قضايا وآراء

كلمة تاريخية عنوانها الرئيس: مصلحة سورية

عبد اللـه منيني : 

أبى الصيف أن يمر دون أن يفرض نفسه على ربيع الأعراب المزعوم وحقدهم المتصحر، وها نحن نرى مواقف وتحولات قد أينعت وحان قطافها.
إذاً هي الأيام الأشد حراً التي يعيشها السوريون خصوصاً والمنطقة والعالم عموماً، فسعير الحرب في سورية اشتدت مراجله ليرتفع منسوب الإرهاب متوائماً مع الجنون التركي الفظ داعم الإرهاب والإرهابيين، والعراق ينكوي بنار الإرهاب والاعتداء على سيادته كما سورية، ونظام مشيخات التصحر والتخلف يدك المدنيين الآمنين في اليمن في ظل صمت دولي وتأييد عربي ليس بغريب على الأعراب، حتى الطفل الفلسطيني علي دوابشة ابن السنة والنصف لم ينج من نيران الإرهاب واليهودية فأبى إلا أن يكون خير شاهد على أن الحرق والقتل والتنكيل هي أدوات داعش واليهود وآل سعود.
أما حرارة الاتفاق النووي فكانت الأشد وطأً، وأبت إلا أن تفرض نفسها على مجمل تداعيات الأحداث وتسارعها، ليأتي خطاب سيد الوطن بتاريخ 26/07/2015 وما حمله من تحليلات ومواقف ورؤى برداً وسلاماً على قلوب السوريين والمقاومين وأحرار العالم، وناراً على أعداء سورية.
فالكلمة تاريخية بكل ما لهذه الكلمة من معنى، كيف لا وهي كلمة القائد السياسي الذي تميز دوماً بالشفافية والوضوح، كلمة مهمة بتوقيتها وزمانها، وبما حملته من أجوبة واضحة وصريحة لمجمل الأسئلة التي تراود السوريين، ولتحمل في طياتها عدة مواقف وثوابت كان لا بد من تذكير الأعداء بها، ونقول هنا «تذكير» لأن المواقف لم تتغير وثبات القيادة السورية والشعب السوري لم يتزحزح قيد أنملة رغم الضغوط والرهانات على تغيير هذا الموقف أو ذاك، واشتد التمسك بالمواقف الوطنية وبقيت سورية صامدة راسخة كجبل قاسيون، وبقي الأسد يتربع على عرش القائد الصلب المقاوم الذي يقود بلاده نحو النصر.
لقد فند السيد الرئيس المواقف والرؤى الملتبسة لدى البعض، وأعلن رفض القيادة السورية لأي طرح سياسي في البلاد لا يستند في جوهره إلى محاربة الإرهاب والقضاء عليه، وهو البند الأول والأولوية الأهم لأي حوارات أو لقاءات سياسية سورية أو إقليمية أو دولية، كمدخل لا بد منه لأي حل سياسي في سورية.
وقد شدد سيادته على أن صمود الشعب السوري يشكل تهديداً حقيقياً للمستقبل السياسي لبعض المسؤولين في الدول الداعمة للإرهاب في سورية، وخصوصاً بعد افتضاح زيف ادعاءاتهم أمام شعوبهم بخصوص دعم (الثوار والديمقراطية). إذاً لقد أثمر صمود الشعب السوري وبدأت عروش وأنظمة تتهاوى أمام شعوبها والإنسانية جمعاء، وسقطت الحصون الوهمية التي صنعتها هذه الأنظمة، لتكون ضحية لجنون عظمتهم وأحلام استعمارهم الجديد.
لقد دلت الكلمة على حدوث تبدلات إيجابية على الساحة الدولية وظهور قراءة جديدة وممنهجة للوضع في سورية، وهذا يتطلب مواقف وليس أقوالاً ونحن نسأل دوماً: إلى متى سيستمر هذا التعنت الغربي الأحمق، ولم نقل (التعنت العربي) وهو الأسير لإرادة الغرب وتنفيذ أجنداته وبؤس الأغراب والأعراب أولئك من يقامرون بمستقبل الشعوب؟
لقد شكلت التساؤلات التي طرحها السيد الرئيس على السوريين، والتحديات التي تواجه سورية فاتحة للكلمة ليكون لها دلالاتها المهمة، وخاصة أنها التساؤلات التي جاءت كنتيجة للتسارع الكبير للأحداث بالتوازي مع محاولات الغرب وحلفائه من أعراب وأغراب من ضغط وحش خلقوه لكنهم فقدوا السيطرة عليه.
كل ذلك لم يلغ ارتفاع منسوب الإرهاب واشتداد عملية التدمير الممنهجة التي تقوم بها العصابات الإرهابية إلى مستويات غير مسبوقة من الإرهاب المنظم بالعالم.
إن خروج حواضن الإرهاب في الغرب والخليج وتونس وليبيا عن الحدود المرسومة لها لتدمير سورية أولاً، تلك الحواضن التي بدأت تتفاعل فيما بينها وتصدر الإرهاب للعالم، ومن ثم أصبحت تحتاج إلى حواضن فاعلة لمقاومتها وللتصدي لها وللإرهاب العالمي الذي ينتج عنها، وخاصة في ظل الوصفات المبسطة التي صممها العربان للغرب لابتلاع أوطاننا، لتنتج هذه الوصفات إرهاب بوصفة عربية وصناعة غربية.
لقد جاء تأكيد الرئيس الأسد على تجاوب القيادة السورية وتفاعلها الايجابي مع كل المبادرات التي طرحت لأن دماء السوريين فوق أي اعتبار، ومصلحة سورية فوق أي مصلحة، وهنا جاء تأكيده في كلمته على اعتبار أن وقف الحرب له الأولوية، تلك الحرب الساقطة التي يديرها سيد واحد وهو ذاته الذي يحرك خيوط المعارضة المرتبطة بالخارج والإرهابيين.
لقد أرست الكلمة القاعدة الأهم عند السوريين لتشكل هذه القاعدة عنوان أي حراك سياسي، والقاعدة تقول: إن استخدام الإرهاب للتأثير في العمل السياسي لن ينجح، ولن نخسر بالسياسة ما كسبناه بالحرب.
إذاً علينا كسوريين أن نبقى متمسكين بمفرداتنا الوطنية الجامعة بعيداً عن كياناتهم الافتراضية وهوياتهم الفرعية التي تسعى إلى استبدال سورية الوطن الواحد بـسورية الأوطان، واستبدال المجتمع المتماسك المتجانس، بمجتمعات منقسمة مريضة طائفية وعرقية.
لا شك أن دراسة كلمة الرئيس الأسد تحتاج إلى شروحات والمئات من المقالات والتحليلات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن