ثقافة وفن

في الحياة البرلمانية السورية.. مجلس الأمة الاتحادي

| شمس الدين العجلاني

مجلس الأمة الاتحادي صيغة برلمانية مرت على سورية في فترة الحركة التصحيحية، ولم تعمر طويلاً، وأردنا الحديث عنه بقليل من الإسهاب لأن الدراسات والكتب التي أرخت لحياتنا النيابية بما فيها مطبوعات مجلس الشعب وأدبياته، لم تتحدث عن هذا البرلمان، الذي كان موجوداً في عام 1972م… وهو صيغة تشريعية نيابية مرت على سورية وشارك في عضويته نواب عن سورية، وأدى اليمين الدستورية أمامه الرئيس حافظ الأسد…. وذلك زمن دولة اتحاد الجمهوريات العربية، بين سورية ومصر وليبيا.

دولة اتحاد الجمهوريات العربية
اتّحاد الجمهوريّات العربية، هو اتحاد نشأ بين الجمهوريات العربية الثلاث: سورية، ومصر، وليبيا، بموجب إعلان «بني غازي» بتاريخ 17/4/1971م في عهد الرؤساء حافظ الأسد وأنور السادات ومعمر القذافي، وقام الاتحاد بموجب إعلان دمشق يوم 20/8/1971م. واستمر الاتحاد لغاية توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد مع الاحتلال الإسرائيلي، لأن سورية وليبيا اعترضتا على هذه الاتفاقية.

مجلس الأمة الاتحادي
عقد مجلس الشعب السوري جلسة خاصة من الدورة الاستثنائية الأولى في التاسع والعشرين من آب 1971 لتلاوة كتاب السيد رئيس الجمهورية بإحالة مشروع دستور دولة اتحاد الجمهوريات العربية إلى المجلس والنظر بتطبيقه وفقا للمادة «71» من مشروع الدستور وتلا السيد أحمد الخطيب رئيس مجلس الشعب آنذاك كتاب السيد رئيس الجمهورية والمتضمن إحالة مشروع الدستور لعرضه على مجلس الشعب والنظر بتصديقه.
وأحال رئيس مجلس الشعب مشروع الدستور إلى لجنتي الدستور والتشريع، والشؤون العربية والخارجية كي تشكل اللجنتان لجنة خاصة تدرس المشروع وتقدم اقتراحاتها، ومن ثم عقدت لجنتا الدستور والتشريع، والشؤون العربية والخارجية اجتماعاً أعدت من خلاله تقريراً منفصلاً بالموافقة على كتاب السيد رئيس الجمهورية المرفق بمشروع دستور دولة اتحاد الجمهوريات العربية وبعد مناقشة مستفيضة من أعضاء مجلس الشعب تم إقرار مشروع الدستور وقامت دولة اتحاد الجمهوريات العربية عام 1971، بين كل من مصر وسورية وليبيا، وصدرت الأحكام الأساسية لاتحاد الجمهوريات العربية ونصت المادة 8/ج على قيام: مجلس الأمة في الاتحاد، ويتولى مهمة التشريع للاتحاد ويشكل من ممثلين عن مجالس الشعب في الجمهوريات.
كما نص دستور دولة الاتحاد في الفرع الثاني المادة «29» على: يتكون مجلس الأمة الاتحادي من 20 عضواً عن كل جمهورية ينتخبهم مجلس الشعب فيها من بين أعضائه.
وتكون مدة مجلس الأمة الاتحادي أربع سنوات ولا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الأمة الاتحادي وعضوية مجلس الشعب.
كما نصت المادة «31» على أن مجلس الأمة الاتحادي يعقد دورتين في العام في شهري آذار وتشرين الأول من كل عام وذلك بناء على دعوة من رئيس مجلس رئاسة الاتحاد ويجوز دعوة المجلس لدورة انعقاد ولدورة غير عادية إذا دعت الضرورة إلى ذلك بناء على طلب من رئاسة الاتحاد أو ثلث أعضاء المجلس.
ويعقد مجلس الأمة الاتحادي اجتماعاته في عاصمة الاتحاد «القاهرة» ويجوز بعد موافقة مجلس رئاسة الاتحاد أن يعقد المجلس اجتماعاته في أي مكان آخر داخل الاتحاد.

الرؤساء يؤدون القسم الدستوري
انعقد في القاهرة دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول يوم (11) آذار 1972 واستمر لنهاية يوم 10 أيار 1972.
في الجلسة التحضيرية (11 آذار 1972) اجتمع المجلس برئاسة اللواء عبد المنعم الشاذلي أكبر الأعضاء سناً، وتولى أمانة السر السيدان: خالد الخضر وإبراهيم عبيد سعيد أصغر الأعضاء سنا وحضر من سورية عدد من الأعضاء «وهم من أعضاء أول مجلس شعب شكل في سورية بعد تعطل الحياة النيابية سنوات عدة وأطلق عليه اسم «مجلس التعيين» ومنهم:
أحمد خضور– تحسين الصفدي– حسين بطيخة– محمود البكفاني– خالد الخضر– رياض العابد– شاكر برغوث– ضياء الحاج علي– إبراهيم جاد المولى– عبد اللـه شكري– علي تلجبيني– عودة قسيس– محمد إبريق– محمد خير الكيالي– محمد ضياء الملوحي– محمد علي الحلبي- مصطفى أبو زيد فهمي إضافة إلى أحمد الخطيب (سورية) رئيس المجلس الوزاري الاتحادي وفي الجلسة الافتتاحية التي عقدت يوم 2 آذار 1972 تم انتخاب الدكتور خيري الصغير (ليبيا) رئيساً لمجلس الأمة الاتحادي بـ46 صوتاً من عدد المقترعين البالغ 56 مقترعاً كما انتخب عبد اللـه شكري (سورية) وكامل مراد (ليبيا) نائبين لرئيس المجلس».
كما تم في الجلسة التاسعة التي عقدت بتاريخ 25 آذار 1972 انتخاب أمناء السر وهم:
عمر طه حداد– علي السنوسي عبد السيد– محمد عبد الحميد شاهين، وأيضاً في هذه الجلسة الافتتاحية تم أداء اليمين الدستورية من كل من الرؤساء الثلاثة (حافظ الأسد – أنور السادات- معمر القذافي).

تشكيل لجان المجلس
شكل مجلس الأمة الاتحادي عدداً من اللجان النيابية الدائمة في الجلسة الثامنة المنعقدة بتاريخ 22 آذار 1972 وهي:
لجنة الثقافة والتعليم والإعلام والبحث العلمي من 16 عضوا.
لجنة الخدمات من 22 عضوا.
لجنة شؤون السياسة العربية والخارجية والأمن القومي من 43 عضوا.
لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والتخطيط من 14 عضوا.
لجنة الشؤون التشريعية من 12 عضوا.
وفي الجلسة التاسعة المنعقدة بتاريخ 25 آذار 1972 عرضت نتائج انتخاب مكاتب اللجان على الشكل التالي:
لجنة السياسة العربية والخارجية والأمن القومي:
الدكتور مصطفى أبو زيد فهمي رئيساً (مصري)
محمود البكفاني نائباً للرئيس (سوري)
إبراهيم عبيد سعيد أميناً للسر (ليبي)
لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والتخطيط:
الدكتور محمد إبريق رئيساً (سوري)
محمود أبو النصر نائباً للرئيس (مصري)
عمر طوسون السعداوي أميناً للسر (مصري)
لجنة الثقافة والتعليم والإعلام والبحث العلمي:
علي مصطفى المصراتي رئيساً (ليبي)
حسين مصطفى بطيخة نائباً للرئيس (سوري)
محمد عيسى الباروني أميناً للسر (ليبي)
لجنة الخدمات:
محمد أحمد النبع رئيساً (مصري)
عمار أحمد الساعدي نائباً للرئيس (ليبي)
عودة قسيس أميناً للسر (سوري)
لجنة الشؤون التشريعية:
أحمد خضور رئيساً (سوري)
على مصطفى مازق نائباً للرئيس (ليبي)
عبد الحافظ نصر الزملوط أميناً للسر (مصري)

المهام التشريعية
أنيطت حسب الأحكام الأساسية لاتحاد الجمهوريات العربية بمجلس الأمة الاتحادي مهام التشريع والرقابة وحددت هذه الأحكام الأساسية مهام المجلس كالتالي:
تصدر قرارات مجلس الأمة الاتحادي بموافقة الأغلبية المطلقة لأعضائه إلا إذا اشترط الدستور خلاف ذلك، ولا يصح انعقاد مجلس الأمة الاتحادي إلا إذا حضر الاجتماع ثلثا أعضائه على الأقل، ولمجلس رئاسة الاتحاد ولأعضاء مجلس الأمة الاتحادي حق اقتراح القوانين، كما يدخل في اختصاص مجلس الأمة الاتحادي ما يلي:
أ– مناقشة وإقرار القوانين الاتحادية.
ب– مناقشة وإقرار موازنة الاتحاد.
ج- مناقشة وإقرار المعاهدات والاتفاقات التي يبرمها الاتحاد والتي يشترط هذا الدستور إقرارها من المجلس.
د– مناقشة السياسة العامة لدولة الاتحاد واقتراح كل ما من شأنه تدعيم الاتحاد وتحقيق أهدافه.
ه– توجيه الأسئلة والاستفسارات إلى الوزراء الاتحاديين.
كما أنيط بمجلس الأمة الاتحادي تنفيذ القوانين بعد التصديق عليها من مجلس رئاسة الاتحاد بالإجماع ويعمل بها بعد شهر من تاريخ نشرها بالجريدة الرسمية للاتحاد إلا إذا نص على خلاف ذلك في صلب القانون.
وللقوانين الاتحادية الأولوية على قوانين الجمهوريات فيما يتعلق باختصاصات الاتحاد، كما يجب على السلطات المختصة في الجمهوريات تنفيذ القوانين الاتحادية في إقليم كل منها ولمجلس رئاسة الاتحاد أن يعين الموظفين اللازمين لمراقبة سلامة تنفيذ القوانين الاتحادية في الجمهوريات الأعضاء وتقديم تقارير دورية إلى كل من مجلس رئاسة الاتحاد ومجلس الأمة الاتحادي.
وجلسات مجلس الأمة علنية، ويجوز انعقاده في جلسة سرية بناء على طلب مجلس الرئاسة أو ثلث أعضائه.

في مهام أعضاء المجلس
حدد مجلس الأمة الاتحادي مهام ومسؤوليات أعضاء المجلس فقرر، ألا يسأل أعضاء مجلس الأمة الاتحادي عما يدونونه من آراء داخل المجلس، ولا يجوز القبض عليهم في غير حالة التلبس إلا بإذن من المجلس، وأُصدر قانون اتحادي في بيان المزايا المادية والمعنوية التي يتمتع بها أعضاء مجلس الأمة الاتحادي، ولا يجوز لعضو المجلس أن يشغل منصباً عاماً أو وظيفة عمومية في إحدى الجمهوريات الأعضاء أو في الحكومة الاتحادية أو أن يحصل على أي ميزة غير منصوص عليها في القانون الاتحادي المشار إليه.
وتعود لعضو مجلس الأمة الاتحادي عضويته في مجلس الشعب الذي انتخبه إذا انتهت عضويته في مجلس الأمة الاتحادي لأي سبب كان، وفقا للقواعد التي ينظمها دستور جمهوريته، وإذا فقد أحد أعضاء مجلس الأمة الاتحادي عضويته في مجلس الشعب الذي انتخبه بسبب حل المجلس أو انتهاء مدته يستمر العضو في ممارسة عمله في مجلس الأمة الاتحادي حتى يتم انتخاب بديل منه.
سمح مجلس الأمة الاتحادي للوزراء الاتحاديين بحضور جلسات المجلس وأصدر لائحته الداخلية، وكانت من مهام رئيس مجلس الأمة حفظ النظام والأمن داخل المجلس.
ولمجلس الرئاسة أن يقرر حل مجلس الأمة الاتحادي على أن يتم تشكيل المجلس الجديد خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من صدور قرار الحل. وإذا لم يجتمع المجلس الجديد في هذا الموعد لأي سبب اجتمع المجلس القديم تلقائياً إلى أن تتم دعوة المجلس الجديد للاجتماع وإذا حل مجلس الأمة الاتحادي لسبب فلا يجوز حله للسبب ذاته مرة أخرى.

وبعد
على الرغم من قيام اتحاد الجمهوريات العربية، ومجلس الأمة الاتحادي، قد يصح القول إن كل ذلك بقي حبراً على ورق.. ولم يتحقق الحلم العربي في الوحدة أو الاتحاد.. ولم يتم تفعيل الاتحاد وتطبيق أهدافه كما هو مطلوب… ولكن لا بد من قراءة تاريخنا والوقوف عند القضايا والأحداث التي مرت أو عصفت بواقعنا.. وتجربة مجلس الأمة الاتحادي تجربة يجب الإضاءة عليها.
الحقيقة الوحيدة الثابتة في كل مجريات الأحداث التي مرت على منطقتنا وكل محاولات التقارب العربي في إطاره القومي، كانت سورية هي السباقة والداعمة، سورية أضاءت أول تجربة للوحدة بين سورية ومصر، ودعمت اتحاد الجمهوريات العربية، وسورية آمنت بالعروبة لكنها لم تجد الشريك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن