اقتصاد

هل طلبت وزارة الاقتصاد من «مرتزقة» الرد على «الوطن»؟

| الوطن

بطريقة بعيدة كل البعد عن المهنية وأصول التعاطي المنظم بقانون واضح مع الإعلام، فرض بعض الأشخاص (لن نذكرهم الآن) ممن يتبعون بشكل مباشر أو غير مباشر لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، على بعض المرتزقة والمواقع الإلكترونية نشر نص يأخذ شكل الرد على مقال نشرته «الوطن» أمس الأول بعنوان (الدولار الأسود يزيد الرسمي بـ26 ليرة وقلب الحكومة على «السوداء»!)، من دون أن يصل إلى «الوطن» أي رد رسمي من الوزارة وفقاً لقانون الإعلام والأصول المهنية، التي يبدو أن غيابها أصبح سمة بارزة للعديد من الجهات الحكومية، لتستخدم بديلاً منصات «إعلامية» إلكترونية مأجورة ومرهونة لقاء إعلانات أو مبالغ نقدية أو مكاسب أخرى، قبلت بدورها هذا الشكل من العلاقة، من باب تأمين الرزق والعمالة لدى صغار الموظفين في الوزارات الحكومية!
الواضح من المقال الذي نشر على المواقع الإلكترونية أنه أخذ صيغة الرد على «الوطن» في محاولة للتشهير والتشكيك في مهنيتها، لكن الواضح أيضاً أن من صاغه وفرض نشره ومن نشره لم يقرأ جيداً ما نشرته «الوطن»، من نقد موضوعي، وليس اتهامياً وانتقامياً، لتأثير قرار وزارة الاقتصاد الذي ألزم مستثمري المناطق الحرة بدفع بدلاتهم بالدولار الأميركي، والعشرات منهم مؤسسات ليس لها تعاملات بالدولار، ومنها صحيفة «الوطن»، ما يعني لجوءها للسوق السوداء لتأمين قيمة فواتيرها لمصلحة المنطقة الحرة، وزيادة الطلب على العملة الخضراء دون وجود أي مسوّغ منطقي لذلك، وطلب المقال بشكل واضح إعادة النظر بهذا القرار منعاً للجوء هذه الشركات إلى السوق السوداء ومخالفة الأنظمة والقوانين، وذلك ببساطة عبر السماح لهم دفع قيمة بدلاتهم المقيمة بالدولار، بالليرة السورية، وفق سعر الصرف الرسمي، كما كان معمولاً في السابق، وهذا لا يحتاج إلى أي توضيح، ولا إجراء تحقيق بشأنه، وهو حق مشروع، ولَم تلجأ الصحيفة إلى طلب استثناء خاص لها، لكون الأمر مرتبطاً بالعشرات من المستثمرين، وهذا الأمر يبدو من الصعب أن يفهمه صاحب الرد وناشروه ومروجوه.
استشهد «الردّ» بتدني قيمة البدلات التي تتقاضاها المناطق الحرة بالدولار، بقصد الإشارة إلى عدم تأثيرها في سعر الصرف، على حين كان مقال «الوطن» واضحاً بعرضه لقرار الاقتصاد كمثال لقرارات حكومية تدفع باتجاه التعامل مع السوق السوداء، علماً أنه من حيث المبدأ، من غير المقبول أن تصدر الحكومة أي قرار يحتم التعامل مع السوق السوداء، وهي تحاربها في الوقت ذاته، وهو ما نرفضه في «الوطن» أيضاً من حيث المبدأ، فلا يمكننا التعامل مع السوق السوداء لتأمين فواتير لمصلحة الحكومة، وفي الوقت نفسه نحارب السوق السوداء عبر صفحاتنا لكونها باباً للتلاعب والفساد، حتى لو قبلت الحكومة بذلك. وهذا ما لم يفهمه صاحب الرد، الذي فضَل إعطاء «الوطن» دروساً في المهنية، وفي الإعلام، وهذا وسام لنا لكون هذه الدروس صادرة عن ناقص في الإعلام ومرتزق لا عمل له سوى تقاضي المال مقابل النشر أو الابتزاز لعدم النشر!
وللتوضيح، نشرت «الوطن» في الصفحة ذاتها، لقاء مع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، مؤكدة بذلك عدم شخصنة أي موضوع أو قرار، وتعاملت مع موضوعين مختلفين، الأول حول الدولار، والثاني استعراض لبعض مؤشرات الأداء الاقتصادي مع وزير الاقتصاد، وليس تسويقاً أو ترويجاً للوزير، وهذا ربما يتطلب مهارات صحفية لاستيعابه أعلى مما يتمتع بها صاحب الرد وناشره.
وختاماً، كنّا نتمنى من الوزير إرسال رد واضح وصريح يسوّغ من خلاله قراره، وهو للشهادة من أفضل وزراء الحكومة تعاملاً مع الإعلام، بدلاً من فتح المجال أمام المرتزقة والأتباع وجماعة «اللوبي الإلكتروني الابتزازي» للدفاع عن قراره وسياسته، فهذا لا يليق بوزير سوري يدير اقتصاد البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن