قضايا وآراء

حكام الغرب المنافقون

| تحسين الحلبي 

نشرت المجلة الإلكترونية «دويتشيه فيليه» الألمانية دراسة أمس أعدها أحد مراكز الأبحاث البريطانية الرسمية تحت عنوان: «السعودية هي من يصدر التطرف لدول كثيرة من ضمنها ألمانيا».
وتكشف هذه الدراسة أن العائلة المالكة السعودية تلعب دوراً كبيراً في نشر التطرف التكفيري بين المسلمين من خلال «دعوتها الوهابية» ونفوذها المالي من أرباح النفط.
وتقول سوزان شرويتر التي نشرت هذه الدراسة: إن الأبحاث عن دور السعودية في نشر الإرهاب التكفيري بدأت تزداد بعد العمليات الإرهابية التي نفذتها مجموعات داعش والقاعدة وغيرها في بريطانيا، وإن «جمعية هنري جاكسون البريطانية» للأبحاث والدراسات أعدت تقريراً ووثائق عن الدعم المالي الذي تقدمه العائلة المالكة السعودية للمجموعات الإرهابية التكفيرية في بريطانيا نفسها.
وذكر التقرير أن العائلة المالكة السعودية هي أكبر دولة قدمت الأموال لهذه المجموعات وبلغت قيمة ما قدمته خلال خمسين عاماً أكثر من 86 مليار دولار بموجب الوثائق التي استند إليها هذا التقرير.
وتعترف سوزان شرويتر أن هذا الرقم المالي الضخم لم يفاجئها، فالكل في الغرب وأوروبا يعرف أن السعودية تصدر الفكر الوهابي الإرهابي الذي يعد فكر داعش والقاعدة مستمداً منه.
لكن الواضح بموجب سجل تاريخ حكام الغرب وهذا الدور السعودي، أن الجميع كان يقبل من هؤلاء الحكام وخلال السنوات الخمسين، أن تقوم العائلة المالكة بهذا الدور لأنها كانت توظف الفكر الوهابي لشن الحروب ضد المناهضين لسياسة الاستعمار الغربي في البلدان الإسلامية والعربية، وهذا ما قامت به السعودية حين كانت الدولة التي ترعى هي وحكام بريطانيا، جميع الحركات الإسلامية، وتنشر الفكر الوهابي في صفوفها بوساطة المال الوفير الذي اعتادت تقديمه للإخوان المسلمين بموافقة بريطانية أميركية، وللمجموعات الأفغانية التي شنت الحروب الإرهابية على الاتحاد السوفييتي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تنشر مراكز الأبحاث في الغرب هذه المعلومات والأرقام لجمهور الغرب والرأي العام؟ وهل قرر حكام الغرب الآن تخفيض مستوى التحالف مع هذا الإرهاب التكفيري الذي تقوده عائلة مالكة وتنشره بوساطة أموال النفط في مختلف أرجاء العالم؟
يبدو أن حكام الغرب أدركوا أنهم فشلوا في حصر هذا الدور الإرهابي على دول في المنطقة وعجزوا عن منع انتقاله إلى داخل بلدانهم وبيوتهم، فقرروا بعد أن دفعوا ثمناً في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا ودول كثيرة تقييد حركته نحوهم، وتعترف شرويتير في دراستها الألمانية أن عدد الأعضاء المنتمين إلى مجموعات الفكر الوهابي التكفيري في ألمانيا بلغ 10 آلاف بموجب التقرير الذي نشرته وكالة المخابرات الألمانية ومكتب «حماية الدستور الألماني»، أما في بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الاستعمارية التقليدية التي كان كل منها يستعمر خلال القرن الماضي دولاً إسلامية إفريقية وآسيوية كثيرة، فقد جرى توظيف حكامها لشن عمليات الإرهاب على حركات التحرر الوطنية والقومية الديمقراطية في العالم العربي، ولذلك يمكن الاستناد إلى هذه الدراسات والأبحاث في مقاضاة هؤلاء الحكام الذين ساعدوا العائلة المالكة السعودية وغيرها من العائلات الحاكمة في المنطقة على تقديم الدعم المالي وغير المالي للمجموعات الإرهابية التي ارتكبت المذابح في سورية ومصر والعراق واليمن والجزائر وليبيا وتونس، وكلها دول علمانية قاومت شعوبها الاستعمار وحلفاءه من الحركات الوهابية والإسلامية المتشددة، فلماذا يمكن للأميركي أن يقاضي المسؤولين السعوديين بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن التي جرت في 11 أيلول 2001 ولا يمكن لضحايا الإرهاب الذي شنته حكومات الغرب مقاضاة الغرب الذي تحالف مع حكام السعودية ضد هذه البلدان العربية وشعوبها؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن