قضايا وآراء

ترامب.. لقد كان صدقاً ما نطقت به!

| مصطفى محمود النعسان

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه لو ترشح في الانتخابات العامة الإسرائيلية للكنيست لفاز بـ98 بالمئة من الأصوات، والحق أنه هذه هي المرة الأولى التي يقول فيها ترامب صدقاً وكل ما قاله في سواها افتراء واستخفاف بعقول الأميركيين أولاً وبقية سكان المعمورة ثانياً.
صحيح أن التاريخ سجل انحيازاً أعمى لأغلب الرؤساء الأميركيين لمصلحة الكيان الإسرائيلي وتقديمهم الدعم اللامحدود له وحمايته من الإدانات المتكررة في مجلس الأمن ولكن الصحيح أيضاً أن التاريخ سجل ويسجل أن ترامب كان أكثر من كل سابقيه انحيازاً لهذا الكيان الغاصب ووفاء وإخلاصاً وخدمة له.
طبعاً يرجع ذلك لسببين جوهريين أما الأول فهو أن ترامب صهيوني بالفطرة لذلك اختار اليهودي الصهيوني جاريد كوشنر ليزوجه ابنته الوحيدة وليجعله يده اليمنى وساعده الأشد ومستشاره الأكثر تأثراً بمشورته وآرائه ومعتقداته.
وأما السبب الثاني فهو الطمع بأصوات اليهود الأميركيين للفوز بدورة ثانية في الانتخابات الرئاسية القادمة المقرر إجراؤها في تشرين الأول عام 2020 وذلك لدور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية وتأثيره في مجرى هذه الانتخابات ومن سيفوز فيها لذلك استغرب ترامب في التصريح نفسه الذي نقله موقع «إكسوس» الإلكتروني الأميركي كيف أن اليهود الأميركيين بإمكانهم التصويت لمصلحة الديمقراطيين زاعماً أن هذا الحزب يكره الشعب اليهودي على حد قوله.
في التصريح ذاته الذي جاء خلال اجتماع مغلق لمؤيدين ومتبرعين للحزب الجمهوري تحدث ترامب أيضاً عن مدى محبة الإسرائيليين له وهذا الكلام صحيح مئة بالمئة وربما محبتهم لترامب تفوق محبتهم لرئيس حكومتهم المتطرف بنيامين نتنياهو وهذا أيضاً يحيلنا لسبب جوهري وأساسي وهو أن أغلبية اليهود هم صهاينة ومتطرفون لذلك يهوون ويعشقون من الزعماء سواء الأميركيون أو الغربيون أو الإسرائيليون من يوغل في التطرف لمصلحتهم.
ومن أكثر تطرفاً وعنصرية من ترامب لمصلحة الصهاينة؟ أليس هو من قدم الدعم لما يسمى المعارضة السورية ووجه جل حقده وضرباته العسكرية للعديد من المواقع السورية وعمل ويعمل كل ما من شأنه لتفتيت وتقسيم هذا البلد وضمان ديمومة واستمرار الحرب التي يعانيها؟ وطبعاً دعمه للأكراد المتشددين واضح وضوح الشمس وهو أي ترامب عطل وأفشل جولتين من الحوار بين دمشق والكرد وذلك لمحاولة عدم عودة هذا الجزء الشمالي الشرقي إلى سورية الأم تعمداً وتقصداً لمحاولة انفصاله مما يشكل خطوة أولى على طريق أمله ومساعيه لقيام دويلة كردية تضم أكراد سورية والعراق وإيران وتركيا وهو ما يشكل خدمة كبرى للكيان الصهيوني.
هذه واحدة وأما الثانية فهو ما أقدم عليه ترامب من قرار شنيع ومشين تمثل بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة وهو الأمر الذي تريث فيه كل الرؤساء الأميركيين كبوش الأب والابن وكلينتون وأوباما وذلك حينما كان يرفع إليهم الكونغرس منذ عام 1999 تكرار مقترحه بهذا الخصوص ناهيك أن ترامب منع وحجب المساعدات المالية التي كانت تقدمها واشنطن لـ«أونروا» إضافة إلى ما هو أفظع من ذلك بما يتمثل في خطته لانتهاز الفرصة المواتية لإعلان صفقة القرن المشؤومة التي تكفل تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على أي آمال بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وفق ما نص عليه قرارا مجلس الأمن 242 و338.
وأيضاً مما يجعل ترامب يحظى بأغلبية أصوات الإسرائيليين انسحابه من المعاهدة النووية الموقعة مع إيران ما يشكل خدمة عظمى وجليلة للكيان الإسرائيلي وكذلك سلوكه المتطرف تجاه روسيا والصين وكلها خطوات وسلوكيات تصب في خدمة هذا الكيان وأكثر منها وأهم وهو ما يتجلى في امتطاء ترامب لظهور أغلب حكام الخليج وتسخيرهم لمصلحة «إسرائيل» ودفعهم للتطبيع المجاني معها.
نعم لقد عرف ترامب كيف يمتطي ظهور هؤلاء وعرفت الصهيونية أيضاً كيف تمتطي ظهر ترامب؟ لذلك لقد كان صدقاً ما نطق به من أن الإسرائيليين سيختارونه بنسبة 98 بالمئة من الأصوات إذا ترشح لانتخابات الكنيست.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن