سورية

«الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين»: التفجيرات «حاقدة» وارتكبتها «عصابات الإرهاب» بغرض «الفتنة».. والجهات الرسمية تصرفت بشكل سليم…السويداء أكبر من «الفتنة» وتتجه إلى وأدها.. والأوضاع تسير نحو التحسن

استنكرت «الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين» في السويداء «التفجيرات الحاقدة» التي ارتكبتها «عصابات الإرهاب والتكفير» في المدينة وأدت إلى استشهاد وجرح العشرات من المواطنين، واعتبرت أنها تهدف إلى «إذكاء نار الفتنة» بعد انزعاج تلك العصابات من «التلاحم» بين أبناء الجبل والجيش العربي السوري، لافتة إلى أن «التصرف السليم» الذي أبدته الجهات الرسمية «فوت الفرصة على المخططين والمنفذين لاستدراج شبابنا وزجهم في أتون» هذه الفتنة.
جاء ذلك في وقت تتجه فيه الأوضاع في مدينة السويداء إلى التحسن نحو الأفضل وتطويق تلك الأحداث التي تم خلالها أيضاً الاعتداء على مؤسسات حكومية والعبث بمحتوياتها.
وكانت مدينة السويداء قد شهدت توتراً أمنياً يوم الخميس على إثر تفجيرين إرهابيين وقعا الأول على طريق ظهر الجبل والثاني قرب المشفى الوطني أسفرا عن استشهاد وجرح عشرات من الأبرياء. وفي حصيلة ليست نهائية تم إحصاء 36 شهيداً و61 جريحاً خرج معظمهم بعد تلقي العلاج وبقي 13 جريحاً، 4 منهم بحالة حرجة.
واستهدف التفجير الأول وفقاً لمصدر في قيادة الشرطة موكباً للشيخ فهد وحيد البلعوس بالقرب من منطقة عين المرج على طريق ظهر الجبل شرقي مدينة السويداء بينما استهدف التفجير الثاني مدخل المشفى الوطني بعد تجمع المواطنين عقب التفجير الأول.
وفي تصريح لـ«الوطن»، قال شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين في السويداء يوسف جربوع «اليوم (أمس) الأمور أفضل مما كانت عليه الجمعة.. مند نحو الساعة الثالثة من فجر السبت وحتى الساعة (ساعة إعداد هذه المادة) الأمور مستقرة، ولم نلمس حصول أي شيء يسيء إلى الأمن والمواطنين.. الأمور بشكل عام كانت جيدة وننتظر أن تتحسن إلى الأفضل».
وأشار جربوع إلى أن وفداً من رجال الدين يعمل حالياً من أجل «تهدئة خواطر أسر الشهداء وجبرها خواطرها والوقوف معها في مصابها وكذلك تهدئة الشباب المنفعل لكي يتفهم الحقيقة ولا يندفع إلى أي عمل متهور دون معرفة الفاعل، يأخذنا إلى الدمار وحصول حالة فوضى كالتي مرت على بعض المحافظات ولكي نحافظ على الأمن والأمان في المحافظة».
وأكد جربوع أن هناك «تجاوباً» من أسر الشهداء مع الوفد، وقال: «الناس بدأت تدرك أن العمل هو استهداف للكل وليس شخصياً وانه استهداف للوطن».
وقال: «نحن لدينا قناعة أن العمل الذي حصل هو عمل إرهابي على شاكلة الأعمال الإرهابية التي تمت في المحافظات السورية الأخرى التي استهدفت شخصيات ومواطنين لا على التعيين»، مشيراً إلى أن كان هناك انفجارات في مدينة جرمانا بريف دمشق. انفجار أول ثم يعقبه انفجار ثان أكبر كي يقع أكبر عدد من الضحايا وهذا الأمر يخدم بل تأكيد أعداء الوطن وأعداء الأمة والفكر الإرهابي الذي تتبناه بعض الجماعات الإرهابية».
وأوضح جربوع، أن الأمر شكل «صدمة كبيرة للجميع، معتبراً أن هذه التفجيرات كان القصد منها «إثارة فتنة واستثمرت بشكل جيد ولكن الحمد لله سبحانه وتعالى الذي تدارك الوضع بلطفه والأمور بدأت تسير نحو الأفضل». وأوضح جربوع أن التفجيرات وحالة الفوضى التي تلتها أدت أيضاً إلى احتراق أعداد كبيرة من السيارات في المشفى الوطني كما لحق ضرر كبير بنوافذ المشفى، إضافة إلى أعداد الاصابات الكبيرة التي حصلت بالأرواح، مشيراً إلى أن «الغوغائيين» دخلوا إلى مباني البلدية والمالية والشرطة العسكرية ووعبثوا بمحتوياتها وسرقوا قسماً منها، لافتاً إلى أن من بين هؤلاء «أشخاص من خارج المحافظة مدفوع لهم أموال ليقوموا بالتخريب»، مؤكداً أن من كان يقودهم شخص معروف لدى الدولة أنه مع الجيش الحر أو جبهة النصرة»، ومشيراً إلى أنه «علمنا بسرقة 30 محلاً تجارياً في المدينة». وذكر جربوع إلى أن هؤلاء قاموا أيضاً بتكسير تمثال للرئيس المرحوم حافظ الأسد. وأكد جربوع أنه تم إخراج هؤلاء «الغوغائيين» من تلك المباني.
وحول ما يتم تداوله من أنباء عن أنه كان هناك إهمال من المؤسسات الحكومية في المحافظة في تقديم الخدمات لمواطنين قال جربوع: «لا ننكر بأن هناك فساداً وتقصيراً من بعض المسؤولين.. ولكن نحن الآن نعيش حالة حرب.. هناك إمكانيات عند الدولة وهي تقدم الموجود ولا تقصر بالموجود لديها، وإنما هناك سوء إدارة في الداخل وسوء توزيع في بعض الأوقات واستغلال المناصب بقصد الحصول على مكاسب مالية.. وأن هناك معاناة أكبر وهي الحرب التي تسببت بنقص هذه الموجودات، مضيفاً «لا نضع اللوم كله على المسوؤلين وإنما هناك حالة راهنة نعاني منها في كل سورية ونحن جزء من هذا الوطن».
وطالب جربوع الحكومة «بتقديم المزيد من الدعم والمساعدة فمسألة المحروقات تشكل أزمة كبيرة لدينا والكهرباء كان هناك تقنين كبير في المرحلة الأخيرة وتسبب هذا الأمر بضرر كبير لأصحاب المحال والبيوت»، مشدداً على أنه «يجب أن يكون هناك خطة لترشيد توزيع المحروقات بشكل أسلم تحت مراقبة دقيقة لكي يكون هناك فساد».
وفي بيان لها، تلقت «الوطن» نسخة منه قالت: «الرئاسة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين»:
«إننا في الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين وأمام ما حدث من تفجيرات حاقدة نستنكر وندين هذه الأعمال الإجرامية ونعبر عن شديد حزننا وألمنا لهذه المآسي التي ارتكبتها عصابات الإرهاب والتكفير للنيل من ثوابتنا والعبث بنسيجنا الوطني الرائع وإذكاء نار الفتنة بعد أن أزعجهم هذا التلاحم بين أبناء هذا الجبل بأطيافه وتلاوينه وبين بواسل جيشنا العقائدي على ربوع هذه الأرض فأرادوا أن يفتكوا بحياة الأبرياء من أبنائنا ليعبروا عن فكرهم العقيم وحقدهم الدفين ولكنهم واهمون أمام وعي الأبناء وإرادة العقلاء».
واعتبر البيان الذي ذيل بتوقيع الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين حكمت سلمان الهجري، أن «الحكمة الهادئة والتصرف السليم الذي أبدته الجهات الرسمية وعدم الانجرار خلف براثن الفتنة وشررها المتطاير قد فوتت الفرصة على المخططين والمنفذين لاستدراج شبابنا وزجهم في أتونها، وبعونه تعالى فإن قيمنا التوحيدية المعروفية الأصيلة ودماء شهدائنا الطاهرة لن تكون إلا للواحد الأحد سبحانه وللوطن المسيج بقلوب أبنائه وسواعد شرفائه».
ودعا البيان «جميع الغيارى والمخلصين والشباب المبلجين وإخواننا المشايخ الكرام في الهيئة الدينية الكريمة أن يتسلحوا بالوعي الخلاق والكلمة الطيبة والنصيحة المثمرة وأن يقوموا بدورهم وواجبهم الوطني لتطويق نار الفتنة المحرقة للجميع»، مناشدا في الوقت نفسه «أبناء الجبل الأشم الحفاظ على مؤسسات الدولة ومنع الاعتداء عليها والتحلي بالهدوء وضبط النفس ودرء الفتنة التي أرادها أعداء الوطن».
وفي لبنان أشار رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب في حديث تلفزيوني إلى أن «أهالي السويداء لديهم من الوعي والجرأة ما يسمح لهم أن يتخذوا القرارات عن أنفسهم لا أن نتخذ نحن عنهم القرارات»، محملاً جبهة النصرة مسؤولية اغتيال الشيخ وحيد البلعوس.
وأعرب وهاب عن اعتقاده «أن ردة الفعل في البداية كانت فشة خلق، أما اليوم فالجو أفضل بكثير وغداً سيكون أفضل»، مؤكداً أن «كلمة العقل انتصرت على كلمة الفوضى في السويداء، والآن أصبح الأمر في دائرة العقل والتعقل ولا أحد قادر أن يستثمر في هذا الأمر إلا إعلامياً، أما على الأرض فالوضع تغير وهناك آلاف من المسلحين من أهالي السويداء لا يقبلون بالاعتداء على المؤسسات الرسمية». ولفت إلى أن «الرئيس السوري بشار الأسد لديه عاطفة خاصة تجاه السويداء وكان يخصها باستمرار بلفتة من لفتاته، لأن لديه محبة خاصة تجاه أهلها، وهو أبلغنا أنه سيضع كل إمكانيات الجيش السوري بتصرف السويداء حتى لو اضطر الجيش العربي السوري لاستعمال السلاح النوعي لحمايتها».
وشدد وهاب على أن «هناك تواصلاً مع القيادة السورية منذ حصول الحادث، والحوادث الإرهابية طالت كل الناس في سورية وحتى بيت الأسد، إذ أن هناك ماكينة في عمان وتركيا والرياض تبحث عن الفتن الداخلية في سورية بعد أن عجزت عن أخذ سورية إلى الحرب الخارجية». وانتقد وهاب موقف زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من أحداث السويداء وقال: «أتمنى أن يهتم الوزير جنبلاط بموضوع النفايات في لبنان وليس توجيه النصائح لأهل السويداء».
وأضاف: «الشيخ البلعوس كان وطنياً بامتياز وملاحظاته على الدولة كانت محل اهتمام من المعنيين.
من جهته استنكر رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان «الاستهداف الرخيص الذي يتم من خلال تفجيرات تستهدف جبل العرب والمشايخ الدروز والإخوان في المنطقة»، لافتاً إلى وجود «مؤامرة لتطويع جبل العرب الرافض لكل أنواع المؤامرات التي تحصل على الأراضي السورية من قبل الإرهاب التكفيري الذي لا يهدد سورية ولبنان وحدهما بل العالم بأسره».
ودعا أرسلان في تصريحات صحفية «المشايخ الدروز الأجاويد ومشايخ العقل والإخوان جميعاً في جبل العرب للتحلي بالحكمة والعقل والتصدي للفتنة التي يُعمل على إدخالها إلى المنطقة خاصة وأن المقصود من خلالها تركيع وتسليم الجبل إلى مآرب الإرهاب التكفيري».
وأدان مجلس الوزراء أول من أمس التفجيرين الإرهابيين في السويداء، مؤكداً أنهما «لن يثنيا الشعب السوري عن مواصلة التصدي للإرهاب».
من جانبه أكد الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي هلال الهلال أن التفجيرين الإرهابيين جاءا بعد إخفاق أعداء سورية في النيل من مواقف وصمود أبناء المحافظة.
بدوره أكد وزير الإعلام عمران الزعبي، أن الإرهاب الذي ضرب محافظة السويداء يريد أن يوجه رسالة إلى كل أبنائها دون استثناء مفادها أنكم يا أهالي السويداء وقفتم إلى جانب وطنكم ولذلك ادفعوا ثمن هذا الوقوف بالدم.
في السياق ذاته أكد مفتي الجمهورية أحمد حسون أن الإرهابيين يحاولون من خلال التفجيرين الإرهابيين في السويداء تمزيق وحدة الصف خدمة للعدو الصهيوني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن