من دفتر الوطن

الجهاد الأكبر!

| عبد الفتاح العوض 

الآن وقد حان الأوان للحديث عن الحلول السياسية.. مع ضبابية التعبير العام «الحل السياسي» إلا أن أي أزمة لابد لها من نهاية مكتوبة بالأحرف الدبلوماسية.
انهزمت داعش وأميركا تلعب مع العالم لعبة «الغميضة» باستخدام داعش.. ربما سنجدها غداً منتجاً باسم آخر في بلد آخر وهكذا دواليك.
الوجوه المعارضة بدأت تنهار واحداً تلو الآخر وببساطة لأن صلاحية استخدامهم انتهت أو أوشكت أن تنتهي.
الدول التي سمت نفسها «أصدقاء سورية» أصبحت أعداء فيما بينها، وكل منها يشغله ما يشغله من قضايا داخلية وأعباء خارجية.
في هذا السياق.. يقترب إعلان النصر على حد تعبير الرئيس الروسي بوتين خلال استقباله الرئيس الأسد في سوتشي.
وهكذا يبدأ الجهاد الأكبر.. يبدأ الحل السياسي!
لماذا نقول عنه الجهاد الأكبر؟
ببساطة لأنه من الصعب تقبل الحالة التي يجلس فيها المعارضون ليناقشوا كيف يمكن مساعدتهم للوصول إلى دمشق والجلوس على كراسي فيها!
كيف يمكن أن تستوعب أن هؤلاء الذين ذهبوا بعيداً في الموقف واللغة وأبحروا في الدم والعنف.. واشتغلوا موظفي سفارات وأدنى من ذلك بكثير.. كيف يمكن أن تبدأ معهم حالة «مشاركة»!.
ثم إنه.. وخلال السنوات السبع خسر الآخرون «بالقوة» فكيف يمكن أن تسمح لهم بأن يحاولوا الحصول على ما عجزوا عنه في ساحات الحرب وأن يحصلوا على جزء منه على طاولة المفاوضات.
من الصعب جداً أن نجد أولئك الذين عاشوا «الأسى» وعانوا منه على طاولة واحدة مع الذين صنعوا «الأسى» وابتعدوا عنه!
ليس منطقياً أن يتم الحديث عن الحلول السياسية بعد كل هذه السنوات الطويلة وهم الذين كانوا «يخوّنون» كل من تحدث عن «حل» أو عن «حوار»!
لكل هذا سيكون الحل السياسي هو الجهاد الأكبر بالنسبة لكثير من السوريين.
من السهل أن يتم إعلان الانتصار والذهاب إلى اتخاذ ما تراه الحكومة مناسباً لمصلحة بلدها.
بل من المهم أكثر أن يتم الالتفات إلى إعادة الإعمار وإصلاح ما تخرب وليس الذهاب للبحث عن«مواقع» صغيرة تتناسب مع حجم طالبيها!
لكن.. ورغم كل ذلك.. لابد من الحل السياسي لأنه بالنتيجة الشكل الطبيعي لإقفال الأزمات ودفن الأحقاد.
وعلى الآخرين أن يدركوا أن المضيّ بالحل السياسي ليس صك براءة لأحد بقدر ما هو بطاقة عفو ليس أكثر.
نحن بحاجة للحل السياسي كي نمضي قدماً، وكي نفتح آفاقاً جديدة في حياة السوريين.
ثمة أسماء كثيرة لا أعرف كيف ستواجه «دمشق» في يوم من الأيام.. كيف سيكون ممكناً لها أن تنظر في عيون الناس الذين عانوا وعاشوا في سورية كل هذه الفترة.
الجهاد الأكبر.. أن تقبل دمشق بهم من جديد..!

أقوال:
• المشكلات ليست علامات وقوف، بل خطوط إرشادية.
• الكراهية تسببت في العديد من المشكلات في هذا العالم لكنها لم تستطع أن تحل أي واحدة منها.
• سامح أعداءك، ولكن إياك أن تنسى أسماءهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن