قضايا وآراء

إنهاء ملحقي «الباقورة والغمر» من اتفاقية وادي عربة

| نعيم إبراهيم

إعلان العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، إنهاء ملحقي «الباقورة والغمر» من اتفاقية وادي عربة الموقعة مع العدو الصهيوني العام 1994 يمكن البناء عليه لجهة إلغاء الاتفاقية بعد تصميم الشعب الأردني على رفضها ما يؤكد أن الاحتلال نقيض للسلام.
وقال عبد الله في تغريده له على صفحته الرسمية على «تويتر»: «لطالما كانت الباقورة والغمر على رأس أولوياتنا، وقرارنا هو إنهاء ملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام، انطلاقاً من حرصنا على اتخاذ كل ما يلزم، من أجل الأردن والأردنيين»، مشيراً إلى أن «الباقورة والغمر أراض أردنية، وستبقى أردنية، ونحن نمارس سيادتنا بالكامل على أراضينا» وأن «أولوياتنا في مثل هذه الظروف الإقليمية الصعبة هي حماية مصالحنا، وعمل كل ما يلزم من أجل الأردن والأردنيين».
من هنا تأتي أهمية الفعاليات الشعبية والحزبية الأردنية المستمرة مطالبة الحكومة الأردنية بعدم تجديد اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر للكيان الصهيوني، معتبرين أن تجديد الاتفاقية يعني «التفريط بأراضينا».
وتخضع مناطق الباقورة والغمر الواقعة على الحدود الأردنية الفلسطينية لنظام أحكام خاصة، وبموجبها يتم السماح للاحتلال بالتصرف ووضع السيادة الكاملة عليها.
وحسب البند رقم 6 من الملحق رقم 1 الذي يحمل عنوان منطقة الباقورة/نهاريم في اتفاقية وادي عربة، التي تقضي بأن هذا الملحق يستمر نافذ المفعول لمدة 25 سنة، ويجدد تلقائيا لفترات مماثلة، ما لم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته بإنهاء العمل بهذا الملحق، قبل عام من انتهائه، وفي هذه الحالة يدخل الطرفان في مشاورات حيالها، بناء على طلب أي منهما.
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، رد على قرار العاهل الأردني، وقال في احتفالية ذكرى اسحق رابين: إن «الأردن طلب إعادة أراض لسيادته كانت تحت السيطرة الإسرائيلية ضمن اتفاق السلام الموقع بين الطرفين»، وأضاف: «هناك اتفاق سلام حقيقي مع الأردن، سندخل في مفاوضات معهم بشأن تمديد الترتيبات القائمة».
في تغريدة لمواطن أردني جاء فيها: «لم يخض جدّي «مصطفى الصافوطي – الجيش العربي الأردني» معركة الكرامة ويصاب فيها حتى يتنازل أحدهم بعدها عن شبر واحد من أرضنا. ولم يعش أبي منذ أن كان ابن الـ7 أعوام هو وإخوته الـ10 أيتاماً طوال حياتهم لكي يشعرنا المسؤولون بأن تضحيات جدي وشهدائنا ذهبت دون جدوى! بدنا الباقورة والغمر».
هذه واحدة من عشرات آلاف التغريدات التي أكد فيها المواطنون الأردنيون مطلبهم المحق «بدنا أراضينا» و«إنهاء عقود من سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على أراض أردنية لطالما شكلت استغلالا لثرواتنا من جانب مستعمر لم يبد على مدى 24 عاماً هي عمر اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية أي بادرة حسن نوايا، بل إنه يتجه للتصعيد والتعقيد أكثر».
من دون أدنى شك سوف يحاول العدو الصهيوني في المرحلة القريبة المقبلة التذرع بأسباب واهية للاحتفاظ بالأراضي الأردنية المحتلة وسيتحرك دوليا عند راعيته الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها لممارسة ضغوط على الأردن الأمر الذي يؤكد أن إجبار هذا العدو على التخلي عن هذه الأرض لن يكون عملية سهلة، وتحتاج إلى الدخول في «مشاورات» مع الجانب الصهيوني، كما نصت الاتفاقية، وخلال هذه المشاورات لن تترك سلطات الاحتلال وسيلة وعلى الأخص في ظل حكومة اليمين الحالية بزعامة نتنياهو، دربا لن تسلكه للالتفاف على بنود الاتفاقية.
لهذا يعتقد مراقبون أردنيون أن هذه المشاورات التي تنص عليها الاتفاقية بعد أن يشعر أحد الطرفين الأخر بعدم رغبته بتجديد اتفاقية الوضع الخاص، تتطلب من الأردن وأي وفد يتم تشكيله لهذه الغاية عدم التساهل في أي شبر من هذه الأرض الأردنية المحتلة، وخاصة أن حكومة نتنياهو المأزومة داخليا ستتعرض لضغوطات هائلة تجاه المستوطنين الذي يستغلون ويقطنون هذه الأراضي منذ ثلاثة أجيال من الاحتلال على الأقل. من هنا فان الرأي العام الأردني لن يقبل بأقل من استعادة جزء من أرضه المحتلة، سعياً نحو تحرير كامل التراب الفلسطيني والعربي وإنهاء الاحتلال الصهيوني.
حقيقة إن المفاوض الأردني اعترف بشرعية احتلال الصهاينة لهذه المناطق ورضّي بالسيادة الاسمية على هذه الأرض الأردنية تحت ذريعة ما يسمى «وفقاً للاتفاقية» الملكية الفردية «الإسرائيلية». كما تنازل عن مياه نهر اليرموك كاملة «على الأقل عملياً» مقابل وعود صهيونية بمياه بديلة من نهر الأردن مشروطة بأن يدفع الأردن ثمن هذه المياه!
أحيل القارئ الكريم إلى نص المعاهدة كاملة للاطلاع على التفاصيل ففيها ما يؤكد أن العدو الصهيوني هو المستفيد فقط من اتفاقية كهذه، غير أن الآمال معقودة على الأردن لإلغاء الاتفاقية بالكامل وليس الاكتفاء بإلغاء ملحقين منها، والذهاب إلى خيار المقاومة والممانعة لاستعادة كامل الحقوق العربية المغتصبة انطلاقاً من أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن