سورية

أكدت خلال مؤتمر «فالداي» أن سورية ستحرر كل شبر من أراضيها سواء من الإرهاب أو من الاحتلال … شعبان ترفض فكرة منح الأكراد «حكماً ذاتياً»: ليس لدينا أي سبيل لتقسيم البلاد

| الوطن - وكالات

رفضت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان فكرة منح الأكراد في شمال البلاد قدرا من الحكم الذاتي، لأن مثل هذه الخطوة ستفتح الباب أمام تقسيم البلاد، وأكدت أن سورية ستحرر كل شبر من أراضيها سواء من الإرهاب أو من الاحتلال، وأن انسحاب القوات الأميركية منها سيعيد الاستقرار إليها.
وفي كلمة لها خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال مؤتمر «فالداي الدولي» بموسكو أمس، وتلقت «الوطن» نسخة منها، قالت شعبان: «في الرابع من تشرين الأول 2011 استيقظ الشرق الأوسط على خبر مهم كان قدره أن يغيّر عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية وأن يشكل علامة فارقة في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأن يكشف للعالم قضية الإرهاب، وتمويل الإرهاب ومن هم الذين يحاربون الإرهاب فعلاً».
وأضافت: «في هذا التاريخ اتخذت روسيا والصين «الفيتو» ضدّ الهجمة الغربية المحتملة على سورية، وكان هذا أول «فيتو مزدوج» يتخذ في مجلس الأمن لمصلحة الشعب السوري والدولة السورية، تبعه أكثر من 7 فيتوهات مزدوجة على حين اتخذ الاتحاد الروسي أكثر من 11 فيتو لمصلحة الشعب السوري وضد الإرهاب الذي كان يضرب في سورية».
واعتبرت شعبان، «أن هذا الأمر كان في غاية الأهمية لأنه قدّم مقدّمة سياسية ودبلوماسية هامة للفرق بين أعضاء مجلس الأمن الدائمين الذين يموّلون ويدعمون الإرهاب والذين يحاربون الدول باسم مكافحة الإرهاب، وبين الدول التي تؤمن فعلاً بمكافحة الإرهاب وتؤمن بسيادة الدول وتؤمن بالقرار الوطني المستقل».
وأوضحت شعبان أنه بعد هذه الحركة الدبلوماسية «تكشّفت على الأرض السورية أيضاً الخطوات التي تتخذها روسيا في مساندة الجيش العربي السوري وحلفائه في محاربة الإرهاب، وتكشّف أيضاً أن الدول التي تدّعي أنها تحارب الإرهاب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية كانت سنداً حقيقياً للإرهاب في سورية، وهناك أمثلة كثيرة لا تحصى، وأعطي مثالاً التنف وشرق الفرات؛ ففي الوقت الذي كان الجيش العربي السوري مع إسناد الطيران الروسي والحلفاء إيران وحزب اللـه يحاربون الإرهاب على الأرض السورية، كان من يسمّون أنفسهم أصدقاء سورية يعقدون المؤتمرات من أجل تدمير هذا البلد وتدمير بناه التحتية.
وقالت: «ومن تجربتنا في سورية نقول لكم بالتأكيد إنه لا يوجد إرهاب منفلت من عقاله، إن الإرهاب الذي يضرب في أنحاء المعمورة هو إرهاب منظّم مموّل مخطّط وتساعده دول بعينها، فلو أن تمويل الإرهاب توقّف، ولو أن بعض الدول، مثل تركيا مثلاً، لم تساهم في تمرير الإرهاب في سورية لما تمكّن الإرهاب من ضرب بلدنا وتدمير مؤسساته وإحداث ألم كبير من الفقد في سورية».
وأشارت شعبان إلى أن روسيا دعت أكثر من مرة وطلبت من الولايات المتحدة الأميركية أن تساندها وأن تنسّق جهودها معها من أجل محاربة الإرهاب في سورية، إلا أنها وحلفاءها امتنعوا عن ذلك.
وتساءلت شعبان: «إذا كانت روسيا موجودة في سورية لمكافحة الإرهاب، وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية موجودة لمكافحة الإرهاب ما الذي يمنع من تنسيق هذه الجهود بينهم لمكافحة الإرهاب؟، وأضافت: أنا أقول لكم في حادثة التنف مثلاً كاد الجيش العربي السوري وحلفاؤه أن يحرّروا التنف حين بدأت القوات الأميركية باستهداف الجيش السوري نفسه لكي لا يتمّ تحرير التنف، واليوم الولايات المتحدة تقول إنها لن تخرج من التنف، هناك أمثلة لا تحصى حيث استهدفت الولايات المتحدة الجيش العربي السوري في كلّ مرة كان قادراً أن يقضي تماماً على بؤر إرهابية هناك». ولفتت شعبان إلى أنه في هذه الحرب الدائرة، عزّزت الدول الغربية العقوبات والإجراءات القسرية الأحادية الجانب على سورية خارج نطاق مجلس الأمن وخارج نطاق الشرعية الدولية، وأكدت أن أميركا والدول الغربية تساند الإرهاب في سورية وتمتنع عن الكلام مع حكومة سورية شرعية منتخبة عضو مؤسس في الأمم المتحدة، في حين تستقبل ممثلي الإرهابيين في كلّ زمان ومكان.
وأشارت شعبان إلى أن الأمر الآخر هو أن هذه الحرب على سورية سبقها ورافقها إعلام مضلل، لافتة إلى أن الإعلام الغربي كان يخترع القصص ولم يكن له علاقة بمجريات الأحداث فعلاً في سورية، وأن الإعلام اليوم هو أداة أساسية في يد الدول الغربية لمحاربة بلداننا.
ونوهت شعبان بالدور الروسي في سورية، وقالت: «لولا التدخل الروسي في سورية لمصلحة الشعب السوري والجيش العربي السوري ربما كانت الولايات المتحدة الأميركية تحلم أن تكون سورية مثل ليبيا ومثل العراق ومثل أفغانستان».
وأكدت شعبان أن الدور الروسي لم يكن واضحاً منذ البداية، وقالت: «تذكرون أن معظم الناس كانوا يشكّكون أن روسيا لن تستمرّ في دعم الجيش السوري، وأنّ روسيا لن تتخذ فيتو آخر، وأنّ روسيا لن تبقى، أما اليوم فقد أصبح الدور الروسي واضحاً». وأوضحت، أن حقيقة الإرهاب تكشّفت على الأرض السورية، وتكشّفت من هي الدول التي تدعم الإرهاب وهي أعضاء دائمة في مجلس الأمن، وتكشّف أن روسيا والصين تؤمنان فعلاً بسيادة الدول وتؤمنان فعلاً بالقرار الوطني المستقلّ، أما الولايات المتحدة وحلفاؤها فهم يتخذون من الإرهاب ذريعة للهجوم على الدول ولشنّ حروب على الدول ولنهب ثروات هذه الدول.
وقالت: «أما عن المفارقة بين أوروبا والولايات المتحدة فمن اللافت أن أوروبا والولايات المتحدة تخوضان حروباً اقتصادية ناعمة، فكما تعرفون تعترض دول أوروبية على الرسوم التي تريد أميركا أن تفرضها، ويخوضون حروباً اقتصادية ناعمة في مجالات عدة، ولكن حين يأتي الأمر إلى ما يسمونه الحرب على الإرهاب فإنهم يقفون صفاً واحداً».
وأوضحت شعبان أنه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول اتخذت أميركا وحلفاؤها ذريعة الإرهاب لوصم المسلمين به وجعلها ذريعة للعدوان على الدول، وأضافت: «واليوم في فنزويلا اتخذوا ذريعة أخرى بالنسبة للديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن تجربتنا في سورية أقول إنهم لا علاقة لهم بالديمقراطية أو بحقوق الإنسان على الإطلاق، بل هم يريدون أنظمة تابعة لهم لا تمثّل شعوبها ولا تحافظ على ثروات بلدانها، بل تكون صوتاً ثانياً لهم فيما يريدون أن يفعلوه».
وأعربت شعبان عن أملها في أن تكون هناك محاربة حقيقية للإرهاب في المستقبل حين تصبح هذه الدول التي تدّعي أنها صديقة لهذا البلد أو لذاك البلد مكشوفة تماماً للعالم ويعرف العالم أنها هي التي تسهّل وتموّل وتحمي الإرهابيين كما تحميهم اليوم في سورية في قاعدة التنف وفي شرق الفرات وحيثما تطلّب الأمر ذلك.
وختمت شعبان كلمتها بالقول: «نحن اليوم أمام عالم جديد نأمل أن يكون عالماً أكثر مساواة وأكثر عدالة وحرية، عالماً سوف تلعب به روسيا والصين وسورية وكل الدول المؤمنة بحقوق الإنسان وحقّ السيادة دوراً بارزاً في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح».
من جانبها، نقلت وكالة «سانا» للأنباء عن شعبان تأكيدها في كلمتها خلال المؤتمر، أن سورية مستمرة في حربها على الإرهاب وستحرر كل شبر من أراضيها سواء من الإرهاب أو من الاحتلال. وشددت شعبان على أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سيادي بحت يقرره الشعب السوري بنفسه دون أي تدخل خارجي تسعى من خلاله بعض الأطراف والدول لفرض إرادتها على الشعب السوري.
وكالة «سبوتنيك» الروسية» بدورها، نقلت عن شعبان قولها للصحفيين على هامش المؤتمر، إن «سورية تعتبر أساس جامعة الدول العربية، مشيرة إلى أن تعليق عضويتها فيها هو قرار مرتهن وغير سوي»، داعية العرب للعودة إلى سورية كونها تمثل الخط العربي الحقيقي المقاوم، وهي التي تمثل الحرص على القضية الفلسطينية وعلى المستقبل العربي.
بدورها نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن شعبان رفضها في تصريح على هامش المؤتمر، فكرة منح الأكراد السوريين قدراً من «الحكم الذاتي، مؤكدة أن مثل هذه الخطوة ستفتح الباب أمام تقسيم البلاد.
وقالت شعبان: «الحكم الذاتي يعني تقسيم سورية، ليس لدينا أي سبيل لتقسيم سورية».
وأضافت: «سورية دولة تستوعب الجميع وكل الناس سواسية أمام القانون السوري وأمام الدستور السوري»، مؤكدة أن الأكراد هم «جزء ثمين ومهم للغاية من الشعب السوري». وانتقدت شعبان بشدة رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وفكرته المتعلقة بإقامة ما يسمى «المنطقة الآمنة» في شمال شرق سورية، وقالت: «إن الفكرة تنطوي على استيلاء غير مشروع على أراض».
وأضافت: «تركيا لديها طموح جديد لاحتلال أراضي الآخرين وأعتقد أننا نواجه أردوغان الذي يحلم بإحياء الإمبراطورية العثمانية».
وقالت: «لكن لا أعتقد أن بمقدوره ذلك لأن شعبنا موجود هناك للدفاع عن أرضنا».
وفي وقت سابق من يوم أمس، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في رسالة ترحيب بالمشاركين في مؤتمر فالداي، تلاها نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أن روسيا مستمرة في دعم جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية.
وقال لافروف في رسالته بحسب «سانا»: «إن روسيا تدعو باستمرار إلى التغلب على أزمات المنطقة من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية على أساس تعزيز الحوار الوطني والالتزام بالقانون الدولي»، مشيراً إلى «أن فرض السياسات الغربية على الشرق الأوسط أدى إلى الإخلال بالتوازنات القائمة في المنطقة ونشاط غير مسبوق للإرهاب الدولي في عدد من الدول وأزمة هجرة».
بدوره قال بوغدانوف في كلمة خلال المؤتمر: «هناك بعض المناطق في محيط إدلب لا تزال تتعرض لهجمات من الإرهابيين ولا بد من تحرير كل هذه المناطق ونحن مستعدون للتعاون مع جميع الدول الإقليمية وأميركا في سبيل القضاء على الإرهابيين بشكل تام وهذا سيساعد على إنهاء وجود الإرهاب في سورية». وفي سياق متصل، جدد لافروف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره السلوفاكي ميروسلاف لاجاك بموسكو أمس، التأكيد على أن أميركا موجودة بشكل غير شرعي في سورية بذريعة محاربة الإرهاب، وانسحابها سيؤدي إلى إعادة الاستقرار إليها.
وقال لافروف بحسب «سانا»: إن «الإجراءات الأميركية في سورية خطيرة وتهدف إلى تقسيمها وعرقلة إعادة الإعمار وهذا أمر غير مقبول يخالف القوانين الدولية ولا يحق للأميركيين إملاء الشروط على أصحاب الأرض».
ولفت لافروف إلى أن المجتمع الدولي متفق على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والقضاء على الإرهاب فيها لكن الأمر مختلف بالنسبة لأميركا التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن