قضايا وآراء

حادثة 17 أيلول وإسرائيل وسورية

| تحسين الحلبي

يرى البروفيسور الإسرائيلي في علوم السايبير والحروب الحديثة وسيناريوهاتها لدى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، شايطاي شوفال، في تحليل نشره في مجلة «إسرائيل ديفينس» في 11 أيلول الجاري أن القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية ستظل تواجه «خطر تعاظم القدرات العسكرية الإيرانية والسورية ومضاعفاتها في أي حرب مقبلة على الجبهة الشمالية خلال السنوات العشر المقبلة وسوف تظل أي حرب كهذه محكومة بنفس شروط تزايد القوة السورية والإيرانية».
وبالمقابل يرى محللون عسكريون وسياسيون آخرون أن مرحلة جديدة في الصراع الإسرائيلي مع الجبهة الشمالية بدأت تفرض نفسها بشروط صعبة ستلحق أكبر الأضرار بالعقيدة العسكرية التكتيكية والإستراتيجية مع سورية وحزب اللـه وإيران.
ويرى الكاتب السياسي في صحيفة «هآريتس» جيدعون ليفي في 28 أيلول الجاري أن إسرائيل تواجه «لأول مرة منذ سنوات كثيرة من يقول لها توقفي فوراً عن السياسة العسكرية التي قمت بانتهاجها ضد سورية فروسيا الآن أصبحت تلك الدولة التي تقف إلى جانب سورية وتقول هذه العبارة لإسرائيل». ويضيف ليفي إن «حدود القوة العسكرية الإسرائيلية بدأت تضيق بشكل متزايد وإن التهديدات التي أطلقها مدير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي عاموس يادلين في نيسان الماضي بالإضافة إلى قادة عسكريين بأن الجيش الإسرائيلي سيوجه ضرباته ضد منظمات صواريخ «إس 300» إذا سلمتها روسيا للجيش السوري والآن بعد أن ثبت وتأكد قرار استلام الجيش السوري لهذه المنظومة صمت يادلين ومعه ضباط القيادة العسكرية».
وفي نفس الاتجاه يؤكد شوفال أن أي حرب قد تقع بشكل شامل بين إسرائيل وإيران لن تختلف في ضراوتها وأخطارها على إسرائيل سواء وقعت في هذه الأوقات أو بعد عشرة أعوام لأن الشرق الأوسط انقلب كله بطريقة لا تسرّ إسرائيل ومستقبلها.
الحقيقة التي تظهر من هذه التصريحات الإسرائيلية وبهذا المستوى من المحللين الاستراتيجيين العسكريين هي أن «جبهة الشمال» كما تصفها إسرائيل، أصبحت قابلة بقدراتها وتاريخ انتصاراتها على مخططات إسرائيل على مجابهة أي حرب شاملة تشنها إسرائيل عليها، فإسرائيل ترى أن جبهة الشمال تمتد من حدود فلسطين المحتلة مع جنوب لبنان إلى حدود الجولان المحتل وتدعمها قدرات عسكرية كبيرة في عمقها الذي يصل إلى طهران.
ولا شك أن العامل الجوهري الذي يقلق إسرائيل من هذه الجبهة هو أنها إقليمية من دول المنطقة وباستطاعتها كقوة إقليمية مجاورة لفلسطين المحتلة إلحاق الهزيمة الحاسمة بإسرائيل من دون أن تحتاج لدعم عسكري متواصل من دولة عظمى بينما ستتحول إسرائيل إلى الدولة التي لن يكون بمقدورها الصمود أمام هذه القوة الإقليمية من دون دعم عسكري أميركي بالمعدات والذخائر وقد يصل إلى الحاجة إلى مطالبتها واشنطن بإرسال قوات بشرية أميركية في ظل حرب من هذا القبيل.
يجمع القادة العسكريون في إسرائيل على ضرورة أن تتجنب إسرائيل أي حرب شاملة على جبهة الشمال خصوصاً إذا كانت وحدها في حرب كهذه سواء بوجود مشاركة أو دون مشاركة إيرانية في الدفاع عن سورية، لأن ترسانة حزب اللـه الصاروخية وامتداد جبهة الشمال من حدود الجولان إلى جنوب لبنان ستشكل جبهة حرب قاسية على الجيش الإسرائيلي.
ربما هذا ما يشير إليه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت حين أعلن أول أمس أن جيشه يفتقر لجهوزية القوات البرية والدروع في أي حرب شاملة مقبلة ولابد من إيجاد الحلول لهذا الموضوع، ويذكر أن أهم عامل محبط لخوض حرب دروع إسرائيلية كان قد ظهر حين تبين من استطلاع رأي أجرته صحيفة «هآرتيس» قبل فترة وظهر من نتائجه أن 67 بالمئة من المجندين للخدمة الإلزامية في الجيش للعام 2017، لا يفضلون أن تكون خدمتهم في ميدان القتال البري أو الدروع ويفضلون كل ما يتعلق بحروب الإنترنيت والحروب الإلكترونية السايبير في المكاتب وهذا يعني وجود نقص حاد في حوافز ودوافع المجندين تجاه خوض أي حرب مقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن