ثقافة وفن

فنون وألوان مهرجان التراث السوري في الحسكة

| الحسكة – دحام السلطان

أحيت وزارة السياحة فعاليات مهرجان التراث السوري من خلال الحفل التراثي المنوّع الذي أقامته بالتعاون مع وزارة الثقافة في المركز الثقافي العربي بمدينة الحسكة، عبر فعاليات فنية وتراثية منوّعة عبّرت جميعها عن أصالة وعراقة الفن التراثي الشعبي السوري، وتراث الجزيرة السورية في محافظة الحسكة ودوره الحضاري الموغل في القدم الذي أسهم في رسم معالم الحياة الإنسانية وإرثها التاريخي عبر العصور لحقبة زمنية امتدت منذ الألف الثامن قبل الميلاد لغاية هذا اليوم، والذي جاء استنتاجاً طبيعياً لطبيعة جغرافية المنطقة العريقة نتيجة لوقوقها على الممر التاريخي الشهير الذي كان يربط حضارة الشرق بالغرب.

فقد افترش صالة المعارض في المركز الثقافي معرض فني مشترك للفن التشكيلي والتصوير الضوئي والمقتنيات التراثية الشعبية، شاركت فيه نخبة من فناني المحافظة بنحو 25 لوحة وعملاً فنياً متعدد الأغراض، عبّرت جميعها عن اللوحة الفنية الجميلة التي تنتمي إليها محافظة الحسكة بموروثها الشعبي والفلكلوري على مختلف مكوناتها الاجتماعية وتعايشها المتآخي الموحّد تحت المظلة الوطنية، الذي عبّر عنه تراث المحافظة كحالة عامة في ظل الغنى النوعي والاجتماعي لأهلها عبر العصور، والتي صوّر كل منها نمطية معيّنة لحالات متعددة من التراث الإنساني العريق، من خلال المقتنيات التراثية القديمة التي اشتملت على شكليات لخصوصيات معينة من الزي الشعبي لسكان المحافظة، والأدوات التي كان يستخدمها أبناؤها قديماً في عمليات الحراثة والزراعة والحياكة والحياة اليومية والحل والترحال، إضافة إلى الأثاث المنزلي البسيط والمقتنيات الشخصية المختلفة الأخرى.
وعلى خشبة المسرح الثقافي قدمت فرقة «نابادا» للفلكلور الشعبي فقرات فنية ودبكات شعبية من التراث العربي والسرياني بشقيه الشرقي والغربي على أنغام الطبل والمزمار، في لوحة فنية جميلة ومعبّرة أبدع فيها المشاركون في الفرقة بإيحاءاتهم اللونية الراقصة نموذجاً جميلاً عن لون من ألوان التراث الشعبي في المحافظة، بينما قدمت فرقة «برمايا» للفنون الشعبية فقرات فنية وطنية ودبكات منوعة من التراث الشعبي لأبناء المحافظة عكست غنى التراث الشعبي لأبنائها عبر العصور.
وشارك أطفال فرع منظمة طلائع البعث بعمل فني مسرحي قدموا خلاله لمحات تاريخية تعريفية عن أهم المواقع الأثرية في المحافظة التي تعاقبت عليها الحضارات منذ فجر التاريخ حتى يومنا الحاضر، والتي يزيد عددها المكتشف على ألف تل أثري، على حين قدمت فرقة مديرية التربية للفنون الشعبية أغاني تراثية ودبكات فلكلورية وتصويراً لبعض الطقوس التراثية الاحتفالية كالطقوس المرافقة لعمليات الحصاد اليدوي والأعراس وحناء يد العروس.
وقدم الفنان عبود الأحمد عدداً من الأغاني الوطنية التي مجدت نصر سورية على الإرهاب بفضل جهود أبطال الجيش العربي السوري والشرفاء من أبناء شعبنا ووصلات غنائية تراثية من الفلكلور التراثي الغنائي لأبناء منطقة الجزيرة السورية وحوض الخابور.
وأكد مدير السياحة المهندس نمر ابراهيم أن مهرجان التراث السوري قدّم أعمالاً فنية منوعة من الموروث التراثي المتعدد الألوان الذي ينتمي لسورية أرضاً وشعباً، وحرص المقدّمون على تنويع الفعاليات بين السياحية والفنية والتراثية التي تعكس جمالية محافظة الحسكة وإرثها التاريخي الواسع، وبمشاركة واسعة لعدد من الفرق الفنية التراثية والفنانين الذين قدموا أعمالاً فنية تراثية لاقت استحساناً ملحوظاً من الحضور.
وبيّن مدير الثقافة محمد الفلاج أن تراث محافظة الحسكة يستمد عراقته وجماليته من تراث سورية الذي يمتد لآلاف السنين، وأن الهدف الأساسي من هذا المهرجان هو تسليط الضوء على العمق التراثي والإنساني السوري من خلال الأعمال الفنية الجميلة المشاركة، لنرسل عبرها رسالة إلى العالم أجمع بأن سورية مهد الإنسان والحضارة، وقد انتصرت على الإرهاب بفضل جهود جيشها وشعبها الأبي ماضية في رسالتها الحضارية والإنسانية.
وقد أشار المخرج المسرحي إسماعيل خلف المشرف العام على المهرجان إلى أن المهرجان جاء حالة بانورامية جماعية تحمل في طياتها العبق التراثي الجزيري الأصيل، وقد شارك فيه عدد من الفرق الفنية والتراثية بأعمال فنية من الموروث الشعبي والتراث العريق للمحافظة، تخللتها أغان وفقرات فنية تتغنى بالوطن وحالة النصر التي يعيشها شعبنا على الإرهاب وداعميه ومموليه.
وأوضح عضو مجلس نقابة الفنانيين التشكيليين بالحسكة عيسى النهار: غنى المعرض الفني المشترك الذي ساهم فيه عدد من رواد الفن التشكيلي والتصويري في المحافظة بأعمال فنية منوعة، عبّر فيها كل فنان منهم عن رؤيته لأهمية الموروث التراثي الذي يشكل هويتنا الحاضرة والمستقبلية، مبيناً أن الصور الضوئية سلطت الضوء على بعض الجوانب التراثية وأهم المواقع الأثرية التي تعد كنزاً حضارياً لابد من تعريف العالم به.
وقالت الفنانة التشكيلية سجى سليمان: لقد شاركت بعمل فني تشكيلي صورت فيه الخيول العربية الأصيلة، باعتبارها إحدى مفردات التاريخ والتراث العربي الأصيل، مشيرة إلى أن المعرض فرصة لالتقاء أعمال عدد من الفنانين التشكيليين ورؤيتهم لتراثنا الذي هو هويتنا التي تربط جميع أبناء الوطن بعضهم ببعضٍ.
وأكدت مديرة فرقة «برمايا» رمثة شمعون حرص الفرقة على تقديم فقرة فنية وطنية بعنوان «تحية للأرض، تحية للشعب السوري» قدم خلالها المشاركون على أنغام التراث السوري رسالة حب وسلام للعالم أجمع من أرض السلام والمحبة سورية.
وأشار مسؤول فرقة «نابادا» سمير مارديني إلى أن المشاركين بالفرقة قدموا عدداً من اللوحات الفلكورية التي عكست غنى وتنوع التراث الفلكلوري في محافظة الحسكة، الذي ينبغي المحافظة عليه وإيصاله إلى الأجيال القادمة، لأنه جزء لا يتجزأ من الهوية والثقافة السورية وعراقة رسالتها الإنسانية.
وبيّن الفنان عايش كليب المشارك بمعرض المقتنيات التراثية، أن الهدف من مشاركته هو تعريف الجمهور بالأدوات التراثية القديمة، الزراعية والنسيجية والغذائية والسلاح وبعض الفخاريات والنحاسيات التي كان يستخدمها الأجداد قديماً، في معيشتهم والتي اندثر الكثير منها نتيجة الحداثة، مؤكداً ضرورة تكاتف جهود الجميع للحفاظ على التراث السوري وإيصاله بأمانة إلى الأجيال القادمة للحفاظ عليه وتكريس قيمه التاريخية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن