سورية

تقدم الجيش نحو المدينة يضع اتفاق «شرق غرب الفرات» على المحك … الأعين كلها على دير الزور

| أنس وهيب الكردي

أعلنت روسيا بشكل لا لبس فيه أن العمليات العسكرية في سورية التي يقودها الجيش العربي السوري وحلفاؤه هدفها الوصول إلى مدنية دير الزور أحد أكبر معاقل تنظيم داعش الإرهابية المتبقية في الهلال الخصيب.
وتوصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري عقب إطلاق روسيا عملياتها الجوية في سورية، إلى اتفاق قسم البلاد إلى مسرحي عمليات إستراتيجيين لقتال التشكيلات المحسوبة على التنظيمات التي تصنفها الأمم المتحدة على لائحتها للتنظيمات الإرهابية، الأول شرق نهر الفرات يكون من مسؤولية التحالف الدولي لقتال داعش، الذي تقوده الولايات المتحدة، والثاني غربي النهر، يكون من نصيب الجيش العربي السوري وحلفائه.
وفي عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقع خلاف روسي أميركي على تحديد إذا ما كانت مدينة دير الزور التي تقع على النهر (خط التقسيم)، وللجيش العربي السوري حامية مقاتلة حاصرها الدواعش، من نصيب التحالف الدولي أم الجيش وحلفائها. وانحسم الخلاف بعد أن قطع الجيش وحلفاؤه الطريق على التحالف الدولي والميليشيات المدعومة منه في معسكر التنف، باتجاه مدينتي الميادين والبوكمال ومنهما إلى دير الزور.
وهكذا بات المعسكر معزولاً، ولم يعد أمام الأميركيين إلا القبول بتفكيك المعسكر وإعادة قواتهم وحلفائهم من البريطانيين والنرويجيين إلى الأردن أو العراق.
وجاء اتفاق الزعيمين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب إقراراً بالأمر الواقع المتشكل حول دير الزور، واعتراف أميركي بفشل إستراتيجيتها المتمحورة حول القفز على دير الزور انطلاقاً من التنف.
وبعد سيطرة الجيش العربي السوري وحلفائه على مدينة السخنة، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس أن بوصلة الحرب في سورية مصوبة اليوم على دير الزور، واصفاً إياها بـ«إحدى النقاط الإستراتيجية على شواطئ الفرات»، معتبراً خلال حوار مع قناة «روسيا24»، وفي رد مبطن على الأميركيين، بأن تحرير المدينة سيرمز إلى هزيمة داعش في سورية.
ومن شأن وصول الجيش وحلفائه إلى دير الزور، وفك حصار داعش عنها، أن يدق مسماراً في اتفاق شرق نهر الفرات وسيجعله تالياً على المحك، إذ سيكشف عن إذا ما الاتفاق بحد ذاته خطوة تكتيكية أم إستراتيجية. ومن نافل القول إن واشنطن خرقت الاتفاق في منبج (في ريف حلب الشمالي) والطبقة (بريف الرقة الجنوبي الغربي) المدينتين الواقعتين إلى غرب نهر الفرات.
وبدا من اهتمام شويغو ووزارة الدفاع الروسية بتحرير السخنة حجم الاستثمار الروسي في المعارك الجارية من أجل تحرير البادية السورية من سيطرة داعش، حيث علق الأول على دحر داعش من المدينة الواقعة أقصى ريف حمص الشرقي، بالإشارة إلى أن مساحة الأراضي التي تمكن الجيش من تحريرها خلال الشهرين الماضيين فقط، تزيد بمرتين ونصف المرة على المساحة التي كانت تسيطر عليها الحكومة السورية عشية بدء الغارات الروسية على داعش في سورية. وبيّن أن ذلك تحقق بفضل غارات الطائرات الروسية. وبدورها، أشارت الوزارة إلى دعم سلاح الجو الروسي لعملية تحرير السخنة، مؤكدةً أن ذلك من شأنه فتح المجال أمام القوات السورية للتقدم نحو دير الزور وفك الحصار عنها.
من جهة أخرى، أشار شويغو في حديثه أمس، إلى أن الجهود التي بذلتها روسيا في الآونة الأخيرة من أجل الفصل بين العناصر المتطرفة و«فصائل المعارضة» أتاحت للجيش إرسال قوة إضافية ملموسة إلى الجبهات لقتال المتطرفين.
وقال: إن موسكو بدأت العمل منذ البداية على إقناع زملائها الأميركيين بضرورة الفصل بين المتطرفين و«المعارضة»، غير أنها لم تتمكن من المضي قدماً في هذا الاتجاه على مدى نحو عام، قبل إنشاء مناطق خفض التصعيد. وشرح أن «إنشاء مناطق خفض التصعيد يمثل ذلك الفصل الذي جرى الحديث عنه. وعندها قلنا هذه منطقة لخفض التصعيد، وهناك فيها معارضة معتدلة ومعارضة ليست معتدلة إلى الحد المطلوب ولكنها معارضة، فليس هناك قطاع طرق. وإذا ما وجد هناك هؤلاء قطاع الطرق يتعين على قوى المعارضة داخل تلك المنطقة أن يحاربوهم».
وأضاف شويغو: إن مناطق تخفيف التصعيد مفتوحة لتلقي المساعدات الإنسانية، مشدداً على أن موسكو تنتظر من منظمات دولية، ولا سيما الأمم المتحدة، تقديم دعم إلى السوريين.
وأعرب شويغو عن جاهزية موسكو لتأدية دور الوسيط وتنظيم عمليات إيصال هذه المساعدات إلى سكان مناطق تخفيض التصعيد، مشيراً إلى عملية الإعمار ستبدأ بعد ذلك، ولاحقاً، «عودة النازحين الداخليين ثم الخارجيين إلى منازلهم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن