ثقافة وفن

قيمة الوقت

| د. إسكندر لوقــا

بمناسبة عرض برنامج «يوم مع فيدل كاسترو» على شاشة الميادين اللبنانية وما تضمنه من تفاصيل تتعلق بحياة كاسترو النضالية ضد بلده، أستذكر بدوري المعادلة التي تؤكد أنه ليس عبثا أن يقال إن تاريخ بلد يمكن أن يصنعه رجل. وكما نعلم فقد قارع فيدل كاسترو الاستعمار وهزمه في نهاية المطاف وبقي رمزاً في بلده حتى بعد غيابه عن ساحة المواجهة مع خصومه شخصيا ومع خصوم بلده عموماً.
وفي العالم، أيضاً كما نعلم، أكثر من زعيم بلد أدى دوراً تاريخياً على مستوى العالم لا على مستوى الإقليم الذي ينتمي إليه فقط قبل أن يرحل. فعندما نذكر الهند، على سبيل المثال، نتذكر جواهر آل نهرو. وعندما نذكر مصر نتذكر جمال عبد الناصر، وعندما نذكر يوغوسلافيا نتذكر جوزيف بروز تيتو، وعندما نذكر جنوب إفريقية نتذكر نيلسون مانديلا، وعندما نذكر روسيا بعد ثورة 1917 نتذكر لينين، وعندما نذكر فنزويلا نتذكر هوغو شافيز، وعندما نذكر تشيلي نتذكر سلفادور اللندي، وعندما نذكر بوليفيا نتذكر سيمون بوليفار، وعندما نذكر فرنسا نتذكر شارل ديغول، وعندما نذكر كوبا نتذكر فيدل كاسترو، وعندما نذكر سورية نتذكر الرئيس حافظ الأسد، وهكذا إلى آخر قائمة الإعلام من زعماء وقادة العالم الذين صنعوا تاريخ بلدانهم وما زالت أسماؤهم عالقة في الذاكرة البشرية إلى اليوم وستبقى.
وعلى ذكر برنامج يوم مع فيدل كاسترو. أتذكر أنني كنت شاهداً على لقائه مع قائدنا المؤسس الرئيس حافظ الأسد يوم8/9/1979 خلال فترة انعقاد مؤتمر عدم الانحياز في هافانا عاصمة كوبا وقول الرئيس كاسترو مصافحاً السيد الرئيس على باب المصعد لدى خروجه منه قبيل دخولهما إلى قاعة الاجتماع في تمام الساعة المتفق عليها: أنت أول رئيس عربي يحترم الوقت.
عندئذ أذكر أنه تملكني شعور ذو شقين، أولهما مصدره سروري لسماع هذا الإطراء الذي يشير إلى الحس الحضاري لدى رئيسي وثانيهما مصدره تأكيد فقدان هذا الحس لدى آخرين من رؤساء العرب الذين سبق أن استقبلهم الرئيس كاسترو في مناسبات أخرى وبالتالي لم يتردد في الإفصاح عن قناعته مبيناً الفرق بين طرف وآخر.
منذ تلك الساعة وأنا أزداد إيماناً بأن للوقت دوره في حياة الإنسان وسبب انتصاره على المعوقات التي تقف أو تحاول أن تقف في وجه ارتقائه في سلم الحضارة والإفادة من الفرص المتاحة أمامه لتحقيق هدف خاص أو عام.
ترى كم من الناس يحترمون الوقت في حياتهم اليومية وخصوصاً في مواقع أعمالهم في الزمن الراهن؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن