ثقافة وفن

يهون كل شيء

| د. اسكندر لوقــا

في شهر حزيران من عام 1918، والحرب العالمية الأولى تقترب من نهايتها، نشطت الأوساط الوطنية في سورية لتدارس مستقبل الوطن. في هذا السياق كان اللقاء بين أحد الرجالات الوطنية في سورية الدكتور عبد الرحمن الشهبندر والكوماندور هوغارث عميد جامعة اوكسفورد المنتدب للعمل في المكتب العربي في القاهرة. هذا فضلاً عن تدارس مستقبل الوطن مع شخصيات سياسية دولية كان لدولهم دور بارز في التأثير الفعال في سير الحرب.
ونعلم أن الأوساط السياسية الوطنية كان لها دورها في سياق شرح قضايانا، بدءاً من تاريخ انعقاد المؤتمر العربي الأول في باريس في سنة 1913 وحتى تاريخ الاستقلال في سنة 1946. ونعلم أيضاً أن هذا العمل كان في أوجه بالتحديد في منذ قيام الحرب العالمية الأولى وحتى نهايتها في سنة 1918 وذلك نظرا لانتقال الأوضاع في المنطقة العربية، عموما، من حالة إلى أخرى، وتوقع حدوث تغييرات جذرية فيها.
وفي سياق التغييرات التي طرأت على المنطقة، كان العرب يرمون من خلالها إلى تذكير الدول الحليفة بما قطعته على نفسها من وعود وعهود حول منح البلاد العربية حق تقرير المصير بعد الحرب مباشرة. ومن صور التذكير ما تمخض عن الاجتماع الذي جرى بين الشهبندر وهوغارث على خلفية التصريح الذي عرف، بـ«العهد البريطاني للسوريين» وفيه تأييد بريطانيا لمطالب السكان حول الاستقلال.
ومع أن شيئاً مما ورد في العهد المذكور لم يتحقق، فقد واصل الوطنيون سيرهم على درب المقاومة والنضال وكان شعارهم دائما: من أجل استقلال الوطن ووحدة أرضه وكرامة الشعب يهون كل شيء. وهذا ما أثبته تاريخ النضال في سورية، بعد عقود طويلة من النضال المرير ضد المستعمرين، القدامى منهم والجدد. وأيضاً هذا ما أثبتته السنوات السبع الماضية حتى اليوم وسورية تخوض معركة الوجود ضد تتار العصر، دفاعا عن استقلال الوطن ووحدة أرضه وكرامة مواطنيه مدنيين وعسكريين، مهما كان ثمن انتصاره على أعدائه باهظا، ومهما طال الزمن وصولا إلى ساعة النصر.
لكل هذه الاعتبارات، وحرصاً على مكونات الصمود والتضحيات التي قدمها شعبنا على مدى عقود طويلة، من الجدير أن تكون وسائل إعلامنا المرئي والمسموع والمقروء، حاضنة لعوامل جعل أبناء شعبنا ينتصرون على أعداء الوطن.
وفي هذا السياق يندرج واجب الوسائل التي أشرت إليها، لبيان أهمية قراءة التاريخ واستيعاب دروسه بغض الطرف عن القول إن التاريخ يعيد نفسه ولا مجال لقدرة إنسان الواقع على تغيير مساره. إنها ثقافة الوعي التي ينبغي علينا أن نعمقها في نفوس أبنائنا وأحفادنا ليكون الغد ملك أيدينا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن