ثقافة وفن

معرض «الأقصى في عيوننا» في صالة الشعب … معاون وزير الثقافة: الرسالة واحدة رغم التهديدات المتزايدة لتهويد القدس وإلغاء هويتها الحضارية

| سوسن صيداوي

لأن القضية يجب أن تبقى راسخة في الذاكرة، ولأن من يتمسك بقضيته هو إنسان له مبدأ، لا يقبل الهوان ولا حتى المساومة، ولأننا نحن السوريين، كنا ومازلنا مع أصحاب القضية الفلسطينية، ولأن هناك توجهاً إعلامياً يشوه الحقائق ويسيء إلى كل القضايا الأساسية الراسخة والمتجذرة، وخاصة فيما تشهده المرحلة والحدث الراهن لانتفاضة الأقصى، لذا كان من الضروري دائماً الدعوة للتمسك بالقضية والمحاربة والنضال من أجلها، كل حسب مضماره. لهذا كان للفنانين التشكيليين السوريين والفلسطينيين نشاط من خلال ريشتهم وألوانهم ولوحاتهم، في الوقوف والتعبير عن رأيهم بما يدور من أحداث عبر معرض «الأقصى في عيوننا» الذي أقيم برعاية وزير الثقافة محمد الأحمد، وتم افتتاحه بالتعاون بين اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين واتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين في صالة الشعب للفنون الجميلة بدمشق.

المعرض صرخة احتجاج
افتتح معاون وزير الثقافة علي المبيض المعرض بحضور كوكبة من الفنانين التشكيليين، حيث أبدى إعجابه باللوحات المقدمة والتي هي من أعمال كبار الفنانين التشكيليين السوريين والفلسطينيين، مشيراً إلى أهمية هكذا معارض وضرورتها وخصوصاً في ظل الحدث الراهن «في هذا المعرض الرسالة واضحة من الفنان الفلسطيني والفنان السوري، فالتاريخ واحد والمصير واحد، والمخاطر التي تجمعهم واحدة، هذا إضافة إلى التلاحم الاجتماعي والثقافي والجغرافي، وبالتالي الرسالة واحدة، وخصوصاً ضمن هذه المرحلة الخطرة وضمن التهديدات المتزايدة والمتسارعة لتهويد مدينة القدس، وإلغاء هويتها الثقافية والحضارية، وفصلها عن واقعها ومحيطها الإنساني، لذلك أنا أجد هذا المعرض صرخة احتجاج سوريّة فلسطينيّة، وبياناً فنياً ملوناً يجمع الفنان الفلسطيني والسوري كي يقول يجب أن نهتم بقضية القدس وقضية فلسطين ويعود إلى المواضيع التي تهم قضيتنا العربية، في الحقيقة القدس عزيزة علينا سواء كنا سوريين أو فلسطينيين، فالفنان السوري والفنان الفلسطيني تجمعهما قواسم مشتركة، وتاريخية لذلك الموضوع مهم وتزداد أهميته خلال هذه الأحداث الأخيرة التي يمر بها المسجد الأقصى، والمعرض يضم أسماء مهمة في الساحة التشكيلية ويضم حالة إبداعية حسب وجهة نظر الفنان، الذي من خلال لوحاته نعلم بأن طموحه ليس له حد ولا يمكن أن يؤطره ضمن عمل، لذلك نجد الكثير من الأعمال ذات المستوى العالي فنيا والمعبرة عن الحدث الذي يمر به الأقصى في الوقت الحالي».

من دمشق نحو الأقصى
شارك الفنان التشكيلي بديع جحجاح في معرض الأقصى في عيوننا من خلال لوحته التي تجسد الشكر والتذكر إضافة إلى أمور أخرى تسمو بالمرء كي يكون إنسانا راقيا بعقله الذي خصه اللـه به، حيث قال: «اليوم أمام ما تعرضه الميديا، عندما نقول الأقصى، نجد كم أصبح الأقصى بعيداً عنا، ولكننا نحن كجيل عايش هذه المحنة، وتربينا عليها وأصبحت قضيتنا الحقيقية. وبالنسبة لمشاركتي في المعرض تتلخص في لوحتي التي تتكلم عن تميّز الإنسان عن باقي المخلوقات بعقله الذي يجب أن يكون منتجا، وأهم إنتاج فيه هو حالة التفكر، وعندما نقول حالة التفكر نقصد بذلك قيم التأمل وكيف يمكننا أن ندافع عن قضايانا ذات البعد العميق والقيمة الإنسانية، وفي اللوحة أيضاً دعوة للتذكر والتمسك بأصالة ما لدينا، وبالشكر والحمد للنعم التي يمتلكها المرء حتى لو لم يبلغ أهدافه. إذا اللوحة عبارة عن رباعية تدفع الإنسان السوري والعربي إلى حقيقة بأن نوجه البوصلة نحو الأقصى.. من دمشق».
القضية والمرأة
تحدثت الفنانة التشكيلية رندة تفاحة عن مشاركتها في المعرض وعن لوحتها قائلة: «مشاركتي في هذا المعرض كعضو للفنانين التشكيليين الفلسطينيين، كي نثبت وجودنا ودعمنا لكل قضايا الشعب الفلسطيني، فدائما هدفنا أن تظل القضية في أذهاننا وأذهان الأجيال القادمة، وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها القدس كانت لوحتي تعبر عن القدس بالذات، حيث جسدت في اللوحة المرأة باعتبارها الأرض وأم الشهيد وأخته، وهي في نفس الوقت التي تحافظ على القدس وتربي الأجيال على القضية، وبالنسبة للألوان التي استخدمتها، هي الألوان التي تعبر عن الأرض سواء أكانت ألواناً ترابية هادئة أم ألواناً حارة مشرقة كي أعبر عن التمسك بالأرض».

القدس شرف وكرامة العرب
ومن الفنانين التشكيليين كانت لوحة الفنان التشكيلي والخطاط الدكتور محمد غنوم الذي في لوحته يعتبر الحرف العربي هو الحامل لهموم العصر، متابعا «رغم كل الجهود المبذولة من معارض من أجل قضية القدس، نحن نبقى مقصرين، وهذا المعرض هو كلمة صغيرة من الفنانين التشكيليين سواء أكانوا فلسطينيين أم سوريين، كي يقولوا نحن متشبثون بالقدس إلى أقصى الدرجات وبنفس الوقت القدس ليست فقط رمزاً دينياً بل هي شرف وكرامة للأمة العربية، وفي نفس الوقت أي معرض في هذا الوقت العصيب هو محاولة لإزاحة القبح الذي يريد الأعداء تعميمه، فأي ظاهرة فنية هي ظاهرة للجمال، وتأكيد على هوية القدس العربية، وأنا شاركت بالمعرض من خلال لوحة «موطني» والتي أجدها متناسبة مع هذه التظاهرة الفنية، وهي ضمن سلسلة حيث أعتمد الحرف العربي الذي أجده قادرا على حمل هموم العصر وهو بنفس الوقت بما يحويه من مخزون موسيقي وديناميكية عالي المستوى، وأيضاً رهافة في الإحساس، فهو جزء من هويتنا البصيرة الحقيقة لنا نحن العرب، ولوحتي «موطني» من خلالها أنا أحب أن أتغنى بموطني من خلال الحرف واللون».

أبواب الأقصى.. باب الرحمة
من بين الفنانين التشكيليين المشاركين كان الفنان إبراهيم مؤمنة الذي تحدث قائلاً: «المعرض بعنوان الأقصى في عيوننا وهو معرض تشاركي بين اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين والفنانين التشكيليين الفلسطينيين، وهو تحية لانتفاضة الأقصى الذي هو علم عالمي للقوى الثورية العالمية، فشباب الأقصى مهما قدمنا لهم لا يقارن بما يقدمونه من صبر وجلد، فهم يقاومون بالحجر والسكين ونحن نقاوم باللون والريشة، وبالنسبة لمشاركتي في المعرض من خلال لوحة «باب الرحمة». حيث صورت أحد أبواب المسجد الأقصى وهو «باب الرحمة» الذي أغلقه الاحتلال العثماني في فلسطين، لأن الثوار في عهد الاحتلال العثماني كانوا يخرجون منه، أما بالنسبة إلى الألوان التي استخدمتها فإنها تبعث إلى الأمل والحياة ومشاعر الحرية، وفيها تجسيد للتلاحم بين الأديان».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن