سورية

المجر على تشددها.. ومئات المهاجرين يشدون الرحال إلى النمسا سيراً على الأقدام…اجتماع أوروبي يفشل في الخروج بموقف موحد من أزمة اللاجئين.. وموغيريني تدعو للتكيف معها

على حين دعت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني دول التكتل الموحد إلى «التكيف» مع تدفق اللاجئين لأنه مشكلة «طويلة الأمد»، لوحت المجر بنشر الجيش على حدودها مع صربيا، محذرةً من أن المشكلة لا تنحصر في نصف مليون أو مليون مهاجر ينبغي توزيعهم بالعدل بين الدول الأوروبية، بل في الملايين من البشر التي ستواصل التدفق.
ووسط هذه السياسة المجرية المتشددة للغاية، قرر مئات المهاجرين الموجودين في المجر، السفر إلى النمسا سيراً على الأقدام لمسافات تقدر بعشرات الكليو مترات.
وفشل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الاتفاق على نهج موحد حيال أزمة اللاجئين. واكتفوا بعد اجتماع رسمي عقدوه في لوكسمبورغ على مدار اليومين الماضيين، بالدعوة إلى اتخاذ موقف موحد للاتحاد في التعامل مع الأزمة.
وبخلاف مواقف دول شرق أوروبا التي تعتبر مشكلة اللاجئين مشكلة ألمانية، قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي في مؤتمر صحفي مشترك مع موغيريني إن أزمة الهجرة «مشكلة أوروبية تتطلب حلولاً أوروبية». وشدد على ضرورة إيجاد حلول من خلال العمل معاً «وفتح الأبواب لأولئك الذين يتعرضون للاضطهاد في بلدانهم».
وبين اسيلبورن أن 300 ألف مهاجر ولاجئ وصلوا إلى أوروبا منذ بداية العام الجاري، منهم 46 بالمئة سوريون و12 بالمئة أفغان، لافتاً إلى أهمية تقاسم أعباء تلك الأزمة على أساس معايير محددة ولا يمكن إلقاؤها على بلد واحد. وأوضح أن الورزاء ينتظرون مقترح المفوضية الأوروبية بشأن تقاسم عبء المهاجرين قبل الاجتماع الطارئ لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي منتصف الشهر الجاري.
بدورها قالت موغيريني بعد الاجتماع: «إنها (أزمة اللاجئين) طويلة الأمد، كلما تقبلناها بسرعة أصبحنا أكثر سرعة في اتخاذ إجراءات فعالة كأوروبيين متحدين». وأضافت إن الأزمة «تؤثر علينا جميعاً. في الأشهر القليلة الماضية كانت إيطاليا واليونان ومالطا، والآن المجر وقد يأتي دور عضو آخر في الاتحاد مستقبلاً».
واعتبرت موغيريني: أن هذه القضية بالغة الأهمية بالنسبة إلى مستقبل الاتحاد الأوروبي، الذي ينبغي أن يتذكر أن الدول الأخرى فعلت أكثر من ذلك بكثير، إذ استقبلت تركيا نحو مليوني لاجئ فيما الدول الأعضاء في الاتحاد لم تتمكن من الاتفاق حتى على العدد الأولي البالغ 60 ألف لاجئ الذي اقترحته المفوضية الأوروبية.
وتريد المفوضية بلورة آلية دائمة للتوزيع لكن إزاء الوضع الملح خصوصاً في المجر وإيطاليا واليونان، سيطلب رئيس المفوضية جون كلود يونكر من الدول الأعضاء «توزيع 120 ألف لاجئ إضافي بشكل عاجل داخل الاتحاد الأوروبي».
واعتبرت موغيريني أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتعامل مع المشكلة من البداية إلى النهاية عن طريق دفع جهود السلام في سورية وليبيا والعمل مع دول العبور مثل النيجر. وأضافت إنه يجب أيضاً بذل الجهود في عملية السلام في الشرق الأوسط، معتبرة أن الاتفاق النووي الإيراني أظهر مؤخراً كيف أن المشكلات الطويلة الأمد تحل في نهاية المطاف.
وبعد أيام من المواجهات والفوضى أرسلت الحكومة المجرية عشرات الحافلات لنقل اللاجئين من بودابست إلى النمسا، في إجراء يبدو أنه حصيلة تفاهم بين المجر والنمسا وألمانيا. وشدد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير على ضرورة ألا يشكل هذا التفاهم «سابقة»، وذلك في حين رأى نظيره المجري بيتر سيارتو أن نقل طالبي اللجوء غير المسجلين من المجر إلى الحدود النمساوية «هو نتيجة سياسة الهجرة الفاشلة في الاتحاد الأوروبي والتصريحات غير المسؤولة التي يدلي بها الساسة الأوروبيون».
من جانبه نفى وزير الخارجية السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك وجود خطط لتسيير قطارات لنقل المهاجرين إلى ألمانيا. وقال للصحفيين: «لم نناقش في الحكومة السلوفاكية قط إقامة ممر».
وخلال ليل أول أمس، وصباح أمس عبر آلاف اللاجئين الحدود المجرية النمساوية، على أن يصل العدد لاحقاً إلى عشرة آلاف، حسبما أعلنت الشرطة الألمانية.
ووفرت الحكومة النمسوية حافلات وقطارات لنقل المهاجرين إلى فيينا وسالزبورغ حيث يعتزم معظمهم إكمال الرحلة إلى ألمانيا.
في بودابست أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان أن بلاده ستنشر قوات شرطة على طول حدودها الجنوبية بعد 15 أيلول للحد من تدفق اللاجئين كما سترسل الجيش إذا وافق البرلمان على مقترح من الحكومة.
وأضاف أوروبان خلال مؤتمر صحفي: «الأمر لا يقتصر على 150 ألف (مهاجر) يريد البعض توزيعهم وفقاً لحصص. الأمر لا يقتصر على 500 ألف وهو رقم سمعته في بروكسل.. إنهم ملايين.. ثم عشرات الملايين لأن معين المهاجرين لا ينضب».
في الغضون بدأ 500 مهاجر على الأقل السير من مدينة بودابست باتجاه النمسا للحاق بمئات آخرين خرجوا من مخيمات اللاجئين المنتشرة في أنحاء البلاد.
والجمعة بدأ نحو 1200 شخص السير مسافة 175 كلم من محطة كيليتي للقطارات في بودابست ما دفع السلطات إلى نقل الآلاف إلى الحدود في نحو 90 حافلة.
إلا أن قائد الشرطة المجرية كارولي باب أوضح أن «توفير الحافلات باتجاه النمسا كان لمرة واحدة فقط، ولن يتم إرسال مزيد من الحافلات للاجئين الذين يسيرون على الطريق» باتجاه فيينا.
وحمل النائب في مجلس النواب التشيكي فويتيخ آدم الغرب المسؤولية المباشرة عن أزمة تدفق اللاجئين التي تواجهها أوروبا بشكل لا سابق له، مؤكداً أن أسس هذه المشكلة تكمن في السياسات الاستعمارية للقوى الغربية ونهبها للثروات الطبيعية في الدول النامية.
وقال آدم في تصريحات صحفية: إن «الأزمة تفاقمت بسبب السياسات غير الإنسانية التي مارسها حلف الناتو والولايات المتحدة حيث نجحا عسكرياً في تعكير استقرار جزء مهم من العالم العربي وسمحا عملياً بنشوء تنظيم داعش الإرهابي».
في كانبيرا رفض رئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت دعوات من داخل حزبه لزيادة عدد اللاجئين السوريين الذين ستقبلهم أستراليا.
ولقد اقترح وزير الهجرة السابق فيليب رودوك، العضو الأطول خدمة في البرلمان، على الحكومة أن تفعل ما فعلته خلال أزمة كوسوفو في أواخر تسعينيات القرن الماضي، عندما تم قبول عدد كبير من اللاجئين، على أن يعودوا إلى ديارهم بعد انتهاء الحرب.
(أ. ف. ب – رويترز – د. ب. أ – سانا)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن