ثقافة وفن

«ك مكان» استغرق مني وقتاً سنةً ونصف السنة … أحمد الوعري لـ«الوطن»: للحياة آثارها العالقة داخلنا ونعيشها على صورة مدينة

| سوسن صيداوي

«كتمت خسارتي فتركت ندباً بأشكال محببة داخلي، فقد خسرت أباً ترك داخلي جسراً، وخسرت فتاة تركت داخلي حديقة.. وخسرت أقارب تركوا داخلي بيوتاً.. وخسرت صديقاً ترك داخلي شارعاً… تجّمعت خساراتي وأصبحت أمكنة مثل مدينة.. أولها وآخرها أنا.. أنا ناسها المتعبون أنا كل أنقاضها… كلّ منا تدور حوله المشاعر والأفكار والخيبات والأحلام وتترك آثارها… «ك مكان» عبارات أراد الفنان التشكيلي أحمد الوعري أن ينشرها في بروشور معرضه الفردي الرابع «كَ مكان»، الذي أقامه برعاية وزارة الثقافة في الآرت هاوس في دمشق. المعرض يضم ست عشرة لوحة متفاوتة في الحجم. المدن السورية حاضرة في كل اللوحات، والتكريم هذه المرة لمدينة حمص-مدينة الفنان- وللموسيقي إياد ريماوي. وحتى في هذا المعرض سلطة الأفكار ما زالت هي المحرك والباعث للمواضيع كما في معرضه السابق، فبرأي الفنان الأفكار مترابطة، وعبرها وجد طريقته التعبيرية الخاصة التي شكلّت خطه الفني بالمدرسة الواقعية. الحضور كان متفاوتاً في الرأي وفي الانبهار، وبرأي المختصين من التشكيليين، المعرض جميل وهو بالفعل مبهر للأشخاص العاديين، ولكن التشكيليين كان رأيهم حازماً بأنّ الفنان هاوٍ وبالفعل لديه الموهبة، وهو بحاجة إلى المتابعة الجادة لصقلها، كي يُظهر من فنه الأفضل والمتوقع.

في اللوحة فكرة
في الافتتاح حضر معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض الذي أخبرنا برأيه عن الأعمال المعروضة قائلاً: «لاشك أن هناك تميّزاً باللوحات التي قام الفنان أحمد الوعري بعرضها، وفي الحقيقة، إنّ كل عمل لا يخلو من ملاحظات، ولكن الأعمال بالمجمل تعكس المستوى الجيد لكل فنان سوري اجتهد وواصل العطاء بالأزمة التي استمرت سبع سنوات، فهذا الأمر بالاستمرارية والمتابعة له خصوصيته وتميّزه وهو محل تقدير، هذا إضافة إلى أنّ الفنان من الفئة العمرية لجيل الشباب وهذا الأمر يبشر بمستقبل واعد للفن التشكيلي، لأنه ستصقله التجارب مع تقدم العمر والخبرة اللذين يساهمان في بلورة التجربة وإبراز الموهبة. بالعموم ما يميّز المعرض اليوم أن اللوحة فيها فكرة، وليس في اللوحات أي رسم عبثي ولمجرد الرسم، وبالطبع هناك تفاوت بالمستوى الفني بين الأعمال المعروضة، وبالفعل في بعض اللوحات أنا وجدته متفوقا على نفسه ومحاولا فيها أن يبرز مقدراته ورؤيته، والأمر واضح جداً في لوحة البورتريه، اللوحة الرئيسية في المعرض التي تجسد صورة طفلة جالسة على كرسي. وأختم حديثي بفكرة أخيرة بأن المعرض يربط الحاضر بالماضي بين الجيل القديم مع الجيل الشاب إلى مستقبل زاهر للحركة التشكيلية السورية».

الوعري في كلمته
في تصريح لـ«الوطن» عبّر الفنان التشكيلي أحمد الوعري عن فرحته الكبيرة لكون هذا المعرض هو المعرض الفردي الرابع، متمسكا بنفسه لكونه هاوياً ولكنه في الوقت نفسه هو شخص ساعٍ بكل جدّ أن يقدم نفسه، ومعرضاً بعد معرض كفنان تشكيلي أعماله تحوز كل التقدير والإعجاب، متابعاً: المعرض بعنوان «ك مكان» ويضم ست عشرة لوحة، استغرق مني وقتاً مدة سنة ونصف السنة، واخترت له اسم «كَ مكان» لأن في كل لوحة مدينة، لكون ما تخلّفه لنا الحياة من آثار نفسية وفكرية تبقى عالقة في داخلنا ونبقى نعيشها وتعيش فينا على صورة مدينة. إذا الموضوع الذي يوحّد كل اللوحات هو المدينة الموجودة بكل منها. وصحيح أنّ معرضي السابق كان بعنوان «سلطة الأفكار» ولكن لا تزال حتى اليوم الفكرة حاضرة في كل اللوحات المعروضة، وبرأيي الفكرة لا تلغي الحضور التشكيلي بل تعبّر عن شخصية الفنان وأسلوبه وكل ما يدور في داخله من خوالج ومتناقضات هائلة، كما أحب أن أضيف إن التقنيات التشكيلية التي يستعملها الفنان-من منظوري الخاص-يضيفها من غير وعي، فمثلا يكون على مشارف الانتهاء في اللوحة، فيرى ضرورة مزج الألوان، هذه الحركة تريحه من دون أن يعرف جوابا لتصرفه، ولطالما يحمل العمل الفني جزءاً من شخصية الفنان التي هي مركبة بطبيعة حالها. بالنسبة للشريط اللاصق نعم هو حاضر كما في المعرض السابقة، وأنا أرى أن كل شخص مقيد بمعنى أنني لن أستطيع ترك الشريط اللاصق، لكونه أضحى طريقة تعبير أنا اخترعتها وهي خط فني بالمدرسة الواقعية، ومن جهة أخرى الشريط اللاصق أصبح يربطني بأي فكرة أو بأي شخص».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن