ثقافة وفن

«حرائق» عن واقع المرأة السورية في الحرب … عبد العزيز: الفيلم لا يعتبر تكراراً للأزمة ولكننا نحرص ألا نقفز بالسينما فوق آلام الناس … شاهين: يعالج قضية المرأة في مجتمعنا الذكوري وواقعها ضمن الحرب التي عاشتها

| سارة سلامة

لا شك أن المرأة السورية في الحرب تعرضت للكثير من المنغصات وتحملت أعباء إضافة إلى الأعباء التي تحملها من مجتمعها الشرقي، واليوم نراها ضعيفة ومكسورة ومحملة بالهموم والمطالب، فأتت هذه الحرب لتزيد من همومها هماً ولتحملها ثقلاً إضافياً، فالكثير منهن تعرضن للاستغلال في حرب لا تعرف شفقة أو رحمة، حيث يقدم المخرج محمد عبد العزير من خلال فيلم «حرائق» المرأة السورية بعواطفها المتداخلة متناولاً أربع قصص لسيدات يكافحن للبقاء خلال الحرب التي تمر بها البلاد، ومعالجاً مشكلة الشرف في مجتمعنا وهي ظاهرة موجودة ولكنها استسيغت أكثر خلال الحرب وأصبحت شبه مباحة، لنرى أن قضية المرأة اليوم هي انتصار للحياة والمرأة والإنسان.
وبأسلوب جميل ودقة سينمائية في طرح الموضوع وعين إخراجية جميلة يعرض عبد العزيز مجموعة من الأحداث لنساء يكافحن للبقاء بطريقة مزج فيها الأحداث الفردية مع الحدث العام، ليبين لنا في الشكل العام أن الجميع يدور في فلك الحرب ونرى انعكاسات هذه الحرب على المجتمع ككل.
حيث أطلقت المؤسسة العامة للسينما العرض الرسمي الخاص للفيلم الروائي الطويل «حرائق» سيناريو وإخراج محمد عبد العزيز وذلك في صالة سينما سيتي في دمشق، وشارك في الفيلم مجموعة من الفنانين السوريين الشباب هم: رنا ريشة، وجفرا يونس، ورنا كرم، وأماني إبراهيم، ونانسي خوري، وولاء عزام، ونغم ناعسة، ومؤيد رومية، ومازن الجبة، وشادي مقرش، وأكثم حمادة.
وتخلل العرض كلمة للطفلة حنين سليم ذات الثلاثة عشر ربيعاً التي حررت من أيدي التنظيمات الإرهابية بعد أن اختطفوها لأربع سنوات وقتلوا أمها وأختها.

المرأة وسط الحرب

وفي تصريح لـ«الوطن» أكد معاون وزير الثقافة علي المبيض أن: «الفيلم يأتي ضمن سلسلة الأفلام التي ترعاها وزارة الثقافة، ويعرض تجربة المرأة بشكل عام والمرأة السورية بشكل خاص وتفاعلاتها وتعاطيها، حيث تعرضت المرأة لهجوم في الأزمة التي يمر بها القطر وحاول الكثير النيل من شخصيتها وقدراتها، وتأتي أهمية الفيلم من تسليطه الضوء على تجربة المرأة وسط الحرب وهو فيلم جيد ومهم وله مغزى جميل ورسالة مهمة».

لوحة فنية قاسية
وبدوره قال المدير العام للمؤسسة العامة للسينما مراد شاهين في تصريح مماثل: إن «الفيلم يعالج قضية المرأة في مجتمعنا الذكوري بشكل عام وقضية المرأة السورية ضمن الحرب التي عاشتها بشكل خاص، ومن هنا تأتي أهمية الفيلم، فهو يعنى بقضايا المرأة بشكل عام ويسلط الضوء على بعض القضايا ومنها جرائم الشرف التي أصبحت متاحة في الأزمة لأي شخص بشكل أو بآخر، وأيضاً تبعات الأزمة وإرهاصاتها على المرأة السورية، والتي فرضت عليها بشكل أو بآخر قيوداً من نوع جديد وخاصة أننا في مجتمع شرقي، وخلقت هذه الحرب مجموعة من القيود الجديدة عاشتها المرأة السورية، والفيلم بشكل عام يحاول إيجاد حلول لهذه المشاكل أو يطرح هذه المشاكل وينتظر أجوبة عنها».
وأضاف شاهين: إن «الفيلم كان مخططاً له أن يعرض في مرحلة سابقة ولكن تعرض لأكثر من مشكلة ومنها تغير الإدارة وفي هذه المرحلة توقفنا عن عرض الأفلام حتى نقوم بآلية جديدة لعرضها، حيث كان سيعرض في الشهر الخامس أو السادس ولكن مخرجه محمد عبد العزيز كان مشغولاً بتصوير مسلسل، وتم التواصل معه عدة مرات لكنه اعتذر لانشغاله بالمسلسل وليس هناك أي سبب لتأخير عرضه سوى أن الظروف لم تكن تساعد».
وأضاف شاهين في كلمة له: إن «(حرائق) هو فيلم روائي طويل للمخرج محمد عبد العزيز، ويمثل جزءاً من دوران عجلة الإنتاج السينمائي في سورية والتي ينبثق عنها أفلام تنضم إلى قافلة الإبداع السوري، وقبل أيام قمنا بافتتاح فيلم (طريق النحل) لعبد اللطيف عبد الحميد واليوم نفتتح (حرائق)، وغداً هناك أفلام جديدة أخرى، والفيلم يعالج مجموعة من القضايا الحياتية والاجتماعية التي يمكن لكل أنثى في مجتمعاتنا الشرقية أن تعيشها وخاصة المرأة السورية التي كتب لها أن تعيش قسوة الحرب المفروضة عليها والتي بدورها حملتها قيوداً إضافيةً، وحملت تبعات هذه الحرب كأم وأخت وحبيبة ومربية، كما يغوص عبد العزيز عميقاً في مصير ثلاث نساء سوريات يعشن في زمن الحرب، ويتلقف جمالية اللحظة من عمق وجع المرأة ورمزيتها ومن الأثر البالغ وذلك، أسلوب سينمائي فريد، فيحسن الاختيار إن كان على صعيد اللغة السينمائية أم على صعيد الحبكة الدرامية في العمل، ليخرج علينا بلوحة فنية قاسية وموجعة ويترك المجتمع من خلال هذه اللوحة لمجموعة من الأسئلة الجريئة التي تنتظر جواباً مع قادم الأيام».

ينحاز لقضية المرأة
ومن جهته قال مخرج العمل محمد عبد العزيز: إننا «صورنا الفيلم في العام 2014 واليوم هو العرض الأول له داخل سورية، ولا يعتبر تكراراً للأزمة ولكننا نحرص ألا تقفز السينما فوق آلام الناس، واليوم هناك آلاف السوريين لديهم شهداء ومخطوفون، ويعانون من الإرهاب الذي يواجهه بلدنا، والهروب من هذا الواقع لا يحمل أي مسؤولية والغوص في اللحظة الحالية لا بد منها».
وأوضح عبد العزيز: إن «الفيلم ينحاز لقضية المرأة بشكل أساسي أثناء الحرب وقبل الحرب وفي مقدمها قضية زهرة عزو التي قتلت في عام 2009 عندما قام شقيقها بقتلها في دمشق لأنها ارتكبت جريمة شرف، وحاولنا استذكار هذه الحادثة ونحاول من خلالها لمس شريحة كبيرة من المجتمع وتسليط الضوء عليها لأنها فئة لا صوت لها».

عن قصة واقعية
وبدورها قالت بطلة العمل رنا ريشة: إن «الفيلم يتحدث عن المرأة السورية ويتناول قصة 3 نساء في الأزمة من مجتمعنا، ودوري هو خولة التي تشبه قصة واقعية حدثت في مجتمعنا من قبل، ويضيء الفيلم على جرائم الشرف ويتحدث عن الفتاة التي تخرج من منزل أهلها لرفضهم زواجها وتتزوج على طريقة «الخطيفة»، ويتحدث عن كيفية تعامل الأهل مع هذه الحالة وتزمتهم وهي ظاهرة ما زالت موجودة، وخولة فتاة تزوجت خطيفة وأنجبت طفلاً، ووضعتها أمها في السجن كي لا يقتلها شقيقها ولكن عند خروجها من السجن نراه بانتظارها ليثأر لشرفه».
حضر العرض سفير مصر في دمشق وحشد من الفنانين والإعلاميين والمهتمين بالشأن السينمائي، كما حصل الفيلم على عدة جوائز عربية منها جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان القاهرة السينمائي في مسابقة آفاق السينما العربية وجائزة أفضل فيلم متكامل في مهرجان روتردام للفيلم العربي2017.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن