قضايا وآراء

هل ربحت إيران الرهان؟!

د. أسامة سماق : 

اتفق الخبراء والمحللون السياسيون في العالم على أن إدارة الرئيس أوباما من أضعف الإدارات الأميركية التي حكمت الولايات المتحدة…. وقد عللت بعض المراجع هذا الضعف للوعود التي أطلقها أوباما بإنهاء التورط الأميركي في العراق وأفغانستان وعدم التورط في حروبٍ جديدة تكون كلفها البشرية والمالية باهظة لاقتصاد يعيش أزمةً لم تنته بعد. وكان الشعار الذي أطلقه أوباما (التغيير) الذي يعني الحفاظ على المصالح الأميركية باستخدام أسباب القوة الباردة أحياناً كعقوبات اقتصادية أوالتدخل المحدود بالقوة الجوية كما حصل في كل من ليبيا والعراق وسورية في محاربة داعش.. أو خوض الحروب بالوكالة كما يجري في سورية وأوكرانيا واليمن….!
ما تقدم صحيح بالمجمل ولكن الصحيح أيضاً أن السبب ربما الأساس في ضعف الإدارة وترددها في اتخاذ القرار المناسب في الزمن المناسب لها يعود إلى شخصية الرئيس الأميركي نفسه، هذه الشخصية التي تعيش عقدتين: الأولى لكونه الرئيس الأول من أصول أفريقية في تاريخ الولايات المتحدة والثانية لجذوره الإسلامية… ونظراً لذلك حاول الابتعاد عن اتخاذ أي قرار يؤدي إلى المزيد من إراقة الدم الأميركي في حروب قد توقظ النعرة العرقية لدى الناخب الأميركي من جهة وأحجم عن الضغط على إسرائيل من أجل دفع عملية السلام إلى الأمام على الرغم من الوقت والجهد الذي بذلته إدارته في سبيل ذلك في الدورتين الانتخابيتين لأوباما كي لا يتهم من اللوبي اليهودي بما لا يستطيع إخفاءه من أصولٍ إسلامية.
رغم ذلك فمن الإنصاف أن نقول إن إدارة أوباما حققت لأميركا بعض النجاحات كسحب الجيش من العراق والتأسيس للخروج من الأزمة الاقتصادية وإعادة العلاقات مع كوبا بعد خمسين عاماً على قطعها…. والإنجاز الأهم الاتفاق الملك مع إيران.
نعود إلى ما بدأنا به فمن الملاحظ وبشدة المعارضة الشرسة للاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة (الخمسة زائد واحد) من أعضاء الكونغرس الجمهوريين وبعض الديمقراطيين ومن اللوبي اليهودي الأميركي وإسرائيل… حتى إن معركة التصديق عليه في الكونغرس غير محسومة النتائج وقد يضطر الرئيس إلى استخدام حق الفيتو لتمريره.
انطلاقاً مما تقدم يمكن القول إن إبرام الاتفاق في عهد أوباما أنقذ الاتفاق ذاته، ولو أجل التوقيع إلى ما بعد الانتخابات الأميركية لما قدر لهذا الاتفاق أن يرى النور؟… ربما!..
من هنا نرى أهمية الفوز الإيراني… حيث بذلت إيران الكثير من الجهد وأبدعت في إدارة الملف النووي ورقصت كثيراً على حافة الهاوية…. إلى أن دقت اللحظة المناسبة للتوقيع… فقد أجادت التحالف مع الزمن وتوظيفه لمصلحتها.
ومن خلال إسقاط ما حصل للمحور الإيراني على الأزمة السورية فإننا نرى أن كثافة الحراك الدبلوماسي من لقاءات وجولات الوزير وليد المعلم تبعث الأمل كي نستعجل حلاً للأزمة السورية التي طالت، وإذا قُدِّر للحرب السورية أن تستمر ضد الإرهاب فليكن بجهدٍ دولي يرفع أعباء المواجهة عن كاهل الدولة السورية وشعبها الكثير من المعاناة، ومن خلال مبادرة الرئيس بوتين وأثناء إدارة أوباما حيث لا نستطيع التنبؤ بسياسات سيد البيت الأبيض الجديد التي قد تكون أكثر دماراً من سياسات أسلافه، أكان هذا السيد جمهورياً أم ديمقراطياً…..؟!
إلى ذلك فقد أصبح من المسلمات أن مفاتيح الحل بيد كلٍ من أميركا وروسيا ولا يمكن لإحداهما التفرد به، ويبدو أن الظروف الدولية الراهنة بعد توقيع الاتفاق الإيراني وتبريد الملف الأوكراني واختلاط الأوراق في اليمن تقتضي الإسراع في إيجاد مخرج من الأزمة السورية ترضي كل الأطراف وتؤسس لحرب بلا هوادة على الإرهاب.
فانتصارات الجيش السوري البطل وصمود الدولة واستمرارها في ممارسة وظائفها تؤهل المفاوض السوري للتفاوض من موقع القوة… تمهيداً لإيقاف حمّام الدم ورفع الظلم التاريخي الذي لحق بهذا الشعب ودولته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن