قضايا وآراء

رابينوفيتش: نظام طهران دمشق الإقليمي يهزم النظام الإسرائيلي

تحسين الحلبي : 

لا أحد يشك في أن إسرائيل فشلت في توجيه السياسة الأميركية نحو شن حرب شاملة بقوات أميركية ومشاركة إسرائيلية على طهران والسبب واضح أعلنه الرئيس الأميركي أوباما مرات كثيرة هو أنه لا يملك أوراقاً وأملاً يحقق من خلالها أهدافه وأنه يخشى من دفع ثمن باهظ لا يضمن بعده المحافظة على المصالح الأميركية في بعض مناطق الشرق الأوسط.
وهذا الفشل الإسرائيلي يحمل معه عدداً من الحقائق التي فرضتها طهران ومنها أن واشنطن قابلة لعقد اتفاق مع دولة (مثل إيران) تعلن يومياً أنها لن تعترف بإسرائيل ولن تتوقف عن دعم المقاومة ضدها ومن دون أن تدفع ثمناً لإسرائيل مقابل اتفاقها مع واشنطن، فالكل يعرف أن السياسة الإسرائيلية تستند إلى تسخير القوة والنفوذ الأميركي في المنطقة لمصلحة التطبيع مع إسرائيل والتوافق مع سياستها أو الصمت على سياستها العدوانية مثلما حدث مع السادات والملك حسين بشكل خاص. فإيران إذاً خرقت هذه السابقة التي وضعتها إسرائيل على جدول عملها ضد كل دولة عربية أو غير عربية وإيران تعلن أنها تدعم دولة مثل سورية احتلت لها إسرائيل الجولان ومقاومة فلسطينية وعربية لبنانية تعلن كل يوم أنها ستقاوم وجود إسرائيل واحتلالها لفلسطين.
ولذلك يرى (إيتامار رابينوفيتش) البروفيسور الإسرائيلي وممثل إسرائيل السابق في المفاوضات مع سورية في تحليل نشره له مركز (بروكينغز) للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان: «إسرائيل والتغيير الجاري في الشرق الأوسط» كانون الثاني 2015 أن إسرائيل نجحت في فرض تطبيع للعلاقات مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية وما يشبه التطبيع الخفي مع دول عربية أخرى واعتبرت أن الطريق إلى التطبيع الشامل مع جميع الدول العربية أصبح ممهداً لكن إيران وتزايد قدراتها العسكرية وفي المجال النووي خلق مهمة صعبة أمامها خصوصاً لأن سورية وحزب الله وبعض الفصائل الفلسطينية ما زالوا يسدون الطريق من خلال الدعم الإيراني أمام التطبيع الشامل مع إسرائيل… ويضيف رابينوفيتش بأن خطر هذه الأطراف بدأ يتعاظم من دون أن يكون بمقدور إسرائيل التخلص منه بقوتها الذاتية ولذلك اتجهت سياستها في السنوا ت العشر الماضية نحو توجيه واشنطن ضد إيران لمنعها من زيادة قدراتها العسكرية والنووية فأصبحت إسرائيل من جديد بحاجة لدولة عظمى مثل الولايات المتحدة في مواجهة هذا الخطر.
ويعترف (رابينوفيتش) أن إسرائيل لم تستطع رغم كل الظروف التي تمر بها دول المنطقة منذ عام 2011 أن تفرض نظامها الإقليمي وبقيت المنطقة ضمن أربعة أنظمة إقليمية مختلفة: الأول يشكله التحالف الإيراني- العراقي- السوري- ومعه حزب الله والفلسطينيون المعارضون لأوسلو والثاني يشكله التحالف التركي- القطري الذي يتبنى (الإخوان المسلمون) والثالث يشكله (التحالف السعودي- الخليجي- المصري والأردن والمغرب والرابع تحالف المنظمات التكفيرية- داعش- النصرة والمنظمات المماثلة لهما في سورية والعراق والمنطقة.
ويرى المسؤولون في إسرائيل أن نتنياهو رئيس الحكومة كان يرغب في أن تعلن بعض الدول العربية (المعتدلة) المتحالفة مع واشنطن تطبيعها الرسمي مع تل أبيب لكنها بموجب تقدير (غادي إيزينكوت) رئيس الأركان الإسرائيلي أبدت خوفها من توقيت مثل هذه الخطوة ما دام محور المقاومة قادراً على تعزيز قدراتها وخصوصاً إيران.
ويقول (رابينوفيتش): إن سنوات «الاضطراب» التي شهدتها الدول العربية وانشغال الجامعة العربية بالعمل لحصار سورية وإسقاط قيادتها لم يوفر لنتنياهو سوى تحقيق إنجازاته على الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية واستمرار الحصار على قطاع غزة وبقي الوضع الفلسطيني الرسمي في أدنى حالات ضعفه أمام إسرائيل إلى حدٍ جعل نتنياهو لا يرغب حتى بالتفاوض مع السلطة الفلسطينية؟!
وهذا يعني أن قوة إسرائيل ظلت عاجزة عن فرض نظامها الإقليمي وظلت عاجزة عن تخفيض مستوى قدرة النظام الإقليمي الذي تسعى أطراف المقاومة إلى فرضه لمصلحة مناهضة الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأميركية… ويختتم (رابينوفيتش) تحليله بالاعتراف بأن (قدرة إسرائيل على التأثير في التطورات وتوجيه مساراتها لمصلحتها على المستوى الإقليمي بقيت محدودة) وفي هذا الاعتراف يكمن الجزء المتمم وهو انتصار أطراف المقاومة وبقاء محورهم أكثر تأثيراً في التطورات من الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن