ثقافة وفن

علاقة إنسانية

| د. اسكندر لوقــا

في سياق الحديث عن العلاقة بين الإنسان والإنسان تندرج مسائل عديدة لعل أهمها القول إنها بمقدار ما تكون عفوية وصادقة تكون قادرة على الاستمرار والعكس صحيح. وربما لهذه الاعتبارات كثيراً ما توصف العلاقات المبنية على الصداقة الحقيقية ولا تكون مبنية على المصلحة من أي طرف، كثيراً ما توصف بعبارة علاقات إنسانية بعيداً عن مفهوم الـ«أنا» الضيقة في حدود عقلية صاحبها، التي من خلالها تستثمر العلاقات بين الناس لجهة تحقيق مكسب ما، وبذلك تفقد الصداقة قيمتها وتغدو كسحابة صيف قابلة للاندثار بمجرد تعرضها لنسمة هواء ولا تترك وراءها أثراً يذكر. من هنا قيمة العلاقة الإنسانية الشفافة بين الأصدقاء لأنها تكون أكثر ثباتاً وقدرة على الديمومة، وقلما يعثر أحدنا على مثل هذه العلاقة بعيداً عن تبعات مرض الـ«أنا» الضيقة الذي أشرت إليه وخصوصاً في حال تكالب البعض على تلبية متطلبات الذات من دون الأخذ بعين الاعتبار ما يلبي متطلبات ذات الآخر، وبذلك تخسر الصداقة أبعادها التي تؤهلها للبقاء بعيداً عن أي مرض من الأمراض الاجتماعية والنفسية على حدّ سواء.
إن الصداقة، بحد ذاتها، أحياناً يصعب بناؤها مع الآخر، أياً كان هذا الآخر داخل الأسرة أو خارجها، كما في داخل المجتمع أو خارجه بغية جعلها سلوكا شفافا في سياق الوصول إلى هدف منشود ومن ذلك الحرص على البنية الاجتماعية في هذا البلد أو ذاك، فضلاً عن تحصينه تجاه محاولات تفتيت وحدته وسلامة حاضر ومستقبل أفراده. وهنا تتضح مسؤولية المؤسسات التربوية والإعلامية، وعلى وجه التحديد في الأوقات التي تعصف بالبلد على غرار ما تشهده سورية في الوقت الراهن، في سياق الحرب الكونية التي شنت وتشن عليها والتي اعتدت على البشر في ربوعها قبل الحجر والشجر.
في زمن كهذا الزمن، يستذكر أحدنا أقوالاً عديدة في الصداقة الحقيقية كموقف يرسخ ثقافة المواطن الحريص على إنسانيته في مضمار العلاقة مع الآخر بينها القول الصديق عند الضيق. والضيق الذي عناه قائل هذا المثل لم يكن يعني الضيق الناجم عن ضيق ذات اليد من الجانب المادي بل عن أسباب أخرى مختلفة بينها المرض والحرمان من الدفء والحنان وفقدان الأمن والاكتئاب وسوى ذلك من أسباب تجعل الإنسان في حالة البحث عن طريق الوصول إلى حالة انفراج تعيد له توازنه وتزيل عنه قلق الضياع. الصداقة هنا علاج ولا أعتقد أن شيئاً آخر يعادله في تقريب المسافات بين الإنسان والإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن