قضايا وآراء

الأميركي في شرق الفرات إخفاق على فشل

| وسام جديد 

أسابيع قليلة كانت كفيلة برسم هزيمة جديدة لمشروع التقسيم في البلاد، عبر معركة كانت ذات أهمية إستراتيجية توازي في أهميتها معركة تحرير حلب وتزداد تلك الأهمية كلما اقترب الجيش السوري من الوصول إلى الجهة الشرقية من نهر الفرات، حيث إنه يدرك تماماً المخطط الأميركي الساعي للسيطرة الكاملة على شرق الفرات.
الجيش السوري كان سريعاً لدرجة فاجأ بها الأميركي الضائع بين ميليشيات صممها وأسسها لخدمة أهدافه، فكانت من الضعف بمكان أن انسحبت من أول مواجهة فعلية لها أمام داعش بالقرب من البوكمال، في حين سارع بعضها لبيع أسلحتها وعتادها الأميركي لتنظيم داعش ثم الفرار من ساحة المعركة، وأخرى رفضت المطالب الأميركية بتسليم سلاحها مثل «لواء شهداء القريتين» ثم فرت.
لقد جاء فك الحصار عن دير الزور سريعاً، تبعه كسر الطوق عن مطار المدينة، بالتزامن مع تحرير أهم حقول النفط وهو حقل التيم وحصار بعض من مجموعات داعش في جبل الثردة وسط فرار عناصره من مناطق الاشتباكات وتوجههم باتجاه الميادين والبوكمال.
تقدم الجيش السوري ارتسم بالقوة والثبات، وهو ما يؤكد انهيار داعش في المنطقة الممتدة من البادية إلى دير الزور وحصر ما تبقى من قادة الصف الثاني وعناصرهم، في مساحة جغرافية غير مؤمنة لوجستياً بعد خسارة التنظيم لمناطق ذات أهمية نفطية شكلت مورداً مالياً مستمراً، وعدم تمكنه من إيقاف تقدم الجيش السوري والحلفاء رغم عشرات المفخخات، ورغم الدعم المباشر الأميركي من خلال استهداف طيران التحالف عدة مرات لمواقع ونقاط الجيش السوري خاصة على محور ريف الرقة الجنوبي.
إن مشاهد نقل زوارق عسكرية وجسور متحركة من قبل الجيش السوري إلى دير الزور، يؤكد أن قرار الجيش هو الاستمرار إلى ما بعد المدينة، وأن شرق الفرات هدف أساسي له ولن يبقى بعيد المنال، فقادم الأيام يحمل في طياته تطورات ميدانية وإستراتيجية في غاية الأهمية.
الأميركي سارع إلى خلق بيئة تؤمن لمليشياته التقدم السريع باتجاه مدينة دير الزور من جهة الشرق، قبل أن يصل الجيش السوري للضفة المقابلة، ذلك كان فاضحاً لمخططاته، كما أنه كشف عن تواجد قادة تابعين له يديرون المعارك ويحركون عناصر التنظيم، والأمر كان واضحاً عبر «إنزالات جوية» لم تصطدم بأي مقاومة، ما يؤكد أن القرار الأميركي هو ضرب الهيكل التنظيمي لداعش في شرق دير الزور مع سحب كوادر تم خلقها لقيادة التنظيم، على أن يتبع ذلك عدم استقرار في صفوف التنظيم وحالة من الخوف والضعف، ما يسهل حركة ميليشياته وتقدمها باتجاه مدينة دير الزور.
يعيش حالة الفشل في تجربته داخل البادية السورية، ويعيش فشلاً أكثر في خلق ميليشيات لها قدرة على الصمود وقدرة على تنفيذ مخططاته، بل شكلت عليه وعلى حليفه البريطاني، عبئا يحاولان التخلص منهم عبر إرسال، تلك المليشيات، إلى ريف الحسكة لتصبح تحت إمرة الميليشيات الكردية وبالتالي كتلة بشرية إضافية للمعركة القادمة، وجعل تلك المجموعات غير المنضبطة تعمل تحت سيطرة المليشيات الكردية ما يمنعها من التصرف بشكل أحادي.
لا تبدو المعركة سهلة، وهي ليست كذلك، لكنها ستنتقل إلى درجة من الصعوبة تحتاج فيها الكثير من الإصرار والعزيمة والحشد العسكري والناري وحتى الإعلامي، لتأمين نصر ميداني إستراتيجي ينهي بشكل كامل المخططات الأميركية، ويعيد وصل شرق الفرات بغربه، كما أُعيد وصل شرق سورية بغربها، وكما أُعيد، قبل ذلك، وصل الشمال بالجنوب، لتنتهي هنا أحلام البعض بالتقسيم، والتي كانت مؤشراتها واضحة عبر التصريحات الأخيرة لـ«عراب الفوضى في سورية» السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن