رياضة

هل سيستفيد اتحاد السلة من تجاربه ويبدأ بإعداد منظم لمنتخباته؟

| مهند الحسني

يبدو أن وصفات اتحادات كرة السلة السابقة، والمتعاقبة على أمور سلتنا لم تعد تجدي في علاج الأمراض المزمنة للسلة السورية، أو تنفع في إيجاد الحلول الناجعة لأمراضها، ولا نغالي كثيراً إذا قلنا إن المشكلة لم تكن في الطبيب المعالج، وإنما في المريض الميئوس من حالته، والذي تضافرت عليه عوامل الهرم، والمرض فبات علاجه صعباً، وغير مجدٍ، وإمكانية العودة إلى وضعه الطبيعي أمر أشبه بالمستحيل.
ويجب ألا ننسى أن كرة السلة السورية تعيش منذ فترة في مرحلة صعبة بعدما فقدت الكثير من كوادرها، وإمكاناتها نتيجة الأوضاع السائدة التي تشهدها البلاد، فخسارة أكثر من مئة لاعب، ونصفهم من المدربين كان كافياً في تراجعها المخيف، وساهم في ضعف مستوى الأندية، وأفقدها أغلبية نجومها، وتحولت أندية كانت الرافد الأكبر للمنتخبات إلى أندية مستهلكة تسعى لضم هذا اللاعب أو ذاك، إضافة إلى أن الظروف الحالية، والإمكانات المادية لم تعد تسمح بتطوير اللعبة بجميع مرافقها، ويبدو أن هناك العديد من الأسباب ساهمت في تراجع مستوى السلة السورية يأتي في مقدمتها:

غياب الإستراتيجية
العمل في بناء الرياضة أشبه ما يكون بسلسلة حلقاتها مرتبطة ببعض بشكل محكم، فهي معادلة متكاملة أساسها المال الوفير، والعقلية الناضجة، والمتفتحة، والقادرة على تسخير المال في إنجاح العمل الرياضي من خلال إدارة ناجحة تستثمر المقدرات الفنية، وتعرف كيف تفعلها وتنميها وتطورها، وأنجح الفعاليات تلك التي ترسم استراتيجيات بعيدة المدى ذات أهداف واضحة، وكلمة استراتيجيات واسعة المفاهيم ودقيقة المضامين، ونجاحها مرهون بالدعم، والمتابعة المرحلية وصولاً إلى الجدوى الفعلية.
حقيقة لقد أفرزت بطولة دوري الشباب الأخيرة التي اختتمت بمدينة حماة قبل أيام قليلة الكثير من المواهب والخامات التي تبشر بالخير، وهذه التأكيدات جاءت حسب رؤية أصحاب الخبرة من مدربينا الذين تابعوا البطولة، والذين أكدوا أن هناك جيلاً سلوياً مشرقاً سيكون لسلتنا الوطنية فيما لو توافرت له أبسط مقومات التحضير والإعداد، ويبدو أن اتحاد السلة مازال يفتقد الرؤية الواضحة في بناء منتخباته الوطنية التي باتت أشبه بريشة تتقاذفها الأنواء من كل حدب وصوب، ونتائجنا الأخيرة أكبر دليل، ومازال اتحاد السلة يتجاهل إعداد منتخب وطني من أعمار صغيرة، رغم أن الفرصة مواتية هذه الآونة للعمل بأريحية في هذا الاتجاه، ولا ضير من تشكيل هذا المنتخب، والعمل على تأمين كل الأجواء التحضيرية المناسبة، وفتح باب المشاركات أمامه بغض النظر عن نتائجه، لطالما أننا نسعى وراء الهدف الأسمى الذي من خلاله سنبني منتخباً وطنياً، يستطيع أن يعيد للسلة السورية ألقها من جديد.

الدراسة الخاطئة
الارتقاء بالمسابقات المحلية (الدوري والكأس)، وارتفاع مستوى الأندية فردياً وجماعياً لا بد من أن ينعكس إيجاباً على المنتخبات الوطنية، فالدوري القوي لابد أن يفرز منتخباً قوياً، إلا أن هذا الأمر لم يحدث لدينا بعد مضي عشر سنوات على دخول الاحتراف على أجواء سلتنا، والدليل تراجع منتخباتنا وأنديتنا في جميع الاستحقاقات وخروجها من الأدوار التمهيدية من دون أن تحقق أي نتائج توازي هذا الاحتراف ما يوصلنا لنتيجة مفادها أن احترافنا غير ناضج، وبحاجة لإعادة تقييم بما يتماشى مع الواقع المزري الذي تعيشه سلتنا في ظل احتراف أعرج بقدم واحدة، لذلك لابد من إعادة النظر بنظام مسابقات الفئات العمرية بعيداً عن سلق البطولات، وضغطها بحجة ضيق الوقت، وصب جل اهتمامنا عليها، وتأمين أجواء مناسبة لإقامتها من أجل أن تسنح الفرصة أمام جميع اللاعبين بالمشاركة، ولا ضير من وضع مكافآت مالية مجزية للفرق الفائزة بهذه المسابقات، واختيار أفضل لاعب ولاعبة، كل ذلك من شأنه أن ينعكس إيجاباً على واقع فرق القواعد التي مازالت تفتقر لأبسط مقومات العمل الجيد.

دعم عمل الأندية
ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأن لكل نتيجة أسبابها ومسبباتها، فإن مشكلة ترهل أداء أغلبية لاعبينا، وضعف مستواهم يأتي انعكاساً لما يحدث في أنديتنا التي يفتقر معظمها لعوامل الاستقرار الفني، وعدم قدرتها على وضع إستراتيجية بعيدة المدى لبناء قواعدها، لذلك لا يمكن أن ‏ تتطور سلتنا الوطنية ومنتخباتها، إذا بقيت فرق القواعد بهذه الدرجة من الاستخفاف والإهمال، ولن تستطيع سلتنا السير بخطوات واضحة على السكة الصحيحة، ما دامت فرق القواعد في آخر اهتمامات إدارات الأندية، ولن تنهض في حال بقيت أندية كبيرة تتصارع فيما بينها على شراء لاعب يتجاوز الخمسة والثلاثين عاماً، ولن تتطور ما دامت لغة المال طاغية في سوق الانتقالات، وتستطيع أندية عريقة باللعبة أن تشتري لاعبين من فئة الناشئين لتدعيم فريقها من دون أن تسعى للعمل الصحيح على فرقها، وبناء جيل سلوي واعد للمستقبل.
دعم الأندية بات أمراً ملحاً، وتقديم النصح لها من أجل العودة للعمل بقواعدها بشكل مدروس، وإلزامها بالمشاركة بجميع الفئات، والتلويح بعصا المحاسبة في حال الانسحاب، فذلك أفضل بكثير من الاهتمام بلاعبي فرق الرجال الذين باتوا يشكلون عبئاً ثقيلاً، ويأكلون الأخضر اليابس، من دون أن يقدموا أي شيء مفيد لسلتنا الحزينة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن