ثقافة وفن

فجوات السن بين النساء وأزواجهن .. فارق السنين مشاكل كثيرة وضياع العمر

| سوسن صيداوي

العادة والتقليد وما يخرج عنهما هو محل انتقاد. عندما يتجرأ أحد ويكسر السلسلة، عليه أن يفكر مليا بموجة الانتقادات وكيف سيواجهها وبالوسيلة التي سيسلم منها، ولكن ما هو مؤلم أن الانتقاد يُخلق ويُوجّه ولا يكون مبنيا على معرفة الأسباب الدافعة للفعل، وهذا أمر طبيعي باعتبارنا من جملة المجتمعات الانفعالية. لتوضيح ما نتحدث عنه، إنه لأمر طبيعي في مجتمعاتنا أن يتزوج الرجل من امرأة تصغره سناً، ولو كان الفارق في العمر يفوق عشر سنوات، ولكن غير العادي والمستهجن هو كيف المرأة توافق على الارتباط والزواج من رجل يصغرها، ويكون الاستهجان أكبر عندما يزداد الفارق وتفوق المرأة الرجل سنا بأكثر من عشر سنوات. للحديث أكثر عن هذا الموضوع، وما يدور حوله من أسباب ودوافع عاطفية واجتماعية وغيرها، إضافة إلى المشاكل الناجمة عن ارتباط كهذا، مع نماذج عن علاقات لأشخاص عاشوا علاقة كهذه إليكم المزيد.

حالة وليست ظاهرة
المرأة في مجتمعاتنا لا تجرؤ على أخذ قرار الارتباط برجل يصغرها، ولكن من النماذج التي تمردت وكسرت طوق العادات والتقاليد من النجمات العربيات في زمن الأبيض والأسود، نبدأ بالشحرورة صباح التي كان لها نصيب الأسد بزيجات كهذه، إذ تزوجت أكثر من مرة بشبان يصغرونها سناً، منهم فادي لبنان ملك جمال لبنان الذي كان يصغرها بثلاثين عاما، وعندما كانت تُسأل عن سبب اختياراتها هذه، كانت الصبوحة تقول: «الزواج من رجل أصغر مني يزودني بالشباب والحياة». كما انضمت إلى هذه القائمة السندريلا سعاد حسني وزوجها زكي فطين عبد الوهاب، وكان فرق السن بينهما سببا لرفض والدته ليلى مراد هذا الارتباط، وخاصة أن فارق السن وصل إلى نحو عشرين عاما، ومع ذلك أصر زكي على الزواج من سعاد، وبعد أشهر نشأت خلافات كثيرة بينهما وأقدم الاثنان على الطلاق مستسلمين لحقيقة أن فرق العمر هو سبب الخلاف. ومن قائمة الأبيض والأسود أيضاً الفنانة تحية كريوكا التي تزوجت عدة مرات من رجال يصغرونها عمراً، ومن بينهم رشدي أباظة، لكنّ الزواج لم يدم أكثر من شهر بعد «خناقة كبيرة» جداً بين تحية ورشدي وفتاة كان يجلس معها الأخير، هذا الأمر الذي أثار غيرة تحية الكبيرة وخاصة أن رشدي كان يصغرها بسبع سنين. أما في الجيل المعاصر فالقائمة تطول ولكن من أبرز الأسماء: تزوجت الفنانة المصرية غادة عبد الرازق من هيثم زينتا الذي يصغرها بـ20 عاما، كما تزوجت هيفاء وهبي من رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة الذي يصغرها بحوالي 10 سنوات.

نماذج فنية وسياسة أجنبية
من النماذج الأجنبية لموضوعنا، ارتبطت الممثلة الأميركية ديمي مور البالغة من العمر 54 عاماً بشاب كان عمره 27 سنة، على حين ارتبطت المغنية جينفر لوبيز(47عاما) بعلاقة غرامية مع راقص يصغرها بـ18 سنة، أما المغنية مادونا فارتبطت بشاب يصغرها بـ30 سنة، والممثلة شارون ستون البالغة من العمر 50 سنة ارتبطت بعارض أزياء يبلغ 27 عاماً. أما في الأوساط السياسية، منذ فترة ليست ببعيدة، فالأنظار كلها توجهت نحو رئيس فرنسا الحالي إيمانويل ماكرون، فزوجته تكبره بما يقرب من 25 عاما، وهنا لابد من الإشارة إلى الأسباب التي تدفع الرجل للموافقة على ارتباط كهذا، فدوافعه تعود إلى مرحلة الطفولة، في فترة كان يحتاج فيها لنصائح والدته ويريد أن تكثر لقاءاته معها، ولكنها لا تخصص له وقتا كافيا. وعندما يكبر يبحث عن الأم البديلة، وفي هذه الحالة لا تكون شريكته الزوجة المرشدة لزوجها في بيت الزوجية فحسب، بل ستكون مديرة لحياته خارج البيت أيضاً، لأنها تملك-باعتبارها المتقدمة في السن-نفوذا كبيراً على زوجها الأصغر سنا.
السبب والدافع

حول الأسباب التي تدفع المرأة للارتباط برجل يصغرها وهو الموضوع الأساس، تختصر الدكتورة دارين عمر المستشارة في علم النفس الأسباب قائلة: «هناك أسباب عديدة تدفع المرأة للزواج من رجل يصغرها سناً، أهمها أنها مخلوق عاطفي بامتياز، والمشاعر في كثير من الأحيان تترك تأثيرا في داخلها وتدفعها لاتخاذ قرار كهذا، هذا من جهة ومن جهة أخرى تتعرض المرأة للاضطهاد الاجتماعي وتقدم على زواج كهذا بسبب ضغط الأهل للاقتران مثلا بابن العم أو الأقارب للحفاظ على أموال العائلة ونفوذها، فهنا تتجاوز العائلة شرط العمر لتحقيق تلك المصالح. والسبب الثاني أن هناك عاملا نفسيا يكون سببا في الشعور داخل المرأة للإقدام على قرار كهذا، كأن يكون في حياتها حب سابق، أو تشابه مع من قد مرّوا من أحباء في سني حياتها وتكون صورتهم موجودة في الشعور، وعندما ترى هذا الشخص تتأثر به على الفور في عقلها الواعي الذي يتسبب بهذا الارتباط، وأيضاً هناك أسباب أخرى وتكون بالنسبة لها بسيطة-نجدها نحن لا منطقية- إذ ترى فيه فتى أحلامها وفيه مواصفات معينة لم ترها في آخرين يكبرونها سنا».

آراء مختارة
بين مؤيد للحالة ومعارض لها تتفاوت الآراء وتتضارب، ومن الآراء ما يكون مقبولا لدى البعض ومنها ما يكون مرفوضا. في جولة قريبة حصلنا على بعض الآراء العامة في الشارع السوري حول الموضوع، إليكم منها أمثلة: اعتبر السيد محمد وهو تاجر للمواد الغذائية وحاصل على شهادة البكالوريا، أن الفرق في العمر لا يشكل فجوة بين الزوجين إن تراوح بين خمس إلى عشر سنوات بغض النظر عمن الأكبر، مشيراً إلى أن الفارق إذا تعدى ذلك فالارتباط سيزداد تعقيدا وصعوبة وخاصة لأن ظروف الحياة لا تسّهل الأمور وعلى المرأة بالتحديد، التي يجب أن تتمتع بصحة إنجابية وقدرة على رعاية الأسرة والأطفال، متابعاً إذا كان فارق السن كبيراً فإن هناك مشاكل عدة ستترتب مستقبلا منها من ناحية التفاهم، وتوافق الآراء، وكذلك بالنسبة للصحة الجنسية والإنجابية ورعاية الأسرة، ومن وجهة نظري المتواضعة، أرى أن هذه الحالات تجمعها علاقة حب، وبالطبع يكون القرار متروكاً للاثنين لأنهما شرعاً وقانوناً يمتلكان الوصاية الكاملة على تصرفاتهما، ولكن الحب لا يجعل من العلاقة متينة إذا ألغي التفكير العقلاني مقابل التفكير العاطفي، فالأخير لا يوصل في نهاية المطاف إلى حياة زوجية مستقرة، وبرأيي عندما يكون الزواج بفارق عمري كبير بين الرجل والمرأة الراشدين، فإنه لا يختلف عن زواج المراهقين، إذا وقع تحت التفكير العاطفي فقط من دون وجود نضح عقلاني في التعامل مع القرار، لأنه مرتبط بعشرة عمر، وفي النهاية لا أظن أن أحدا سيفكر منذ البداية بالانفصال في منتصف الطريق».
وعن سؤال: (هل يقدّر لزواج أو ارتباط كهذا النجاح والاستمرار؟) أجابت السيدة عبلة وهي خريجة كلية الأداب/قسم علم الاجتماع وتعمل مدرسة في إحدى المدارس الخاصة السورية، فقالت: «السائد والمتعارف عليه هو أن الزوج يجب أن يكون أكبر سنا من الزوجة، ولكن برأيي-في هذه الأيام-أصبح الأمر عادياً، وهذه الحالات أصبحت موجودة، والمشكلة ليست بالزواج بحد ذاته، بل بالمشاكل التي تبدأ في الظهور مع مرور الأيام والسنوات، فمثلاً عندما تتعدى الزوجة سن الخمسين يكون الرجل في الأربعينات، هنا سينصرف عنها الزوج وسيبدأ في البحث عن امرأة أصغر سناً، وبصراحة مما صادفته من السيدات وجدت أن هناك أسبابا تدفع المرأة للزواج من رجل يصغرها سناً، منها الغرور والكبرياء بسبب جمال الفتاة أو تحصيلها العلمي المتقدم أو النفوذ المادي الواضح الذي تتمتع به عائلاتها، الأمر الذي يدفعها في مرحلة عمرية لرفض المتقدمين لها، ولكنها عندما تصل إلى مرحلة سن الـ35 وما فوق، تصبح في حيرة كبيرة وخاصة بسبب الضغط الاجتماعي عليها لامتناعها عن الزواج، فهنا يكون اختيارها لشخص أصغر سناً أو أقل ثقافة، كي تتمكن من السيطرة عليه، وفي النهاية مثل هذا الزواج لا يدوم طويلاً ونسبة نجاحه لا تزيد على 50 في المئة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن