرته عربياً وحتى عالمياً.

إرث لا يفنى
ترك الفنان الراحل خالد تاجا إرثاً فنياً عظيماً لن ينسى ستنهل منه الأجيال الفنية القادمة وتتعظ بدروسه.
وقدّم تاجا قبل وفاته ما يقارب مئة عمل ابتداءً من عام 1988 وحتى نهاية عام 2012، ووصلت أعماله إلى الذروة عام 2008 بمشاركته في عشرة أعمال دفعة واحدة بعد أن بدأ مشواره الدرامي بعمل واحد، أما تفاصيل بعض الأعمال وفق السنوات فجاءت كالتالي:
عام 2011: عائلة أبو حرب، الدبور (الجزء الثاني)، كشف الأقنعة، يوميات مدير عام (الجزء الثاني)، الزعيم، العشق الحرام، أسعد الوراق.
عام 2010: لعنة الطين، الخبز الحرام، أبو جانتي، أبو خليل القباني، الدبور (الجزء الأول).
عام 2009: زمن العار، قاع المدينة، طريق النحل، الحصرم الشامي (الجزء الثالث).
عام 2008: أهل الراية، أولاد القيمرية، يوم ممطر آخر، الحصرم الشامي (الجزء الثاني)، ليس سراباً، وحوش وسبايا، طوق الياسمين، شركاء يتقاسمون الخراب، الحوت، حارة عالهوا.
عام 2007: ظل امرأة، الحصرم الشامي (الجزء الأول)، على حافة الهاوية، وصمة عار، خالد بن الوليد، زمن الخوف، حكم العدالة.
عام 2006: غزلان في غابة الذئاب، أيام الولدنة، على طول الأيام، وشاء الهوى، كسر الخواطر، مشاريع صغيرة، سفير فوق العادة.
عام 2005: عصي الدمع، ملوك الطوائف، أشواك ناعمة، رجال ونساء، الغراب، بقعة ضوء (الجزء الخامس).
عام 2004: التغريبة الفلسطينية، عشتار، رجال تحت الطربوش، حاجز الصمت، القادم الغريب، الطوفان.
عام 2003: ربيع قرطبة، الشتات، الهروب إلى القمة، بنات أكريكوز.
عام 2002: صقر قريش، الفصول الأربعة (الجزء الثاني)، ردم الأساطير، أقبية الموت، عمر الخيام.
عام 2001: سر النوار، صلاح الدين الأيوبي، الجدار الأسود، تمر حنة، شام شريف، أسرار المدينة، الزير سالم.
عام 2000: نساء صغيرات.
عام 1999: الفصول الأربعة (الجزء الأول)، نساء صغيرات، دنيا، آخر أيام التوت، رقصة الحبارى، أزهار الشتاء.
عام 1998: النصابون، ياقوت الحموي، الثريا، سفر.
عام 1997: عودك رنان، البحر أيوب.
عام 1996: المحكوم، مدير بالصدفة.
عام 1995: يوميات مدير عام (الجزء الأول)، نهارات الدفلي، المتبقي، فارس في المدينة.
عام 1993: نهاية رجل شجاع.
عام 1992: أيام شامية، جريمة في الذاكرة، الدغري.
عام 1990: هجرة القلوب إلى القلوب، البناء 22.
عام 1988: دكان الدنيا.
وعلى الصعيد السينمائي ترك تاجا 17 فيلماً سينمائياً وهو رقم استثنائي لفنان استثنائي، أما تفاصيل الأفلام فهي كالتالي:
عام 1966: سائق الشاحنة.
عام 1970: رجال تحت الشمس.
عام 1972: الفهد، بنات آخر زمن، زواج بالإكراه،
عام 1973: عروس من دمشق، ذكرى ليلة حب.
عام 1974: العار، حب وكراهية، فاتنة الصحراء، غراميات خاصة.
عام 1975: عرس التحدي.
عام 1993: آه يا بحر، شيء ما يحترق
عام 2009: الليل الطويل.
عام 2011: دمشق مع حبي، الشيخ والبحر.
كما شارك في العديد من الأعمال المسرحية مثل«بيت الآجار، الناس اللي تحت، الطلقة الأخيرة».

قبل الرحيل
غيب الموت تاجا قبل إكمال دوره في مسلسل «الأمّيمي» للمخرج تامر إسحاق وحل عوضاً عنه سلوم حداد، ومشاركته في مسلسل «طاحون الشر» لناجي طعمة والجزء الثاني من «أبو جانتي»، وقبل أن يقص شريط العمليات التصويرية لفيلم «مريم» للمخرج باسل الخطيب، ومسلسل «سيت كاز» للمخرج زهير قنوع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن