ثقافة وفن

«سورية العالم» مشروع لخدمة سورية وتقديم صورتها إلى العالم … عدنان عزام لـ«الوطن»: المستحيل أصبح خلفنا ولا بد من مواجهة العالم ثقافياً وفكرياً

| طرطوس: هيثم يحيى محمد

تشكل الأفكار الكبيرة حالة مهمة لكل شعب من شعوب الأرض ويخطئ من يقف في وجهها ولا يمد لها اليد والقلب والعقل وخاصة أن أصحابها عادة ما يكونون متفانين في خدمة أوطانهم وشعوبهم، إنهم حالمون ولكن بإصرار وعناد ويبنون أحلامهم على تجارب واسعة في الحياة وإيمان مطلق بأوطانهم.
المثل الحي لما تقدم هو الرحالة العربي والكاتب المغترب عدنان عزام الذي حضر إلى طرطوس الأسبوع الماضي ليطلق مشروعاً وطنياً كبيراً اسمه (سورية العالم).
وقد زار مكتب «الوطن» وكان الحوار التالي معه حول رحلته العالمية المثيرة على صهوة حصانه على مدى أربع سنوات وحول مرحلة اغترابه الطويلة في فرنسا وحول كتبه والمشروع الجديد الذي أطلقه:

ماذا تحب أن نسميك.. الرحالة العربي أم المستغرب (معرّفة الغرب) أم الكاتب أم الثلاثة معاً؟
بدأت حياتي في قريتي الدويرة ثم في إعدادية عدنان المدني والمرحلة الثانوية في السويداء ثم في كلية الحقوق بدمشق.. أفكر بكل هذه المسميات من خلال الكتب التي كنت اقرؤها وأحلم أن أكونها أي أصبح رحالة وكاتباً وأهم من كل هذا منذ طفولتي الأولى وأنا أحلم بأن أكون فاعلاً في وطني.. وبالفعل تحقق ما صبوت إليه وعشت كل هذه (المصطلحات)على أرض الواقع ومارستها من خلال الترحال والكتابة وتمثيل بلدي في مئات اللقاءات الدولية.. إنني أحبها كلها وكلها مكملة لبعضها.

أنت أول رحالة في التاريخ يعبر دولاً كثيرة على ظهر حصان لمدة أربع سنوات لماذا قررت القيام بهذه الرحلة الصعبة؟ وكيف اتخذت القرار؟
نعم هذا صحيح، عندما قمت بهذه الرحلة عام 1982 لم تكن الثورة المعلوماتية قد بدأت بعد للتعريف بفكرة ما وكان لا بد من الذهاب إلى دول العالم للتعريف بهذه الفكرة، كان هاجسي أنني سفير لوطني وشعبي والتعريف بهما لدى شعوب الأرض وهذا ما حصل.

كلمة حافظ الأسد.. نقطة الانطلاق
من شجعك ودعمك لتحقيق هذا الحلم؟
في البداية كانت الفكرة غير مفهومة وصعبة التحقيق وكنت أسمع كلاماً مثل (ستغامر بمستقبلك) وصلت إلى دمشق بعد ثلاثة أيام من المسير على ظهر فرسي (مطيرة) قادماً من السويداء وفي دمشق التقيت الفارس الشهيد باسل الأسد الذي دعم الفكرة فوراً وقدمني إلى سيادة القائد المؤسس حافظ الأسد الذي سجل في سجلي الذهبي كلمة كانت بمنزلة نقطة الانطلاق، كلمة أعتز بها كل حياتي وهذا بالتأكيد أعطى رحلتي بعداً وطنياً.

كدت أفقد حياتي
لا شك أنك واجهت صعوبات كثيرة، هل لك أن تحدّث قراء الوطن عنها وكيف تغلبت عليها؟
كل هذه الرحلة صعوبات.. بل هي ضرب من الأساطير.. هي المغامرة في كل لحظة ولولا عناية القدر لما وصلت إلى النهاية.. البرد والحر وصعوبة إيجاد الطعام للخيل والأدوية البيطرية وتجاوز الحدود وتمويل الرحلة، حيث إنني غادرت قريتي من دون مال! لقد رحلت كالمتصوفين!! وصعوبات سياسية ودينية لأنني أحمل العلم السوري وصعوبات حوادث السير التي تعرضت لها وكدت أفقد حياتي، كنت أرفض أي تراجع، إصرار عزيمة وإيمان بالرسالة، (سورية تستحق كل هذا) نعم أنا حصلت على اعتراف صحافة العالم ومؤسسات صحافة العالم الاستكشافية إلا في بلدي سورية!

ما الدروس المستفادة من هذه الرحلة؟
أهم درس هو أنه لا مستحيل تحت الشمس، وقد ساهمت كثيراً بالتعريف بالوطن ونحن بأمسّ الحاجة لذلك كي لا نترك الساحة للأعداء والترحال بشكل عام مدرسة كبيرة لبناء الذات والشخصية الإنسانية.

الترحال مدرسة كبيرة

* هل تفكر بتكرار هذه التجربة وهل تشجع غيرك عليها؟
**نعم بإذن الله، هناك فكرة عملاقة تنطلق من ساحة الأمويين إلى (…) ستشكل حلماً سورياً كبيراً وأنا أنصح الشبان السوريين بالترحال داخل سورية حتى يشتد عودهم وبعدها ينطلقون إلى العالم، أكرر الترحال مدرسة كبيرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

أوروبا تنهب خيراتنا

* عشت ربع قرن من حياتك في فرنسا، ماذا يمكن أن تقول عن هذه الفترة؟
**بالتأكيد إنها الحقبة الأهم في حياتي، من خلال دراستي للغرب، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ومن خلال دراسة آلية تفكيره كمجموعة بشرية تسعى دائماً للتفوق على الآخرين دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الآخرين، لهذا نرى أن أوروبا تحتل وتغزو وتنهب خيرات الشعوب، بعد 25 عاماً في فرنسا أستطيع أن أقول إنني أصبحت مواطناً عالمياً، أي إنني أستطيع أن أتكلم في باريس وواشنطن ودمشق وبرمانة المشايخ وطرطوس! من خلال هذه التجربة أستطيع أن أخدم وطني أكثر.

الوسام الفرنسي حق طبيعي لي وليس هدية

* منحتك الجمهورية الفرنسية وسام الاستحقاق من مرتبة فارس، ما الأسباب؟ وهل منح لغيرك من العرب؟
**لقد عملت بجد ومثابرة، ليل نهار، طوال خمسة وعشرين عاماً في الدفاع عن حقوق المهاجرين العرب في فرنسا، من أجل الحفاظ على هويتهم الأم، وكنت وراء استصدار مرسوم جمهوري في عام 2006 اسمه مرسوم تكافؤ الفرص بين المواطنين الفرنسيين والأجانب المقيمين في فرنسا، كان حقي الطبيعي أن أحصل على هذا الوسام ولم يكن هدية! نعم يوجد بعض العرب الذين حصلوا على هذا الوسام لمساهماتهم الاقتصادية.

برسم اتحاد الكتاب العرب!
ما الكتب التي أصدرتها حتى الآن؟ وما الرسالة التي أردت أن تقولها من خلال كل منها وهل هناك كتب جديدة؟
أنا أؤمن برسالة الكتاب الهادف، الوطني البعيد عن بث رسائل التكفير والحقد، لذلك توجهت للكتابة، نشرت أول كتاب في فرنسا عام 1989 بعنوان فارس الأحلام (لو كافاليي دو لإسبوار) وهو بدايات في علم الاستغراب، ثم نشرت في عام 2001 كتاب «بين الشرق والغرب» (انتر ارويان ي اوكسيدان) وهو تعميق لمفهوم الاستغراب وإدانة للاستشراق الغربي وأنجزت أربعة أفلام وثائقية في هذا المجال.. عدت إلى الوطن في بداية الحرب (عام 2011) ونشرت الاستغراب الجزء الأول ثم الاستغراب الجزء الثاني ثم ترجمت كتاب المحنة السورية ثم ترجمت مجموعة كتب فرنسية وأصدرتها بكتاب واحد بعنوان الحرب الكونية على سورية (كتب مهمة وغير موجودة بين أيدي القراء بسبب عدم وجود الورق للطباعة حسب رأي الهيئة العامة للكتاب!) سيصدر لي قريباً كتاب باريس عاصمة عربية وكذلك أنا بصدد الإعداد والإخراج لفيلم وثائقي مهم جداً عن الحرب على سورية باللغة الفرنسية (ومع ذلك يا أخي المواطن العربي السوري لم يقبلني اتحاد الكتاب في دمشق عضواً به!)وهذا برسم رئيس الاتحاد والشلة المحيطة به!

التغيير لايتم بالتنسيق مع الأعداء
لك رأي محدد فيما أطلق عليه الربيع العربي، ما هو؟
هذا الموضوع يدخل ضمن اختصاصي أي إنني أعرفه أكثر من غيري وهو ما أحاول شرحه منذ سبع سنوات، إنه استمرار للمشروع الاستشراقي الصهيوغربي ولكن تم تنفيذه وللأسف الشديد بأياد عربية وسورية وروج له ممن يدعون أنهم (مثقفون سوريون) من يحمل رسالة البناء لوطنه لا يهدم ما تم إنجازه، إنها لعبة قذرة وسيلعنهم التاريخ إلى ما شاء الله، التغيير لا يقوم على أسس طائفية تكفيرية إقصائية ولا يتم التنسيق له مع أعداء الوطن.

مشروع يهم كل سوري يحب وطنه
ماذا تحدثنا عن مشروع (سورية العالم) الذي تم إطلاقه من طرطوس؟
هو مشروع فكري ثقافي لخدمة سورية وتقديم صورتها المشرقة إلى العالم، وقد ولدت هذه الفكرة لتلازم الانتصار العسكري للجيش العربي السوري وقيادتنا السياسية، أنا أرى أنه لزاماً علينا كمثقفين سوريين أن ننتفض ونتحرك كل من موقعه لرد الصاع صاعين لمروجي الكذب والخداع، منذ سبع سنوات وهم يقولون للعالم إنه لم يعد هناك شيء اسمه سورية، ونحن سنحمل سورية إلى العالم من خلال معرض متنقل في العواصم العالمية، بكل ما نستطيع من العديد من الأفلام الوثائقية والأدوات والمصنوعات الحرفية والمحاضرات واللقاءات الجماهيرية، المهمة صعبة بالتأكيد بل شبه مستحيلة ولكننا سنحاول، سأغادر إلى باريس في الخامس عشر من الشهر الجاري للبدء بالتحضير، وأعتقد أننا سنكون جاهزين لأول معرض سوري في باريس في بداية شهر نيسان.
هذا المشروع يهم كل سوري يحب وطنه، وكل سوري يستطيع المساهمة به من خلال التواصل مع الأصدقاء والأقارب المغتربين السوريين المنتشرين في العالم، (بإمكانهم التواصل معنا من خلال صفحة سورية العالم).

كلمة أخيرة
لا بد للكلمة أن تصل إلى مصاف البندقية، البندقية السورية أثبتت مواقعها على الساحة الإقليمية وأصبحت جزءاً من منظومة عالمية جديدة، وقد ألغت هذه المنظومة مفهوم أحادية القطب وأحلت محلها مفهوم تعددية الأقطاب لإدارة العالم وعلينا نحن المثقفين أن نكرس ذلك بالكلمة والفعل الثقافي، علينا أن نرسم الملامح الجديدة لسورية كما أرادها سيادة الرئيس بشار الأسد وكما رسمها على الأرض الجيش العربي السوري.. المستحيل أصبح خلفنا ولا بد من مواجهة العالم ثقافيا وفكريا لتثبيت الانتصار العسكري والسياسي وهذا هو دور المثقف العربي السوري، ونحن بانتظار قراء صحيفة «الوطن» العزيزة للتواصل معنا لننجح في الأسبوع السوري في العالم(سورية العالم).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن