ثقافة وفن

رسائل تربوية لمواجهة الفكر التكفيري

| د. رحيم هادي الشمخي

الجيل العربي الجديد يشاهد كل يوم ما تبثه بعض وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية من فضائيات ودور نشر وتجمعات التواصل الاجتماعي من أخبار، الهدف منها تسميم عقول الناشئة العربية في شتى مجالات الحياة في السياسة والاقتصاد والتربية والتعليم وتخريب أواصر العلاقات المجتمعية، والبنى التحتية للدول وشن الحروب على الدول العربية لسلب هويتها وتدمير حضاراتها وطمس شخصية الإنسان العربي بواسطة اتساع منابع الفكر التكفيري التي جلبتها الأحزاب السلفية بولادتها لـ«داعش» وأخواتها، كل ذلك يتطلب المزيد من الحيطة والحذر بالتغيير الجذري للبرامج التربوية والثقافية والفكرية.

أولاً: كان يجب على الأسرة أن تضع معالجات آنية في بيتها، وتربي أولادها على حب الوطن والابتعاد عن الأخبار التي يروج لها أصحابها، وهي أخبار ينقلها من يدخل على الأسرة من أبناء السوء وأصدقاء الشر، فالتحصين الأسري مطلوب، وبناء تربية الأطفال داخل الحرم الأسري يمنع اختراق الأسرة من الأفكار التي روجها الفكر التكفيري خلال احتلال المدن، خاصة في المدارس والجوامع وساحات تدريب الأطفال، وبصورة خاصة في العراق وسورية واليمن، واعتماده تجارة المخدرات لتخريب أواصر العلاقات الأسرية بين الأطفال والشباب.
ثانياً: أما في المدرسة فعلى المؤسسات التربوية أن تأخذ دورها في رسم خريطة تربوية جديدة ولاسيما عندما استغلت الحركات الإسلاموية المناهج التربوية ومنابر الجوامع والمساجد لتغيير معالم الحضارة وتدمير المتاحف وسلب الشخصية العربية في المدن التي احتلتها «داعش»، وحري بالتربويين ورجال الفكر والتربية مسح هذه الصورة القاتمة من حياة الناشئة، والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لنسيان تلك الفترة المظلمة، وهذا يتطلب وضع برامج تربوية في كل مدرسة أو معهد أو جامعة دخلها هذا الفكر التكفيري، وأن تأخذ الدولة حصتها من هذا الجانب الخطير خدمة للوطن والأمة ومستقبل التربية والتعليم، فبعد هزيمة «داعش» وفكرها الإرهابي المتطرف لابدّ لنا أن نناقش الأثر الرجعي الذي تركه هذا الفكر التكفيري لدى الأعداد الكبيرة من الأطفال والشباب الذين حملوا السلاح مع «داعش»، هؤلاء الأطفال والشباب في مدن عراقية وسورية مثل الموصل ودير الزور والرقة وغيرها قد أدخلهم «داعش» قبل هزيمته في مدارس، ووفر لهم معلمين أجانب أعطوهم درساً في محاربة الحضارة العربية والثقافة القومية وحب الوطن ومعاداة المرأة ونهبها وقتلها، وتناول الحبوب المخدرة.
ثالثاً: يأتي دور الإعلام مساوياً لما تقدم من معالجات، فهو صمام الأمان، لأنه يحمل الجوانب التربوية والثقافية والفكرية، فعليه إيجاد صيغ جديدة لغسل عقول هؤلاء الأطفال والشباب المتورطين وإدخالهم في دورات (السلامة الفكرية) وأن يأخذ الإعلام المرئي والمسموع دوره في تغيير البنية التي كان يستخدمها الفكر التكفيري، وذلك بفتح أبواب الثقافة الفكرية وتنظيف عقول الناشئة من الأفكار الهدامة التي جلبها «داعش» وأدخلها إلى العراق وسورية وأن تضع وسائل الإعلام (الصحافة) والتلفزة، والإذاعة، ومؤسسات النشر الوطنية والتجمعات الرياضية بوصفها تحتل ساحات واسعة من الشباب برامج جديدة لمحاربة هذا الفكر التكفيري واستئصال جذوره التي زرعتها أميركا وحلفاؤها في المنطقة العربية، وبذلك تستطيع أن تأخذ هذه الأبعاد التربوية دورها في استئصال هذا الورم السرطاني الذي أراد أن يفتك بالجيل العربي اليوم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن