ثقافة وفن

«عطر ياسمينك يا شام» أغنية ستُطلق قريباً … وائل فرح لـ«الوطن»: يأتي الإحباط من عدم تقدير الجهات المعنية للمغني السوري

| سوسن صيداوي

ابن البلد المغمور بالحب والأحلام، يتمسك بهويته السوريّة، مانحاً الظروف كل الأعذار، ملقياً على نفسه اللوم لأنه لم يسع جاداً لتحقيق حلمه. يلتزم بكفاحه منتظراً الفرص من بعيد، مترجياً القدر بتقديم ما يفوق الخيال، وخاصة لأن القدر تعامل وقدم للآخرين، أما عن الواقع، فيا لهذا الأسف المحزن. ابن البلد من القليل أن يُقدّم له الدعم، ومن النادر أن يتحلّق حوله الأشخاص كي يتابع في درب نجاحه، وعلى العكس تماماً، ابن البلد يحارب ابن بلده، ويسعى بكل طاقاته لإرضاء الأجانب وخاصة أن أهلهم هم الأقدر على صناعة النجوم وتوظيفها وإدرار الأموال الطائلة من إطلالاتهم ونجاحاتهم، لهذا ومن دون نقاش فهم يستحقون الأفضل والمبادرات والترحيب، بما لا يقارن مع ما يتم تقديمه لابن بلدنا. وائل فرح مغنٍ سوري، حتى اللحظة ورغم مضي أكثر من عشرين عاماً على ممارسته الغناء، إلا أنه يعتبر نفسه هاوياً. رصيده الفني لم يتعد عشر أغانٍ لأننا نفتقر لشركات إنتاج، أو لبرامج تدعم المواهب وتخلق نجوماً، أو محطات تلفزيونية وإذاعية، غير العامة، تتبنى الأصوات السورية وتفرد لها مساحة لا تتجاوز الدقائق. هذا المغني مثله مثل الكثير من الأصوات السورية التي يطيب الاستماع لها، ولكنها محكومة بقلة الاهتمام والاكتراث، وبالرغم من ذلك يحتضن حلمه، لأنه وببساطة ومهما صادف من ساعات فيها من بؤس وإحباط للواقع، فهو يحب الفن والغناء كثيراً، ولو قدّر له أن يختار مرة أخرى لاختار الفن والغناء من جديد، وهو اليوم يستعد لإطلاق أغنيته الجديدة التي سيتم تسجيلها خلال أسبوع في استديو الموسيقا في إذاعة دمشق. الأغنية بعنوان: «عطر ياسمينك يا شام» من كلمات المذيع أحمد إسماعيل، وألحان ماجد زين العابدين، وتوزيع مثنى علي.

كيف كانت البدايات في مشوار الغناء؟
منذ بداياتي حتى اللحظة وأنا أجد نفسي هاويا للفن والغناء. في المدرسة شاركت في الحفلات، مغنياً لسمير يزبك ووديع الصافي وملحم بركات. بقيت أغني في الحفلات المدرسية حتى أنهيت المرحلة الثانوية، ورغم أنني لم أكمل تعليمي إلا أنني شاركت في الحفلات الجامعية، كما شاركت في الأعراس الشعبية والصالات وهكذا حتى مشاركتي بمهرجان الأغنية السورية في عام1999. حينها كان مدير المهرجان الفنان دريد لحام، وتقدمت إلى اللجنة بأغنيتي «مالك يا زين» كلمات الشاعر العراقي جورج الياس وألحان حسام إبراهيم، وتمت الموافقة عليها من الأستاذ دريد، على الرغم من أن اللجنة رفضتها، ثم شاركت بمهرجان الأغنية السورية في قلعة حلب، طبعا هذه المشاركة فتحت لي الباب لطريق الفن، فمشاركاتي ازدادت في المهرجانات السورية مثل مهرجان المحبة، مهرجان سوار الشام في الزبداني في ريف دمشق، حفلات معرض دمشق الدولي من عام2003حتى هذا العام، وكنت قدمت خلال حفلة المعرض أغنيتي «ما وعدتيني» من كلمات محمد الباشا وألحان سامر جندلي، إضافة إلى العتابا والمواويل.

رافقت كثيرين من نجوم الوطن العربي بالكورال على المسرح.. ماذا أضافت لك هذه التجربة وخاصة أنك انطلقت من موهبتك ولم تكن أكاديميا؟
غنيت بالكورال برفقة النجوم لمدة ثلاث سنوات، منهم ملحم بركات، سميرة توفيق، نهاد طربيه، راغب علامة، غسان صليبا، مروان حسام الدين، عصمت رشيد، أحمد دوغان، علاء زلزلي، وهذا كان في بداية التسعينيات لغاية عام1994، طبعا هذه التجربة أضافت إليّ الكثير، لأنها كانت مرحلة تدريبية، جعلتني أكتسب المهارة من خلال رؤية هؤلاء الكبار على المسرح، الأمر الذي صقل موهبتي معرّفا إياي على المقامات بالألحان والأنغام، وكيف أغني بالقرار وفي الجواب، إضافة إلى التناغم والإصغاء إلى باقي الكورال معي. إذاً كانت فرصة ذهبية سهّلت علي الأمور الموسيقية ومكنتني من الوقوف على المسرح بثبات وقوة.

لك زمن طويل في مشوار الفن، ولكن رصيدك الفني ليس بكبير وحتى لم تساعدك الظروف على نشر أغانيك… على من تقع المسؤولية.. على شركات الإنتاج أو على الإعلام السوري؟
عمر مشواري الفني نحو عشرين عاما، وبالفعل إن رصيدي قليل جدا، وبحسب إمكانياتي المادية هو أقل من عشر أغان. وبالطبع في البداية ألقي اللوم على نفسي، فأنا لم أتابع دراستي الموسيقية، حتى إنني لم أتعلم العزف على العود، على الرغم من أن الكثير من الفرص كانت تأتي إلي كي تقدمني كعازف، وللأسف لم أدرك أن هذا الأمر كان سيساعدني كأداء وعمل وكمردود مادي. ولابد أن أشير أن هناك تقصيراً من وزارة الإعلام، وأنا أحد أبنائها، أتمنى الاهتمام أكثر بالنشاطات السورية المحلية وخاصة أن الظروف أخذت تتجه نحو النصر وعودة الأمان والسلام إلى بلدنا، وأتمنى منها إطلاق مهرجان الأغنية السورية من جديد ولكن بحلة جديدة مستقطبا كل المواهب السورية الشابة، وأن يكون هناك مهرجانات مكثفة وحفلات مكشوفة خاصة. هذا من جهة ومن جهة أخرى، الأغنية السورية تعاني مشكلة جوهرية، وهي الافتقار إلى شركات إنتاج تهتم بالأصوات السورية وتسعى لنشرها، فكلنا مدرك للحقيقة بأن نجومنا السوريين، وهم نجوم الوطن العربي ويتربعون على القمة، انطلاقتهم لم تكن من سورية بل كانت إما من لبنان أو مصر، هذا الواقع مؤلم جداً لافتقارنا للإنتاج الخاص القادر على صناعة نجم. هذا بالإضافة لحاجتنا لبرامج فنية تشدّ المشاهد السوري الذي يتابع دائماً البرامج الفنية الموجودة على الفضائيات العربية سواء أكانت لبنانية أم مصرية. مؤخراً انطلق برنامج «أصوات» صحيح أنه ليس بالمستوى المطلوب، ولكنه انطلاقة جيدة وهادفة لاكتشاف أصوات سورية شابة ودعمها من خلال إنتاج أغنية خاصة للفائزين وفيديو كليب، وهذا أمر يشجعهم في بداية مشوارهم الفني.

الواقع المرير للأغنية السورية ومستقبلها.. ألم يُشعرك بالإحباط أو يجعلك تفكر بالعودة إلى الماضي كي لا تختار الغناء؟
يأتي الإحباط من عدم تقدير الجهات المعنية للمغني السوري، وللأسف هناك ترحيب كبير بالمغني العربي، على حين يُعامل المغني السوري باستخفاف كبير وحتى من جهة الأجور، على حين أجور المغني العربي لا يمكن مقارنتها. أنا رجل موظف في إذاعة دمشق، وإذا لم يكن لدي شركة إنتاج تدعمني فمن أين لي الأموال كي يكون لي رصيد فني كبير، وهنا أريد أن أشكر إذاعة دمشق لأنها منحتني الفرصة كي أسجل أغنيتي الجديدة خلال الأسبوع القادم وهي بعنوان: «عطر ياسمينك يا شام». من الطبيعي أن يمر المرء بساعات من الإحباط، ولكن لو عدت للماضي لكنت اخترت الغناء مرة ثانية، لأنه أمر أحبه جدا، وأتمنى لو أن ابني «قصي» يكون لديه الميول الفنية سواء بالموسيقا أم التمثيل، فهو موهوب بعكس ابنتي «نورا»، أنا سأشجع أولادي لأنني لم أصادف من يشجعني أو يرشدني إلى الطريق الصحيح، كي أطور من نفسي وأتابع دراستي الموسيقية من خلال المعهد العالي للموسيقا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن