قضايا وآراء

نتنياهو في أميركا اللاتينية

| نعيم إبراهيم

في أول زيارة لرئيس حكومة صهيوني إلى أميركا اللاتينية، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جولة تشمل ثلاث دول هي الأرجنتين، كولومبيا والمكسيك، وبعدها سيصل في نهاية الأسبوع إلى نيويورك لإجراء لقاءات سياسية، قد يكون أحدها مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ثم إلقاء خطاب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء المقبل في 19 أيلول بحسب ما ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم».
يرافق نتنياهو حاشية تضم نحو 30 رجل أعمال من مجالات الزراعة والمياه والاتصالات والطاقة، ليجروا لقاءات تجارية واقتصادية مع أقرانهم في تلك الدول.
الزيارة بدأت الإثنين في عاصمة الأرجنتين بوينس آيريس، وتضمن جدول أعمالها لقاء بالرئيس ماوريسيو ماكري، وشارك في مراسم أقيمت بمناسبة ذكرى عملية استهدفت السفارة الإسرائيلية هناك عام 1992، والمشاركة في مراسم تكريم أبناء عائلات الدبلوماسيين الذين قتلوا خلال العملية.
قبيل إقلاع طائرته، قال نتنياهو: إنه «مدين بالشكر لـ«الشاباك» ولأذرع الأمن الأخرى على جهودها في كشف 70 خلية عسكرية فلسطينية كانت تعمل على تنفيذ عمليات لضرب أهداف إسرائيلية خلال شهري تموز وآب الماضيين».
إن صح زعم نتنياهو فإن هذا يدلل بوضوح تام، على تخوف وقلق متزايدين في الكيان الصهيوني على المستويات كافة من تصاعد أعمال المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني في أرجاء فلسطين المحتلة، الأمر الذي يعني إخفاق كل الممارسات والإجراءات الصهيونية الإرهابية بحق الشعب الفلسطيني على الرغم من آلة الحرب الفتاكة التي يمتلكها هذا الكيان اليوم.
وحذَّر خبراء صهاينة في وقت سابق من أن «استمرار التوتر على خلفية أحداث المسجد الأقصى يُنذر بمزيد من تنفيذ العمليات الفلسطينية، وإطلاق موجة تصعيد قد تمتد إلى مناطق إسرائيلية أخرى»، وهو ما دلل عليه الخبير العسكري بصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل، عندما قال: إن «جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجَّه تحذيراً إستراتيجياً للقيادة السياسية الإسرائيلية، حول احتمال اندلاع اشتعال شديد في الأراضي الفلسطينية، وهو ما تحقق فعليًّا خلال العمليات الفردية في العام ونصف العام الماضيين، وقتل فيها أربعون إسرائيليًّا في عمليات طعن ودعس وإطلاق نار».
من المؤكد أن نتنياهو سوف ينعت مجدداً أمام قادة الدول المذكورة، أعمال المقاومة الفلسطينية لكيانه، بالإرهاب، ولذلك أراد إيصال رسائل لهم قبيل مغادرته بأنه نجح خلال الشهرين الماضيين في منع سبعين خلية فدائية من تنفيذ عمليات لضرب أهداف صهيونية، وبأن دول أميركا اللاتينية والمجتمع الدولي يواجهون المنظمات الإرهابية ذاتها التي يواجهها الكيان الصهيوني، في محاولة لحرف هذه الدول عن نصرة الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني وممارساته التي تستهدف الأرض والإنسان في فلسطين المحتلة.
عادت الهبّة الشعبية الفلسطينية مجدداً إلى الواجهة بعد تصاعد العمليات الفدائية الفلسطينية الفردية، خلافاً للانطباعات التي حاولت سلطات الاحتلال إشاعتها في الآونة الأخيرة حول خبوّ الهبة الفلسطينية وموتها دون عودة، وهو ما يريد نتنياهو اليوم إفهامه للعالم وتحديداً لدول أميركا اللاتينية، حيث زعم مصدر صهيوني «أن عشرات الشباب الذين اعتقلتهم «الشاباك» الإسرائيلي هذه السنة خططوا لتنفيذ عمليات بالأسلوب الذي رأيناه مؤخراً في أوروبا، مثل إطلاق النار بلا تمييز في التجمعات السكانية، منفذين انتحاريين للعمليات، عمليات دهس مثل الشاحنة في نيس في فرنسا». وخلص هذا المصدر إلى أن الأحداث الأخيرة «إشارة تحذير يحظر الاستخفاف بها. فأحد السيناريوهات المعقولة لانفجار المواجهة المسلحة بين إسرائيل وأعدائها يبدأ بموجة عنف في الضفة أو في القدس، ينتقل إلى قطاع غزة وإلى مواجهة عسكرية مع القطاع، ومن هناك تشتعل أيضاً جبهة لبنان.
عندما يتحدث قائد الجبهة الداخلية عن سقوط 230 ألف صاروخ في اليوم على إسرائيل، فإن ذاك المنفذ الفرد لعملية في الخليل من شأنه أن يكون، حسب سيناريو التدهور لدى الجيش الإسرائيلي، هو المحفز لسلسلة التفجير.
بات واضحاً أن كيان الغزاة الصهاينة يوظف هجمات أوروبا لتجريم المقاومة الفلسطينية، ورئيس حكومته نتنياهو يحاول الربط بين هجمات تنظيم داعش وهذه المقاومة، فالتوظيف الصهيوني الرسمي لكل حادث إرهابي تتعرض له المدن الأوروبية، استحضر دوماً هذه العمليات الفلسطينية، وحاول إيجاد ربط صريح وواضح بين مكوناتها، فكانت خطابات الإدانة تركز دوماً على القواسم المشتركة بين أوروبا وكيان الاحتلال في مواجهة ما يسمى «التطرف الإسلامي»، والتضامن مع الضحايا على اعتبار أن كيان الاحتلال «ضحية» هجمات مشابهة تتبع أسلوباً مشابهاً بالطعن بالسكاكين أو الدعس بالسيارات.
في كلمته أمام اللوبي الصهيوني في واشنطن «أيباك» في آذار 2016، ربط نتنياهو بين الهجمات الأوروبية وهجمات الفلسطينيين بالسكاكين والدعس لجنوده، قائلاً: إن «ما يحدث هو هجوم متواصل علينا جميعاً، ففي مختلف هذه العمليات لا شيء يمكن أن يرضيهم؛ لا في إسطنبول ولا بروكسل أو حتى الضفة الغربية، فهذا لن يكفيهم؛ وما يكفيهم هو إبادتنا جميعاً وفرض سيطرتهم المطلقة، لكن هذا يا أصدقائي لن يحدث».
لا شك أن المساعي الصهيونية لتوظيف هذه الأحداث؛ هدفها خلط الأوراق وتشويه وشيطنة المقاومة الفلسطينية التي هي حق مشروع كفلته القوانين الدولية والشرائع السماوية لكل شعب محتل.
والسؤال الآن: هل ينجح نتنياهو في إقناع دول أميركا اللاتينية بضرورة شيطنة المقاومة الفلسطينية علماً أن هذه الدول تدرك حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني وهي تواجه ذات الهجمة العدوانية عليها من الإمبريالية الأميركية وحلفائها وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني؟
يقيناً لن ينجح نتنياهو رغم أنه دخل إلى أميركا اللاتينية من أبواب الاقتصاد والتجارة والمال والأعمال ونتائج جولته سوف تدلل على ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن