ثقافة وفن

ورشة ومعرض «همس الحروف»… الجمع بين أصالة وحداثة فنّ الخط العربي…تنمية لغة الفنّ والإبداع بعيداً عن المنهاج المُدرّس واعتماد الخبرة والمعلومات

 عامر فؤاد عامر – تصوير : طارق السعدوني : 

تتويجاً لورشة الخط العربي «همس الحروف» التي أقامها المعهد التقاني للفنون التطبيقيّة في دمشق؛ وبعد مرور عشرين يوماً من النشاط والاجتهاد وتعلّم خبرات جديدة في هذه الورشة؛ أقيم المعرض الفني الذي حمل نفس الاسم «همس الحروف» في قاعة العرش الملكي في قلعة دمشق، فكانت نتاجاً مميّزاً من لوحات الخط العربي المتنوّعة في شكلها، وحجمها، وأبعادها، وألوانها.

بذرة لحداثة الخط العربي
وقد التقينا رئيس قسم الخط العربي في المعهد التقاني «طارق سوّاح» الذي علل لنا تسمية المعرض بـ«همس الحروف»: «لما يصدره الحرف من لغة أنين أثناء كتابته بالريشة والحبر على الورق». أمّا عن أهداف الورشة والعمل فيها فيشير: «لدينا هدفان مباشر وغير مباشر، فالمباشر هو خلق جيل جديد مثقف قادر على إبداع لوحة فنية بقدراته الخاصّة، دون اهتمام الطالب المشارك بمنهاجه الدراسي والسعي وراء منحه علامة في الامتحان، بل الهدف هو تنمية خبرة معينة لديه من خلال أفكاره الخاصّة، أمّا الهدف غير المباشر فهو تسليط الضوء على الخط العربي، فالمعهد التقاني للفنون التطبيقية هو الجهة الوحيدة في سورية التي تدرس الخط العربي بصورة أكاديميّة، فيدرس الطالب في هذا القسم أنواع الخط وكيفيّة تشكيل لوحة لكن ضمن حروف حدود مرتبطة بالشكل التقليدي للخط العربي، كتشكيل لوحات مأخوذة من كتب دينيّة أو لوحات مزخرفة بالخط العربي، في حين في هذه الورشة حاولنا دمج أصالة الخط بالحداثة، بأسلوب لوحة تشكيليّة».

أعمال تزيّن الوزارة
شارك في هذه الورشة مجموعة من طلاب المعهد التقاني ومجموعة من المتخرجين من هذا المعهد، ومهتمين بهذا المجال، إضافة لمجموعة من الأساتذة الذين قدّموا خبرتهم ومعلوماتهم مشرفين على المجموعة وأعمالها خلال مدّة الورشة، ومع نهاية الورشة كانت لدينا مجموعة من اللوحات وصل عددها إلى ثلاث عشرة لوحة فنيّة تشكيليّة في مجال الخط العربي. وقد افتتح المعرض بحضور معاون وزير الثقافة «توفيق الإمام»، ومدير المعهد التقاني للفنون التطبيقيّة «طلال البيطار» ومجموعة من المهتمين بهذا المجال. وسيمتدّ هذا المعرض أسبوعاً كاملاً، وفي نهايته ستوزّع الأعمال في بناء وزارة الثقافة لتزين مدخلها وأقسامها.

من المشاركين
في المعرض التقينا أحد المشاركين فيه «هاني العمري» الذي قدّم لوحتين لمعرض «همس الحروف» أنجزهما خلال الورشة المُقامة ويقول: «لقد أنجزت اللوحتين خلال مدّة الورشة كاملة، فالأولى كانت عبارة عن كلمة «شام» وأبرزتها بالخط الكوفي السنبلي، وأضفت الرسم على الخط، فاخترت السيف كرسم عليها ومزجت الرمز بالخط العربي، فالسيف العربي سيف عريق ورمز مهمّ تاريخيّاً، كما أن الشام هي أقدم مدن الأرض، وهذا ما دفعني باتجاه الجمع بين الكلمة والرسمة، أمّا باقي الجملة فكانت «يا ذا السيف لم يغبِ» تركتها كما هي، وفي اللوحة الثانية رسمت تشكيل الحروف بالخط الثلثي بصورة زخرفيّة جميلة، مع 3 ألوان هي الأزرق والأصفر والأحمر، وقد اخترتها لقوتها بين الألوان، وأدخلت اللون الأبيض عليها ليكون كالضوء بينها». أيضاً من المشاركات في الورشة والمعرض «مريم عصفور» التي تقول: «أنا طالبة في السنة الثانية من المعهد التقاني للفنون التطبيقيّة وقد قدمت لوحتين الأولى هي بعنوان «طوبى» والتي أخذتها من الإنجيل المقدّس، وهي كلمة مكررة في الكتاب، ومألوفة لدى الناس كثيراً، حاولت إبرازها في أبعادٍ ثلاثة مع ترك باقي الكلام كما هو، في حين كررت كلمة طوبى 4 مرات بصورة كبيرة، أمّا لوحتي الثانية فاسمها «راقصو الباليه» واخترت مجموعة من كلام الأغاني، وشكلتها بصورة إنسان راقص يؤدي حركات راقصة، وهذه الورشة أفادتني كثيراً فقد اشتغلت فيها على تقنيّة «ستيريوبول» وتعلمت كيفيّة الكتابة على الخشب، وكيفيّة تشكيل الحروف بصورة موسعة بعيداً عن الخط الكلاسيكي».

تكريم
تمّ تكريم المشاركين في الورشة، وأربعة من الأساتذة الذين أشرفوا على الورشة، وقدّموا معلوماتهم خلالها لإنتاج المعرض، والأساتذة هم «طارق السوّاح»، و«أسامة العاني»، و«ضاح سلامة»، و«أدهم فادي الجعفري». وهذا التكريم جاء من وزارة الثقافة ومن المعهد التقاني للفنون التطبيقية وبإشراف مديريّة التنمية الإدارية.

أهداف
عن أهمية إقامة ورشة تكلل بمعرض وتردف عمل المعهد التقاني للفنون التطبيقيّة التقينا مدير المعهد «طلال البيطار» الذي شرح لنا حول هذه الفكرة والفائدة المقدمة للمشاركين: «لهذه الورشة أكثر من منحى والأوّل منها منحى تعليمي للخط العربي وكيفية استخدامه في لوحة وفي تقنيات مختلفة وحاولنا تغطية التقنيات المتاحة كافة كالحرف النافر والحرف التشكيلي ضمن اللوحة أو الحرف عبر التراث أو شكل حديث، وقد كانت هناك رسالة في هذه الورشة تبين علاقة الطالب والمدرس في صورة من التعاون واكتساب الخبرة الجديدة بعيداً عن المنهاج والعلاقة التقليديّة بينهما، وأيضاً إقامة مثل هذه الورشة ونتاجها في معرض فني خلال مدّة زمنية بسيطة هو رسالة للعالم بأن سورية هي الحياة وهذه الورشة هي الأولى من نوعها وبداية لإقامة ورش متكررة في الخط العربي».

نحو التطوير والحداثة
ارتبط الخط العربي بمفهوم قديم فكانت لوحة الخط العربي كلاسيكية وضمن حدود غير متطورة لكن عبر هذه الورش وعبر جهود أساتذة المعهد التقاني للفنون التطبيقية يتم السعي اليوم لتطوير المفهوم والاتجاه نحو مفهوم أكثر حداثة لهذا النوع من الفن، وحول هذه الفكرة يضيف «البيطار»: «ارتبطت فكرة الخط العربي تاريخيّاً بإقامة الدولة الإسلاميّة لكن هذا لا يعني أن الخط العربي محصور في هذا المنحى وحسب فعملنا في هذه الورشة على استخدامه في المجالات كافة وفي النتيجة كونا لوحات فنية وتقنية وتركنا للمشارك في الورشة مجالاً أوسع في الإبداع الفني في الخط كما يريد، ضمن لوحة وضمن كتل وكتابات شعرية ليجسد صور شخصيّة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن