ثقافة وفن

حكي بحكي عن البرلمان السوري .. الإعلام بكل مكوناته جزء من تاريخ بلدنا وذاكرة وطن..

| شمس الدين العجلاني

تاريخنا يعبق بالقصص والحكايا، وبالمواقف الوطنية الصلبة والمواقف الطريفة.
صحفنا ومجلاتنا أيام زمان روت العديد من سير وأخبار رجالات السياسة من نواب المجلس النيابي، وهي تدل على مدى وعي آبائنا وأجدادنا للحياة البرلمانية كما تابعت جرائدنا أيام زمان كل صغيرة وكبيرة تخص النواب والمجلس النيابي، وكان مجلس النواب آنذاك مشرّعاً أبوابه لكل الصحف والمجلات، وكان النواب على تواصل مستمر مع رجال الصحافة.
لنبدأ الحكاية ونقرأ بعضاً من صحافة أيام زمان، لنقرأ حكايا الطرافة وبعضاً من حكايا عراقة بلادنا، وسير وأخبار البرلمان ورجال البرلمان أيام زمان!

المرأة السورية والانتخابات البرلمانية
منذ بداية الحياة البرلمانية السورية في العصر الحديث عام 1919م، وموضوع مشاركة المرأة السورية تحت قبة البرلمان على بساط البحث، ولكن مشاركتها في الانتخابات والترشح تأخرت إلى نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي، ففي عام 1949م منحت المرأة السورية حق الانتخاب، وفي عام 1953م، صدر دستور جديد لسورية وأشار في إحدى مواده إلى أن الناخبين ذكوراً وإناثاً هم المواطنون الذين أتموا الثامنة عشرة من عمرهم في أول كانون الثاني من العام الذي يتم فيه الانتخاب، ويحق لكل من يتمتع بحق الانتخاب أن يرشح نفسه للنيابة على أن يكون في الخامسة والعشرين من عمره وأن يكون متعلماً وكان هذا أول دستور يمنح المرأة حق الترشح مثلها مثل الرجل تماماً، ولكن لم تصل أي امرأة إلى البرلمان حتى زمن الوحدة بين مصر وسورية عام 1958 من خلال مجلس الأمة وكان ذلك عام 1960 وحصلت امرأتان من أصل 200 عضو من الإقليم الشمالي وهما جيهان الموصلي ووداد الأزهري على عضوية «البرلمان» مجلس الأمة.
بعد الانفصال تراجعت الحقوق السياسية للمرأة التي نالتها في عهد الوحدة فاحتفظت المرأة بموجب الدستور المؤقت بحق الانتخاب دون حق الترشح الذي جرى حصره بالذكور فقط، وبعد ثورة 8 آذار 1963 عُدّل الدستور ونصت المادة 33 منه على تعيين أعضاء المجلس الوطني «البرلمان»، وعلى هذا الأساس منحت 8 مقاعد للسيدات من أصل 95 مقعداً في المجلس المشكل عام 1965، وفي عام 1966 ازداد عدد أعضاء المجلس إلى 134 عضواً بينهم 13 سيدة.
وفي عام 1971 شكل أول مجلس شعب بالتعيين، نالت المرأة فيه 4 مقاعد وكان من أهم أهدافه وضع دستور جديد للبلاد، وتنامى بعدها دور المرأة في المجالس التشريعية حتى وصل إلى نسب عالية تفوق نسب مشاركة المرأة في العديد من الدول العربية والأوروبية.

الطوابع والبرلمان السوري
واكبت الطوابع السورية المراحل النضالية للبرلمان السوري، فصدرت أول مجموعة للطوابع تحمل رسماً للمجلس النيابي قبل انتهاء بنائه «على هيئته الحالية» وفي مرحلته الأولى عام 1932م زمن رئيسه صبحي بركات، هذه المجموعة تتألف من 6 طوابع يحمل كل طابع لوناً واحداً «أخضر، برتقالي، أحمر..»، وحددت قيمة الطابع بالقروش السورية، وكتب عليه اسم الجمهورية السورية، والمجلس النيابي وذلك باللغتين العربية والفرنسية، وصمم وطبع في فرنسا فالتصميم كان من قبل م. ي شيري «M. Y CHERIY» وباقي العمليات الفنية تمت في معهد الحفر الفرنسي.
في عام 1948م صدرت عدة مجموعات من الطوابع التي تحمل رسماً للبرلمان وبمناسبات وطنية مختلفة، فصدرت مجموعة طوابع تحمل صوراً للرئيس شكري القوتلي بمناسبة إعادة انتخابه رئيساً للجمهورية، واثنان من هذه الطوابع يحملان صورة للقوتلي وبجانبه رسم لمجلس النواب وحين انتهت المرحلة الثانية من بناء البرلمان صدرت طوابع كتب عليها ذكرى إعادة انتخاب الرئيس شكري القوتلي، جمادى الآخر 1367 – نيسان 1948، كما طبع اسم الجمهورية السورية بالعربية وكلمة سورية بالفرنسية، وقيمة الطابع 12 قرشاً ونصف. وفي 17 آب من العام نفسه أدى الرئيس القوتلي يمين القسم، فقامت الجهات المعنية في البريد بتوشيح الطابعين المذكورين باللون الأحمر بعبارة «ذكرى القسم 17 آب 1948»، ولكن لأسباب لا نعرفها لم تستعمل هذه الطوابع وأتلفت باستثناء عدد قليل جداً منها لذا تعتبر من أندر الطوابع السورية وأغلاها سعراً لدى الهواة. وفي 5 أيلول من عام 1950 صدرت مجموعة طوابع «طابعان» بلون أزرق والآخر رمادي، تحمل رسماً للبرلمان على هيئته الحالية وعبارة ذكرى دستور 5 أيلول 1950، وقيمة الطابع الأول 25 قرشاً، والثاني 12 قرشاً ونصف. وفي زمن الوحدة السورية – المصرية صدر طابع عام 1960 بمناسبة عيد الجلاء يحمل رسماً للبرلمان أثناء الاعتداء الفرنسي الوحشي عليه في 29 أيار عام 1945م كما يحمل عبارة نطلب الاستقلال التام، واسم الجمهورية العربية المتحدة، باللغتين العربية والإنكليزية وقيمته 12 قرشاً ونصف، وحين وقع الانفصال عن مصر بتاريخ 28-9-1961م صدرت مجموعة طوابع «طابعان» باسم الجمهورية العربية السورية وتحمل رسماً لسدة رئاسة البرلمان وكتب عليها الآية الكريمة «وأمرهم شورى بينهم»، الطابعان بلونين مختلفين الأول أحمر فاتح والثاني أخضر فاتح وقيمة الأول 15 قرشاً والثاني 35 قرشاً.

الأحزاب والكتل في المجلس السوري
كانت الأحزاب السياسية في عام 1955م ممثلةً في مجلس النواب على الشكل التالي: 32 نائباً عن حزب الشعب- 16 نائباً عن حزب البعث العربي الاشتراكي- 13 نائباً عن الحزب الوطني – 24 نائباً عن الكتلة الديمقراطية- 22 نائباً عن العشائر والكتلة الدستورية- 4 نواب عن الكتلة الإسلامية و28 نائباً مستقلاً.

بدوي الجبل والشهابي يهجوان نواباً
ذكرت ثريا الحافظ، وهي أول سيدة سورية ترشحت للانتخابات البرلمانية عام 1953م ولم تفز بعضوية البرلمان، في كتابها (الحافظيات) أنها وجدت بين أوراقها على قصاصة ورق كتبها الأمير مصطفى الشهابي، وكان قد حدثها بفحواها عندما كان وزيراً عام 1942م، وأنه حين كان يحضر جلسة في المجلس النيابي وكان الشاعر الكبير بدوي الجبل يحضر هذه الجلسه وهو نائب عن محافظة اللاذقية، فأرسل خلال انعقاد الجلسة إلى العلامة الأمير الشهابي بالبيتين الآتيين:‏
ما قول مولانا الأمير بمجلس‏
جمع الغباء طريفه وتليده‏
وبسادة لولا السنون وحكمها‏
كانوا بقانون الزمان عبيده‏
فأجابه الوزير الشهابي:‏
الله يعلم أن شاعر شامنا – يبدي من الرأي الحكيم سديده‏
هذي النوائب لو تركن وشأنها – هدمت قديم بنائها وجديده‏.

من منع دخول السلاح إلى مجلس النواب
عندما كان سعد الله الجابري رئيساً للمجلس النيابي، شاهد قائد حامية البرلمان من الشرطة يدخل قاعة اجتماعات المجلس النيابي ويتدلى على جنبه مسدسه، فصاح في وجهه: اخرج من هنا… وإياك أن تدخل حرم المجلس ومعك أي سلاح.
ومذاك اليوم وتلك الحادثة منع إدخال السلاح إلى قاعة اجتماعات مجلس النواب. وأصبح تقليداً معمولا به.

مظاهرات البعث
ذكرت مجلة الصياد في عددها رقم 558 تاريخ 30 أيلول 1954 بمناسبة الانتخابات البرلمانية أنه: اتسمت مظاهرات حزب البعث الاشتراكي في دمشق بالمثالية العقائدية فكان يقف من بين الجمهور أحدهم صائحاً «أمة عربية واحدة» فيرد الجمهور وراءه «ذات رسالة خالدة».

الصحفيون والمعارك الانتخابية
خاض عدد كبير من الصحفيين انتخابات مجلس النواب عام 1954م نذكر منهم: حبيب كحالة، وديع صيداوي، ومنير الريس عن دمشق وأحمد قنبر ومحمد طلس عن حلب وسعيد التلاوي عن حمص، وقد انسحب قبيل المعركة نكاية بالناخبين والصحفي الوحيد الذي نجح هو حسين الشعباني عن قضاء جبل سمعان!!

الدعاس يطالب بتحديد المهر
في جلسة مجلس النواب المنعقدة يوم 17-5-1944م تقدم نائب القلمون عبد الحكيم الدعاس باقتراح بقانون لتنظيم شؤون الزواج، ومما تضمنه تحديد المهور إلى ثلاث فئات، الفئه الأولى، ألف ليرة سورية، الفئه الثانية 500 ليرة سورية، الفئه الثالثة 250 ليرة سورية، كما تضمن الاقتراح منح تعويض عائلي لموظفي الدولة مقداره 15 ليرة سورية عن كل فرد من العائلة.

فسخ ثلاث نيابات
أصدرت المحكمة العليا في دمشق قراراً بإبطال نيابة كل من أسعد هارون ونوفل الياس لثبوت شرائهما الأصوات أثناء الانتخابات. كما ألغت نيابة فضل اللـه الجربوع نائب السويداء لأنه يجهل القراءة والكتابة.
كانت السلطة الرابعة ومازالت وثيقة مهمة لحقبة تاريخية ومرجعاً لأحداث وسير وحكايا تطول مختلف أوجه الحياة للمجتمعات على اختلاف مشاربها وجنسياتها في هذا العالم، الذي تسارع التطور فيه إلى تكنولوجيا المعلومات والأخبار التي يمكن رصدها على مدار الساعة على مواقع نت، تحمل الخبر ونقيضه، لكن تبقى الكلمة المكتوبة على صفحات الجريدة وثيقة تحمل مسؤولية كاتبها، الإعلام بكل مكوناته جزء من تاريخ بلدنا وذاكرة وطن.
ويحكى ويحكى عن نواب أيام زمان؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن