ثقافة وفن

شركات الإنتاج ليس لديها إدراك بالتراث الغنائي السوري … سامر أحمد لـ«الوطن»: أصر على إيجاد الأغنية الأنيقة التي تحمل صوراً تبقى في الذاكرة

| وائل العدس

فنان شاب أعاد إحياء التراث بطريقة معاصرة، له حضور مميز على المسرح، عشق الأغنية السورية التي قدمها الراحل فهد بلان الذي كثيراً ما كان يستمع له ويشعر بالرهبة أمام عظمة صوته، كما أنه تأثر باللون اللبناني وبالعملاقين وديع الصافي ونصري شمس الدين، على حين لم يكن يسمع فيروز فقط بل كان يعيش بين أحضان أغنياتها، ومن ثم ارتبطت أذنه بكل من جوزيف صقر وزياد الرحباني.
المغني والملحن سامر أحمد حل ضيفاً على «الوطن» في الحوار التالي:

كيف تعرف عن نفسك لقراء «الوطن»؟
فنان أختص في مجال العزف والغناء، ولدت في مدينة دمشق وتنفست من عبق حاراتها وأزقتها فلامست روحي أصالتها، ومن ثم انتقلت بروحي المفعمة بتراث وأصالة دمشق الفكرية والفقهية للساحل السوري الخصب والمتنوع، باحثاً عن مفردات وجمل فنية في الطبيعة الخلابة للساحل السوري، تلامس محيطي الفني الغني بأغاني الفن الأصيل.
درست آلة العود وتتلمذت على يد الأستاذ الكبير محمود العجان والأستاذ غياث محمود والأستاذ منيف فنوت، والفنان الكبير والشاعر والملحن عصام الخطيب، وأجيد العزف على آلة البزق التي درستها بشكل فردي وشخصي.
عملت في البدايات كمدرس لآلة العود والبزق وأصول الغناء لعدة سنوات في العديد من مراكز تعليم الموسيقا الخاصة.
أعمل في مجال الغناء منذ أكثر من 28 سنة، ولدي نحو 150 أغنية خاصة، لمع اسمي في أغنيتي «مثل القصب» و«يا ورد العم تتغاوى».

رغم أنك تغني لسنوات طويلة إلا أن اسمك لم يلمع إلا بأغنيتين، فما السبب؟
السبب أنني لم ألتق الفنان عصام الخطيب إلا في عام 2002، وبعد تعاوني معه عملت على إنتاج الأغنيتين ونشرهما في الإعلام، فنالتا إعجاب واستحسان الجمهور السوري ومن ثم العربي.

لماذا لا تخاطب شركات إنتاج لتنجز أغانيك عوضاً عن الإنتاج الشخصي؟
بسبب عدم جديتهم بإنتاج أغنية تليق بالأغنية السورية والأمر يعود لأسباب، منها عدم وجود شركات إنتاج محترفة في سورية متخصصة بالأغنية، والموجود منها عبارة عن تجارب فردية تأخذ الطابع التجاري الربحي لا غير، كما أن الشركات الموجودة ليس لديها إدراك بالتراث الغنائي السوري، ولأسباب ربحية كما ذكرت تبحث هذه الشركات عن أغنية هابطة بكل المقاييس نظراً لأن هذا النوع من الأغاني يلقى الدعم من جهات عربية تبحث عن ذلك المستوى من الغناء، ولديها جمهور متلق لتلك الأغاني، وتحقق الربح من خلاله.
مادمت تنتج أغانيك بنفسك.. هل الأمر يكبدك خسائر مادية؟
أعمل منذ أكثر من عشر سنوات على إنتاج أغنياتي بشكل خاص والأمر مكلف مادياً، وبما أني متفرغ لفني فلا سبيل لتعويض الخسائر إلا من خلال الحفلات التي أحييتها، ومدخول هذه الحفلات التي أقيمها أقل بكثير من تكلفة الإنتاج الخاص بي، وهذا سبب آخر من أسباب عدم انتشار أغنياتي.

ما المعايير التي تقتدي بها لانتقاء كلمات لأغنية ما؟
ألتزم بالمعايير التي تمكن من إعادة الحالة الذوقية عند المتلقي والمستمع، فالفنانون وأنا منهم نعمل على إرضاء جميع الأذواق، إلا أنني شخصياً ما زلت أصر على إيجاد أغنية أنيقة في المفردة والجملة المرهفة وتحمل صوراً تبقى في الذاكرة ولحناً يزيد من جمالية الكلمة والجملة وإيقاعاً لا يقل أهمية عن ذلك ويكون مرتبطاً بالواقع وتطور الحياة.
ما سر قلة حفلاتك وعدم مشاركاتك بالمهرجانات؟
الحفلات كثيرة وبشكل يومي تقريباً الحمد لله، لكن من حيث النوعية وحسب رغبتي، فهي قليلة لأني دائماً أميل إلى التعامل مع المسرح أكثر، إلا أن بعدي عن دمشق هو السبب في قلة هذا النوع من الحفلات أولاً، وثانياً القائمون على حفلات كهذه يصرون على أسماء محددة تمثل لهم الحضور الغنائي السوري فقط.

كيف تصف حال الأغنية السورية الآن؟ وكيف تصف وضع الفنانين فيها؟
الأغنية السورية الحالية تضاهي أرقى الإنتاجات العربية ولكنها بعيدة بالمجمل عن الجودة في الإنتاج، ولم توثق لحالة الحرب بشكل يليق بفكرنا وقدرتنا على الصمود، على الرغم من وجود حالات تخطت كل الظروف وبشكل فردي ومن دون الحصول على أي مساعدة من أي جهة حكومية كانت أو خاصة تعنى بالإنتاج الغنائي الثقافي.
لدى الفنان السوري مشاكل كثيرة وأهمها عدم تبني نقابة الفنانين ووزارة الثقافة لهم، ومعظم التصنيفات والتقييمات تتم على قدر الوساطات والمحسوبيات لا على قدر الإبداع والإمكانات، فلستُ الفنان الوحيد الذي يعاني من هذه الحالة، وإنما الوسط الفني السوري بمختلف اختصاصاته من الغناء إلى التمثيل إلى الموسيقا إلى الرسم إلى كل فئات الفن لديهم المعاناة ذاتها.
وكي ننهض بالأغنية السورية المتنوعة والخصبة هناك عدة خطوات كل خطوة منها ترتبط بالأخرى وتعتبر متممة لها، منها أن تعمل وزارة الثقافة على النهوض الفكري بالأغنية السورية من خلال دعم الفن السوري الأصيل والفنانين الذين يؤدون هذا النوع من الفن ويمتلكون المقدرة والموهبة والتجربة، من خلال تأمين حفلات هادفة ومسارح للعموم تقام عليها تلك الحفلات.
كما يجب على نقابة الفنانين أن تستوعب الفنانين الموجودين والجدد منهم خصيصاً، بعيداً عن الوساطات والمحسوبيات وغيرها من الأسباب الأخرى التي لا يليق بنا كسوريين ذكرها، وأن تكون النقابة بيئة خصبة لهم ليطوروا فنهم من خلالها.
ويجب العمل على إيجاد شركات إنتاج سورية واعية ومدركة لأهمية الفن السوري، وأن تكون مستعدة لتقاسم الربح مع العمل الفني أولاً عبر دعم الفن السوري، ومع الفنان السوري ثانياً لإبرازه وتمكينه من الاستمرار، ومن ثم مع الممول ثالثاً حيث يحقق الربح الجيد من استثماره بالفن، وهذا يؤمن بالعموم النهوض بواقع الأغنية السورية لأن الاستثمار في مجال الأغنية ممتاز كما في الدراما والسينما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن