من دفتر الوطن

2019

| زياد حيدر

أمور كثيرة في هذا العام تبشر.
صحيح أن عديداً منا ناموا على أحزان مختلفة نهاية العام السابق، لكن تباشير عام أفضل، تتطاير أمامنا، وسواء صعب لمسها، أم تيسر، إلا أنها هنا.
الانفراج السياسي، الذي بدأت خطواته الفعلية تطأ الأرض.
عودة السفارات العربية لدمشق، ومن بعدها سفارات دول أخرى، بداية جيدة لعام جديد. وهي مؤشر على أن عملية إعادة الإعمار التي لم تنطلق بعد، ستشهد نقلة نوعية، وهو ما يعني فرص عمل ونمواً اقتصادياً، ستنعكس على أداء البنية التحتية التي ما زالت تعاني حتى في المناطق التي لم تشهد معارك تذكر.
والأهم، هو أن تلك المؤشرات ستترك أثرها في جبهات ما زالت ملتهبة، حتى لو هدأت بهدنٍ إقليمية، وربما يمكن هذا العام تفادي معارك، ليست ضرورية، وتوفير دماء العديد من شبابنا، ممن يتوقون لاستئناف حياتهم الطبيعية.
أيضاً هذا يقول إن الحرب لم تعد حياتنا الطبيعية، كما كانت السنوات السبع السابقة. لقد بدأ التحول، وثمة أمل برؤية نتائجه الإيجابية.
من عناصر الاستبشار، الشعور في بداية العام بأن ثمة حلماً يمكن ملاحقته. ورغم أن هذا لا يعني الجميع، إلا أنه يهم الأغلبية.
وهو السير وراء أمنية تحقيق إنجاز رياضي كبير، وسواء استطاع نسور قاسيون تحقيق نتائج مرضية أم لا، فنحن على أمل أن يصبح هذا طريقنا الدائم، وأن تصبح عبره أحلامنا كبيرة، بآفاق غير مستحيلة، وهذا بذاته شعور ينهض بنا في مجالات أخرى تتعدى الرياضة.
يبعث على التيمن أيضاً، بدء قنوات إعلامية سورية جديدة عملها، فاتحة الطريق أمام حالمين كثر بطرق باب هذا المجال، من خريجي الإعلام وغيرهم ممن يمتلكون تلك الهواجس.
فأياً يكن توجه المحطة، ونوعية أدائها، يمكن للمنافسة في هذا المجال أن تحدث فرزا، تماما كما حصل في نطاق العمل الإذاعي في سورية، خلال السنوات السابقة.
أيضاً، المطر الذي يبشر أخيراً بموسم زراعي جيد. بارتواء الأرض، بالماء لا بالدم.
كما هو واضح فإن الحديث، هنا عن التفاؤل.
يمكن لنا أن ننغص هذا التفاؤل بإحباطات كثيرة، واقعية، بالعودة تدريجيا، من كثافة خير السماء، والذي يأتي بينما يتقاتل القوم على بوابات مستودعات الغاز وينتظرون الكهرباء والمازوت دون جدوى.
يمكننا أن نقول أيضاً إنه كان الأجدر للقنوات الإعلامية الجديدة، أن تفتح في دمشق لا في بيروت، فتستقطب شباب البلد ضمن حدوده لا خارجها، وتمارس تحديها من داخل أسواره.
ويمكن أن نرجع خطوة في تفاؤلنا الرياضي، لتفادي خيبات كبرى، تأتي من آمال كبرى. ذلك أن حماية الرياضة ومواهبها الكثيرة لدينا، ولاسيما في مجال كرة القدم وكرة السلة، تحتاج لعمل مؤسساتي، واضح، لا تهزه مزاجات شخصية أو عقائدية.
ويمكن إرباك أملنا بنمو اقتصادي مرتقب، بالقول إن الفساد يبقى علة العلل في البلد، وحتى اللحظة لا يمكن التفاؤل بأي مؤشر من مؤشرات محاربته، إن وجدت هذه الرغبة فعليا.
وفي الشأن الأبرز والأهم، عودة العلاقات العربية، والانفتاح التدريجي، والتي شئنا أم أبينا، ستفتح جروحاً قديمة، وتثير أحزانا عميقة، وستضرب الكثير من الأمهات على صدورهن، إحباطا. لكن هكذا تنتهي الحروب، والأفضل دوما أن تنتهي.
أما لمن يبحث عن التفاؤل المطلق، فيمكنه اللجوء للأبراج ولاسيما بالنسبة لمواليد برج العذراء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن