الأولى

ماذا في جعبة ظريف..

بيروت- محمد عبيد : 

الزيارة الخاطفة التي قام بها وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى لبنان وسورية لم تكن بروتوكولية أو حتى تشاورية كالمعتاد لا من حيث التوقيت ولا من جهة المرجعين الأساسيين المعنيين بها اللذين التقاهما السيد حسن نصر اللـه والرئيس بشار الأسد.
فالمصادر المتابعة تؤكد أن ظريف الموفد من المرجعية والحكومة معاً حمل في جعبته شرحاً تفصيلياً لخفايا المفاوضات الإيرانية مع مجموعة 5+1 حول الملف النووي الإيراني مع ما رافقها من حوارات جانبية في القضايا الإقليمية، كذلك الاتفاق الذي تم توقيعه وتداعياته المحتملة على تلك القضايا وفي مقدمها سورية.
أبدى ظريف ثقة كبيرة بقدرة إيران وحلفائها على الاستفادة من التحولات التي سيفرضها هذا الاتفاق على العلاقات الدولية وعلى توازنات القوى في المنطقة رغم السعي الإسرائيلي والسعودي إلى تعطيل مفاعيله هنا وهناك، ذلك أن الحذر الضروري في متابعة ومقاربة الخطوات الأميركية تجاه عملية التصديق على هذا الاتفاق في الكونغرس لا يصل إلى حدود الخوف من تأثير ذلك في مسار علاقات إيران مع دول العالم الأخرى كافة، وخاصة بعد تحررها من الالتزامات التي فرضتها قرارات العقوبات والحصار من مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الأوروبي بعد تصديقهما له، وبالتالي باتت الأزمة في دوائر القرار الأميركي وبين مؤسساته وليس بين إيران والمجتمع الدولي.
وكما يبدو حتى الآن فإن هذا الاتفاق الذي أدخل إيران إلى نادي الدول النووية وأعادها إلى ساحة العلاقات الدولية، لم يوقف السجال المباشر أحياناً مع واشنطن وبالوساطة أحياناً أخرى مع السعودية حول الاتفاق على عناوين يمكن أن تشكل مخرجاً لحل الأزمة في سورية. فالحل يبدأ عند إيران وقوى عظمى أخرى وفي مقدمها روسيا من الإقرار بشرعية رئاسة الرئيس الأسد وحكومته التي عبرت عنها أغلبية الشعب السوري في الانتخابات الأخيرة، هذا بالإضافة إلى شرعية وطنية وعالمية أخرى وطدها وقوف الرئيس الأسد وحكومته والجيش العربي السوري في وجه الإرهاب التكفيري، ما جنب المنطقة والعالم تمدد هذا الإرهاب وتوسعه وتهديده للأمن والسلم الدوليين بشكل أخطر مما هو عليه اليوم. في حين أن واشنطن والرياض تضعان مسألة إزاحة الرئيس الأسد شرطاً لإطلاق أي تسوية إقليمية تتحرك من سورية لتشمل دولاً أخرى كاليمن والعراق..
والى جانب إيران وروسيا تقف أيضاً قوى فاعلة ومعنية بالمواجهة في سورية وفي مقدمها حزب اللـه الذي أعاد أمينه العام السيد حسن نصر اللـه أمام الوفد الإيراني تأكيد التلازم في المصير مع الرئيس الأسد لكون التماهي في الرؤية السياسية وفي القتال إلى جانب الجيش العربي السوري جعل من سورية والمقاومة حالة واحدة لا يمكن فكها عن بعضها وخصوصاً أن العدو الإسرائيلي الذي حاول ويحاول الاستثمار بالإرهاب التكفيري، لا يوفر فرصة كي يعيد فصل مسار المقاومة الواحد الذي ربط جبهتي المواجهة معه في جنوب لبنان والجولان.
ويقول بعض العارفين إن موضوع لبنان وتشعباته السياسية ومنها الرئاسية لم يرد ولو بالذكر في لقاء ظريف – نصر اللـه، وما دار من لقاءات أخرى مع مسؤولين في السلطة اللبنانية طغى عليه طابع المجاملة البروتوكولية التي اكتفى خلالها ظريف بالتأكيد أن الانتخابات الرئاسية شأن لبناني بحت تساعد إيران في حلحلته إذا طُلِب منها ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن