رياضة

ذاكرة النسيان!

| مالك حمود

كثيراً ما يتلهف الإنسان في مجتمعنا للكوميديا كمخدر موضعي لنسيان متاعب الحياة وهمومها المتلاصقة، وتبقى للكوميديا السورية نكهتها الخاصة خصوصاً القديمة منها بما اتسمت به من بساطة ومتعة، ولعل المشهد الأكثر بروزا في ذاكرتي حالة فقدان الذاكرة التي أصابت أهالي الحي الذين تأثروا بالتصرف العفوي لياسين بقوش عندما سقاهم بالخطأ من الشراب المدسوس، ليعيشوا في حالة انفصال عن الواقع لمرحلة قصيرة، صحيح أنهم نسوا خلالها أشياء كثيرة، لكن الأهم في الحكاية هي استعادتهم لذاكرتهم وعودتهم لحياتهم الطبيعية بأشخاصها وأحداثها.
الذاكرة عادت إلى أهالي (حارة كل مين إيدو إلو) لكنها لا تزال مفقودة لدى الكثيرين في رياضتنا.!
كم كان جميلاً تذكر نجوم كبار قدموا للرياضة السورية الكثير من الانتصارات والإنجازات، وكم كان رائعاً أن يكون التذكر بالتكريم في لحظة وفاء، والأروع عندما تأتي بعد عشرات السنين؟
الوفاء مازال موجودا في رياضتنا رغم ضيق مساحاته، ولكن لماذا الانتظار ولعشرات السنين كي يكرم البطل الذي دخل التاريخ ومن أوسع أبوابه؟ وهل التكريم فقط من خلال حفل رسمي، أو احتفالية كبرى على هامش حدث رياضي كبير؟
تكريم الأبطال يمكن أن يأتي في أكثر من سبيل وبأكثر من طريقة، وبعيداً عن الرسميات والدروع والكؤوس والميداليات، وما أكثر المبادرات المعنوية لتكريم البطل! ولو على مستوى دعوة رسمية إلى مباراة مهمة، وتخصيصه بمكان لائق في منصات الملاعب التي باتت رحبة للآخرين وحتى الفنانين! اللهم إذا وجد ذلك النجم القديم السبيل للدخول بطريقة محترمة من باب المنصة، أو أن يجد من يتذكره على باب ذلك الملعب الذي كان شاهدا على روعة أدائه في سنين خلت.
التكريم مطلوب في رياضتنا، ومطلوب من أهل رياضتنا، فكم كانت رائعة تلك اللهفة التي أبداها أهل كرة السلة السورية خلال فترة الأزمة الصحية القاسية التي تعرض لها نجم كرة السلة أنور عبد الحي، حيث أقيمت له المهرجانات في دمشق وحماة وحلب، حيث لم تتخل عنه معلنه الوقوف معه وإلى جانبه في أصعب أيام حياته، لتشد من أزره وتزيد من تفاؤله في الاستجابة للعلاج والإسراع بالعودة إلى حياته الطبيعية.
الكابتن أنور عاد بفضل اللـه ودعوات المحبين في موقف إخلاص لنجم أعطى الكثير لسلتنا، ولكن هل نجد موقف وفاء لنجم أعطى الكثير لسلتنا واعتزل اللعب بصمت من دون مهرجان أو مباراة تهدى لنجم السلة السورية والعربية والآسيوية ميشيل معدنلي؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن