ثقافة وفن

سبعون عاماً على رحيل المفكر الروسي نيقولاي برديائيف

| د. بشار أسعد محمد

الثورة تتعارض مع روح الحرية على الرغم من أهميته كمفكر وفيلسوف ديني وسياسي روسي، إلا أنه كان واحداً من بين مئة مثقف قامت السلطات البلشفية بنفيهم من روسيا وذلك بحجة أنهم: «أعداء إيديولوجون للثورة البلشفية».
يعتبر نيقولاي برديائيف (1874-1948) أحد أهم رواد الوجودية الروسية، كما كان له نشاط فعال على مستوى الفلسفة الدينية الروسية حيث عمل جاهداً على إصلاح الحياة الدينية الروسية لكون ذلك يساهم بشكل فعال في النهوض بالمجتمع وتطويره. تحدث عن مكانة روسيا ودورها من خلال موقعها الجيوسياسي، إضافة إلى التعدد الديني والقومي فيها في توحيد الشرق والغرب. كان له العديد من الكتب المهمة التي لا تزال حتى يومنا هذا مصدراً يغني الأبحاث في الأكاديميات والجامعات في روسيا، لا بل حتى في العالم أجمع ومن هذه الكتب: العقيدة الروسية، الحلم والواقع، العزلة والمجتمع وغيرها. توفي نيقولاي برديائيف على طاولة مكتبه في منفاه بضاحية كلامار في باريس في 24 من آذار من عام 1948. من خلال مقالنا هذا نحاول أن نسلّط الضوء في الذكرى السبعين لرحيله على رؤيته للثورة والحرية.
يقول نيقولاي برديائيف: «في الثورة لا توجد حرية ولا يمكن أن تكون، لأن الثورة تتعارض مع روح الحرية» فمن غير الممكن القيام بثورة في العالم الخارجي، وإنما الثورة تكون في روح وجسد الإنسان، فالإنسان يجب أن يكافح لتحقيق حريته بتخليص نفسه من المحرمات القديمة التي تقيّد حياته الأخلاقية، عليه أن يشعر بأنه حر من الداخل، وعندها فقط يستطيع أن يكافح من أجل حرية الآخرين.
الثورات دائماً فاشلة لأنها لا تحقق الغرض الذي قامت من أجله، وإنما تحقق نقيضها دائماً.
الثورات كلها مزيفة وهي ليست نهاية حياة قديمة وبداية حياة جديدة، وإنما هي طريق طويل، هي دفع ضريبة عن أخطاء الماضي، هي دليل على غياب وجود قوة روحية لإصلاح المجتمع.
حتى الديمقراطية التي يدّعيها من يقومون بالثورة ليست سوى خروج من الحالة الطبيعية، هذه الديمقراطية بحسب برديائيف تفكك وحدة الشعب، تبعث الفتنة فيه، وهي بطبيعتها حالة ميكانيكية تقود إلى زوال وتفكيك الوحدة العضوية للشعب.
في ختام مقالنا هذا الذي يتناول بعض أفكار نيقولاي برديائيف عن الثورة والحرية، وبسبب ما تتعرض له سورية من مؤامرة كونية تحت مسمى«ثورة الحرية» نقول للمزيفين الذين اخترعوا هذه الثورة المزعومة: حرروا أنفسكم أولاً، وانزعوا من أعماقها عفن إرهابكم، غدركم، قذارتكم. عندئذ قد تفهمون أن ثورتكم المزعومة هذه، ليست سوى تعبير عن خيانتكم لوطن أردتم التفنن بقتله. ولكونكم تدّعون أنكم محررونا نسألكم على طريقة الشاعر التشيلي«نيكانور بارا»: حسناً والآن من سيحررنا الآن من محررينا؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن