من دفتر الوطن

مشكلات.. وحلول!

| عصام داري

مهنة الكتابة – إذا جاز لنا أن نسميها مهنة – صعبة وتحتاج إلى نفس طويل وقدرة فائقة على اختيار العبارات والجمل والأسلوب، إضافة إلى البحث عن الفكرة أو الموضوع الذي سيتناوله الكاتب.
وعادة ما تكون الفكرة هي أصعب ما في الأمر، لكن في بلدنا الفكرة، والأفكار معروضة بالمجان على قارعة الطريق، فأينما التفتت تجد فكرة تستحق الكتابة عنها، والإشارة إليها، والمضحك في الأمر أن معظم تلك الأفكار والموضوعات هي سلبية للغاية، ونادراً ما تصادفك فكرة تبعث على التفاؤل أو التفاخر أو الإشادة.
فور وصولك الشارع تبدأ «الموشحات» التي يشدوها المتسولون، الأطفال والنساء والشيوخ لا فرق، وتسمع حكايات وقصصاً عن المرض الذي أصاب أولياء وأقارب المتسولين والوصفات الطبية التي يبرزونها لك كي تتأكد أنهم لا يكذبون.
ولو اقتنعت وأردت أن تساعد هؤلاء، فستصل في آخر النهار وليس في جيبك إلا ثمن خبزك كفاف يومك حتى لو كنت قد تسلمت راتبك فوراً.
نعرف أن الأزمة أفرزت هذا الكم الكبير من المتسولين، عن حق وعن باطل أيضاً، لكن ألا تمتلك الدولة، أو الحكومة على أقل تقدير حلولاً جاهزة لهذه المشكلة التي كدنا نصل إلى نهايتها قبل الأزمة، فمدينة حمص قبل الأزمة – على سبيل المثال – كانت المدينة السورية الأولى والوحيدة التي قضت على ظاهرة التسول؟
والتسول مرتبط ارتباطاً وثيقاً بغلاء المعيشة وضعف الرواتب والأجور، ولا نظن أن حكومتنا الموقرة تجهل هذا الواقع، وإلا كان عليها الرحيل منذ زمن، وهذه مشكلة المشكلات، والغريب أن السوريين يتمتعون بخواص وميزات لا تتمتع فيها شعوب الأرض، فكيف يعيش الشعب السوري، أو فقراء هذا الشعب؟ فهذا العجب العجاب، ونتذكر أبي نواس الذي قال:
تعجبين من سقمي…. صحتي هي العجب
وأنا هنا أطمئن حكومتنا الرشيدة، صاحبة الوعود العديدة، بأنني لا أطالبها بزيادة الرواتب والأجور –لا سمح اللـه – فمثل هذه الزيادة ستكون وبالاً على أصحاب الدخل «المهدود» لأن ارتفاع الأسعار سيسبق أي زيادة، لكنني أقترح –توفيراً للمال والجهد- أن تحجب الرواتب والأجور عن جميع موظفي وعاملي الدولة وتتكفل هي بتوفير الطعام والشراب لكل المواطنين وهذا الحل يرضي الجميع.
ألا تعرفون قصة الفلاح الذي جاءه مندوب الضرائب وسأله ماذا يطعم دجاجاته، فقال له: قمحاً، فأرعد المندوب وأزبد وقال له: يا ظالم أتطعم دجاجاتك القمح والمواطنون يعانون أزمة الخبز؟.. مخالفة بخمسين ألف ليرة!
وبعد فترة جاء المندوب نفسه وسأله السؤال نفسه فأجاب: أطعم الدجاجات شعيراً، فغضب المندوب وقال: هذا المحصول الإستراتيجي للبلد تبدده بإطعام دجاجاتك الشعير الذي يمكنه توفير الخبز في حال عدم توافر القمح! غرامة بخمسين ألف ليرة.
وفي المرة الثالثة عندما عاد مندوب الضرائب وطرح على الفلاح السؤال نفسه أجاب: يا سيدي أنا أعطي دجاجاتي مصروفها نقداً وهي تأكل على مزاجها وكما تشتهي! أليس جميع السوريين دجاج الدولة؟ فعلى الدولة توفير الطعام والشراب اللذين يليقان بالمواطن، إضافة إلى كسوتي الشتاء والصيف، وكفى المؤمنين القتال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن