الأولى

ترامب في مواجهة الكونغرس

| تيري ميسان

توحد الحزبان الديمقراطي والجمهوري في 27 تموز الماضي على إجبار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على التخلي عن سياسته الخارجية، واعتمد التشكيلان السياسيان بالإجماع تقريبا، قانونا يفرض عقوبات على كوريا الديمقراطية وإيران وروسيا، كما أوقف ترامب الانتقادات التي تزعم عدم قدرته على استخدام القوة حين قصف قاعدة الشعيرات الجوية الفارغة، كما أطلق شتائمه في كل الاتجاهات، داعيا لوقف اتهامه بالتعاطف والتواطؤ مع «أعداء أميركا»، ثم أعلن على التوالي أنه يستعد لشن حرب نووية على كوريا الديمقراطية، وأنه لا يستبعد الخيار العسكري بشأن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، واتهم روسيا بالتدخل في شؤون الغير، وأغلق معظم مبانيها الدبلوماسية، وندد بالاتفاق النووي مع إيران.
لقد ساعدت هذه الحركات ترامب على ألا يفعل شيئاً يتعذر التراجع عنه فيما بعد، فبعض اليابانيين هرعوا إلى الملاجئ المضادة للسلاح النووي، قبل أن تقع حرب مع بيونغ يانغ. واعتقد الفنزويليون بوقوع انقلاب وشيك، لكن شيئاً لم يحصل.
في مقابل ذلك، فرضت روسيا عقوبات بالمثل على الولايات المتحدة، بيد أن العلاقات بين واشنطن وموسكو لا تزال مستمرة من دون عوائق.
أما فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران، فلن يصدق عليه البيت الأبيض، لكنه سيبقى قائما، وبعد ثلاثة أشهر من الفجوة الكبيرة، تمكن ترامب من إطلاق عملية للاستيلاء على الحزب الجمهوري، واستعادة هامش مناورة له داخل حزبه.
من المؤكد أنه لم يقم بتلك العملية باسمه الشخصي، تجنبا لأي اتهامات، فأوكلها لرفيق دربه، ستيف بانون، مدير حملته الانتخابية الذي أصبح على الفور مستشاره الخاص في البيت الأبيض، لكنه أُجبر على إقالته بعد ثلاثة أشهر من تعيينه، بطلب موحد من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، وها هو الآن يخوض معركته بمفرده.
تصف وسائل الإعلام المسيطرة بانون بأنه شخصية يمينية متطرفة، يدافع عن «البيض البسطاء»، وفي الواقع، هو رجل يتمتع بثقافة عالية، قام بتحليل الصراع الاجتماعي القائم بين مصالح النخبة الأميركية المعولمة، ومصالح شعبه، وبين الثقافة البروتستانتية المتشددة للبعض، والشبيهة بالوهابية في العالم الإسلامي، وتطلع الآخرين للمصلحة العامة.
في مؤتمر لجمعيات العائلات المسيحية، انعقد في واشنطن يوم 14 الشهر الجاري، وجه بانون لائحة اتهام إلى الحزب الجمهوري، الذي يحاول بكل الوسائل تشويه سمعة الرئيس، وسمعة عائلته وأصدقائه، وأعلن أن أصدقاء الرئيس ترشحوا ضد الأعيان داخل المؤسسة الحزبية، أملاً في انتزاع مناصبهم في الانتخابات المقبلة، ولذلك من المناسب جداً التمييز بين العبارات المفرطة التي تفوه بها ترامب وحقيقة سياسته، وألا ننسى أنه تمكن من تجفيف كل مصادر الدعم لداعش، واستعادة الموصل والرقة من هذا التنظيم، على الرغم من معارضة الكونغرس.
بقي أن نعرف إذا ما كان سيتمكن أم لا من الاستمرار فيما وراء هذه السياسة، من خلال التصدي للجهاديين الآخرين، ووقف مشروع تدمير الدول الوطنية في جزء من العالم، يرغب الجنرالات في البنتاغون، استعباد هذا الدول.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن