ثقافة وفن

سورية تشارك في أعمال المؤتمر الدولي لاتفاقية اليونسكو … السفيرة لمياء شكور: الصراعات المسلحة تستهدف الحضارات العريقة والتراث الثقافي

مثلت السفيرة لمياء شكور المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى اليونسكو، الجمهورية العربية السورية في أعمال المؤتمر الدولي للذكرى العشرين للبروتوكول الثاني 1999 لاتفاقية لاهاي 1954 حول «حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح» المنعقدة في جنيف – الكونفدرالية السويسرية بين 25-26 نيسان 2019. وألقت كلمة سورية، كدولة طرف في اتفاقية لاهاي 1954 وبروتوكولها الأول، أمام الوفود المشاركة في الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر الدولي للذكرى العشرين للبروتوكول الثاني 1999 لاتفاقية لاهاي 1954 حول «حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح» المنعقدة في جنيف- الكونفدرالية السويسرية جاء فيها:

بصفتي السفير المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية، لدى اليونسكو، أتشرف بمشاركتي بأعمال هذا المؤتمر الدولي الأول من نوعه هنا في جنيف، وأن أحيط المنظمين الموقرين، بالاهتمام والترحيب الذي لقيه تنظيم الذكرى العشرين للبروتوكول الثاني 1999 لاتفاقية لاهاي 1954 حول «حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح»، من حكومة بلادي، ووزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمتاحف تحديداً، كما التهنئة للحكومة السويسرية ولمنظمة اليونسكو على تعاونهما البنّاء.
وباسم بلادي، الجمهورية العربية السورية، أتقدم بالعزاء لعائلات ضحايا الإرهاب والتطرف التكفيري، في عالم تتهدد إنسانيته وتُستهدف حضاراته العريقة وتراثه الثقافي بالصراعات المسلحة، والحروب الهجينة، والتدمير المتعمد لتراثه الإنساني. وتتراجع منظومتهُ المتعددة الأطراف، وتعصف به شرعنةُ التدخل السافر بالشؤون الداخلية للدول ذات السيادة وتقويض مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، تذكيراً بالبند الخامس من اتفاقية لاهاي 1954 وبروتوكولها الأول التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية بتاريخ 6 آذار 1954، وأؤكد من دون هوادة أن الجولان أرض سورية محتلة، طبقاً لقراري مجلس الأمن 242 لعام 1967 و497 لعام 1981. كما أؤكد حق سورية باسترداد الجولان السوري المحتل وممتلكاته الثقافية، وحفظ وصون حقوق أبنائه التعليمية والثقافية، ونسيجهم الاجتماعي والاقتصادي والتراثي.
واليوم، وبعد ثمانية أعوام من الحرب الكونية التي تُخاض على بلادي، فإن سورية تواصل العمل بالالتزامات المنوطة بها كدولة عضو مؤسس في منظمة اليونسكو منذ العام 1946، وكدولة طرف في اتفاقيات اليونسكو أعوام 1954، 1970، 1972، 2003، 2005 وفي اتفاقية القانون الدولي الخاص الموحد (يونيدروا) منذ العام 2018. كما تعمل بلادي، بجدٍ وانفتاح على تنفيذ قرار المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو في دورته /39/ المعني «بإستراتيجية تعزيز عمل اليونسكو لحماية الثقافة، والترويج للتعددية الثقافية في حالات النزاع المسلح كما الكوارث الطبيعية»، إضافة إلى التزامها بقراري مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة 2199(2015) المعني بتعزيز حماية التراث الثقافي في سورية والعراق، والقرار 2347(2017) المعني بحماية التراث الثقافي وحفظ السلام والأمن الدوليين. علماً أن حكومة الجمهورية العربية السورية، تحيط منظمات الأمم المتحدة- دورياً- بتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها عبر تقاريرها الوطنية المُحكمة حيال مجمل الاتفاقيات الدولية لليونسكو والمنضمة إليها.

التدابير الطارئة والفورية
رغم العقوبات والحصار والإجراءات القسرية الأحادية الجانب بحق السوريين، سخّرَت حكومة الجمهورية العربية السورية، كل الإمكانيات الوطنية: البشرية، والتقنية والمالية لمواجهة التداعيات الكارثية على التراث الثقافي السوري، التي طالته جراء الهجمات الوحشية المتعمّدة التي شنتها المجموعات الإرهابية «لداعش» و«للقاعدة ومتفرعاتها». وفي مقدمتها التدابير الطارئة والفورية لحفظ التراث الثقافي المادي وغير المادي، والإجراءات التنفيذية ذات الصلة. كما العمل المنظم لإسترداد الممتلكات الثقافية المنهوبة، والحد من الاتجار غير المشروع بها. وذلك عبر توثيق التعاون مع منظمتنا الموقرة اليونسكو، ومنظمة الأنتربول الدولي، والمنظمة العالمية للجمارك، وفرق (الكاربنيري الإيطالي) والشركاء الدوليين من الدول الحليفة والصديقة.
وأؤكد من هذا المنبر الأممي الرفيع، وعلى ضوء ما نصت عليه اتفاقية لاهاي 1954 الحقوق السيادية والمسؤوليات المنوطة بحكومة بلادي الجمهورية العربية السورية، حيال حماية تراثها الثقافي والطبيعي. وأوجه نداء، إلى التعاضد الدولي، للتوفير الفوري لأشكال الدعم الناجع، للجهود الوطنية التي تبذلها حكومة بلادي، والضالعة في حماية التراث الثقافي السوري. وأتطلع إلى تكثيف الجهود المُنَسقة والتوافقية مع منظمة اليونسكو، ومركز التراث العالمي وهيئاته الاستشارية إيكوم، إيكروم، إيكوموس دعماً لما انتهجته الحكومة السورية من إستراتيجيات وخطط وإجراءات الصون العاجل، وإعادة إحياء ما تضرر من مواقع التراث العالمي الستة في سورية مدينة حلب القديمة، ومدينة بصرى القديمة، ومدينة دمشق القديمة، وقلعة الحصن وقلعة صلاح الدين، القرى القديمة شمال سورية، وتدمر الأثرية التي تم تحريرها من إرهاب المجموعات الإرهابية والخالية اليوم، مما يزيد على 60000 لغم مضاد للأفراد، زرعها حقد «داعش» وإجرام «إرهابييه»، تدمر لؤلؤة الصحراء التي تحتضن «طريق الحرير الأزلي» نحو عالم متعدد الأقطاب.

العالم السوري خالد الأسعد
إن اجتماعنا هنا، في الذكرى العشرين للبروتوكول الثاني 1999، قد ارتبط رمزياً بتدشين مجسم (لقوس النصر التدمري)، الذي يُرفع بهذه المناسبة في ساحة الأمم في العاصمة السويسرية -جنيف.
وأدلل إن شموخ قوس النصر التدمري، لهو بادرة إكبار وتكريم لذكرى عالم الآثار السوري الكبير، مدير الآثار والمتاحف السابق في مدينة تدمر الدكتور خالد الأسعد الذي اغتالته همجية المجموعات الإرهابية لداعش، كما إحياء لذكرى جميع السوريين الذين قضوا ضحية الإرهاب.

حوكمة الاتفاقيات
إن وفدنا الدائم لدى اليونسكو ينخرط في أعمال اجتماع الأطراف السامية في اتفاقية لاهاي 1954 وفي أعمال لجنة البروتوكول الثاني، ويدعم جهود اليونسكو والقطاع المعني بالثقافة والطوارئ. ويحيي جهود مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت، ونتائج زيارة وفد الخبراء الرفيعي المستوى إلى سورية خلال شهر تموز 2018، التي ترأستها الخبيرة العالمية السيدة ماك غاويير، رئيسة بعثة تقييم الاتفاقيات الدولية لليونسكو، وتقويم إنفاذها، وتحديداً تقييم إنفاذ اتفاقية 1954، والبحث في تحديات انضمام سورية للبروتوكول الثاني 1999. ولا يسعني إلا أن أشير إلى أن هذه الزيارة قد شكلت سابقة في حوكمة الاتفاقيات الثقافية لمنظمة اليونسكو. وانبثق عنها دراسة حالة وُثقت في المحافل الدولية ذات الصلة، عكست الحوار البناء القائم مع المؤسسات الوطنية السورية، ذات الاختصاص، عبر اللجنة الوطنية السورية لليونسكو، ما كان له أكبر الأثر في تسليط الضوء على نجاعة قانون الآثار والمتاحف في الجمهورية العربية السورية الصادر بالمرسوم التشريعي /222/ تاريخ 26/10/1963، وتعديلاته في العام 1999، والبحث في آفاق تحديثه.
وأَخلصُ إلى التأكيد على «المنحى الاحتوائي» الذي كلل دراسة الحالة السورية- نموذجاً-داعية القائمين على البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي 1954، إعادة تشكيله، استلهاماً للتحديات التي مافتئت تتجدد خلال العشرين عاماً الماضية، والمتمثلة بالصراعات المسلحة غير النظامية، التي تشنها المجموعات الإرهابية. وأطالب المجتمع الدولي، كما القائمين على البروتوكول الثاني 1999، للتنبه لخطر «العقيدة الإلغائية» التي تستخدمها المجموعات الإرهابية التكفيرية كسلاح حرب أثير، لتدمير التراث الثقافي للإنسانية.

الحرب على الإرهاب
إني على يقين من النجاح المبين لأعمال مؤتمرنا الدولي، ولا يسعني إلا أن أغتنم هذه المناسبة لأنقل لكم تحية حرفيي «حلب القديمة»، الذين يرممون منذ ما يقارب العامين، «المسجد الأموي الكبير»، وسوق «حلب القديمة». وأدعوكم جميعاً قادةً وخبراءً لإعادة اكتشاف التراث الثقافي الحي لسورية، وطني، الذي يواصل حربه الضروس لتحرير كامل أرضه. مؤكدةً أن حربنا ضد الإرهاب هي مرتكز أساسي لسيادة الدولة السورية، وعربون «لعملية سياسية» تضمن حق الشعب السوري بتقرير مستقبله، حيث لا يسع الهوية الحضارية لتراثه الثقافي إلا أن تكون مصونةً صلبةً مقاومةً، حفظاً لمستقبل الإنسانية.

الحرب الكونية على سورية
ودعت السفيرة شكور (خلال المائدة المستديرة الثانية) بشأن تنفيذ البروتوكول الثاني 1999على المستوى الوطني: النجاحات والإخفاقات إلى اعتماد الواقعية السياسية نهجاً في التعاون الدولي المتعدد الأطراف لفهم حالة الصمود والممانعة التي وسمت السنوات الثماني الماضية من عمر الحرب الكونية على سورية، مشددة على أن سورية البلد المقاوم المتأصل تراثه الثقافي وحضاراته الألفية المتعاقبة في جذور التاريخ الإنساني، قد واجهت حربا كونية شُنت عليها منذ العام 2011. وهي تواصل حربها ضد الإرهاب والمجموعات الإرهابية المسلحة. إلا أن سعي الأطراف الخارجية للمد بعمر الصراع وممارسة أشد أنواع الضغط والحصار اللاقانوني والإجراءات القسرية الأحادية ضد سورية، ومقدرات شعبها يدفع نحو تصدع المقومات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية فيها. على حين تبدو هنا الحالة السورية نموذجاً سيدرسه طويلاً المحللون والأكاديميون، عبر العالم، لفهم معضلة الصمود الأسطوري للشعب السوري وجيشه وقيادته ولصلابة الإرادة الوطنية في اجتراع المستحيل لتحرير الأرض، وحفظ الهوية التراثية الثقافية المادية وغير المادية، رغم الخسائر في الأرواح والتضحيات الجسام. فها هي سورية تواكب النصر، وتُشيّد ما تضرر، وترفع الأوابد من الأنقاض في حلب القديمة، وموقع تدمر الأثري ومدينة بصرى القديمة وقلعتي الحصن وصلاح الدين الأيوبي، وتفتتح المتحف الوطني في دمشق وتسترد تدريجياً ممتلكاتها الثقافية المنهوبة بدعم إقليمي ومن الدول الحليفة والصديقة.
كما وجهت السفيرة شكور (خلال أعمال المائدة المستديرة الثالثة) خطابها بشأن دور اللاعبين غير الحكوميين في تنفيذ البروتوكول الثاني 1999، إلى الخبراء الدوليين المشاركين في المؤتمر الدولي والممثلين للمنظمات غير الحكومية والدولية والإقليمية المعنية بحماية التراث الثقافي المادي وغير المادي، منددة بمزاعمهم واتهاماتهم التي تناولت قصور أداء حكومات الدول التي تواجه نزاعات مسلحة، كحال اليمن وسورية. وأسقطت بالقرائن ادعاءاتهم القلقة من انضحال الهوية الثقافية السورية! ودعتهم لإعادة اكتشاف سورية وتراثها الثقافي اللامتناهي المادي وغير المادي. ونوهت السفيرة شكور بالخصوصية الثقافية لمهد الحضارات «سورية»، حيث «الهوية الثقافية للإنسان هي مُحتَرَف ما شُيِد من التراث الثقافي للحضارات المتعاقبة على أرض سورية». وذكرت باتفاقية اليونسكو للعام 2003 التي انضمت إليها سورية في العام 2005 حول «حفظ وصون التراث الثقافي غير المادي»، و«إنشاء السجل الوطني لعناصر التراث الثقافي غير المادي للجمهورية العربية السورية» الذي يضم أكثر من 400عنصر منها 100 تم تصنيفها وفق المعايير الدولية لمنظمة اليونسكو. مذكرةً بالسجل الوطني للتراث الثقافي السوري غير المادي الذي شهد النور خلال سنوات الأزمة. كما أكدت انخراط الحكومة السورية بالتعاون مع هيئات المجتمع الأهلي وفي مقدمتها الأمانة السورية للتنمية وغيرها، في خطط إدراج عناصر التراث الثقافي غير المادي المهددة على القوائم العالمية لليونسكو ذات الصلة، في إطار حراك دولي وإيجابي وواعد.

التمعن بالمؤامرة وأثرها في الثقافة
وتناولت السفيرة شكور في مداخلتها (خلال أعمال المائدة المستديرة الرابعة)، تحت عنوان « صون التراث الثقافي في حالات النزاع المسلح: آليات التدخل الطارئ أبعاد المنظور الاستراتيجي الشامل وخطة الطوارئ ومواجهة الأزمات التي تصدت عبره الحكومة السورية للحرب الكونية على سورية. ودعت السفيرة شكور المشاركين والقائمين على تنظيم المؤتمر إلى ضرورة التمعن بحجم المؤامرة الكونية المحاكة ضد سورية، وتراثها الثقافي الإنساني، وشعبها الصامد على أرضه. وذكَّرت السفيرة شكور، بما تناولته بكلمتها الاستهلالية، عندما أشارت إلى انتهاج المجموعات الإرهابية التكفيرية «داعش والقاعدة ومتفرعاتها» لعقيدة «العدمية والإلغائية كسلاح دمار شامل» وأن التدمير المتعمد والمقصود والمبرمج لمواقع التراث الثقافي السوري في وقت مبكر من عمر الأزمة السورية، لأكبر برهان وقرينة على ارتباطه العضوي بسياسات الأرض المحروقة التي عرفها التاريخ ومارسها الاستعمار القديم.
وأكدت السفيرة شكور أن الاستجابة السريعة التي وضعتها الحكومة السورية بالتعاون مع القوات المسلحة للجيش العربي السوري، قد أتاحت فرصة للتصدي للخطر المحدق بالمواقع الأثرية والممتلكات المتحفية في متاحف المحافظات. كما حالت دون حصول كارثة موصوفة على امتداد ساحات التراث الثقافي السوري وآلاف المواقع التراثية الثقافية وحدت من حجم الكارثة. وأنه واليوم ورغم الواقع الأليم المتبدي من جراء التدمير الذي طال عدداً من مواقع التراث العالمي الستة في سورية ومنها موقع تدمر الأثري، وموقع بصرى الأثري، ومدينة حلب القديمة وأسواقها، والمواقع الأثرية عين دارة وعفرين ودورا أوروبوس، والتلال الأثرية في منطقة منبج ومحيطها وإيبلا، وماري، وأفاميا، وقلعتا الحصن وصلاح الدين، والقرى الأثرية شمال سورية، ومراكز عدد من المدن القديمة في سورية. وكما النهب الذي طال متاحف تدمر وحلب والرقة، وإدلب، ودير الزور، وحماة، والمعرة، ودرعا، بالإضافة إلى التنقيب السري وغير الشرعي في المواقع الأثرية، إلا أن بسط الدولة السورية لسيطرتها على الأرض السورية قد كبح الهجمة التدميرية للإرهابيين وأسس لإنفاذ الخطط الإنقاذية لمواقع التراث الثقافي ولإعادة إعمار البنى التحتية، ولإنعاش الاقتصادات المحلية وعودة السكان إلى مناطقهم المحررة.

دور الجهات الوصائية
هذا وبينت السفيرة شكور حجم جهود الوزارة الوصائية وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمتاحف ومديريات المتاحف والآثار في كل مواقع التراث العالمي في سورية «دمشق القديمة» و«حلب القديمة» و«موقع تدمر الاثري» و«موقع القرى الأثرية في شمال سورية» و«قلعتي الحصن وصلاح الدين الأيوبي» بالتعاون مع الجهات الوطنية السورية ذات الاختصاص: وزارة الداخلية، وزارة الإدارة المحلية، وزارة الإعلام، ومجالس المحافظات، والمجالس البلدية وأجهزة وقوى الأمن الداخلي، والشرطة ومكتب الإنتربول السوري وحرس الحدود، ومنظمات الهلال الأحمر السوري، والصليب الأحمر السوري، وهيئات المجتمع الأهلي والأفراد. والتي تراوحت بين التدابير في مرحلة ما قبل بدء الاشتباكات المسلحة 2011 وخلالها ومنذ العام 2012 وحتى الساعة، إضافة إلى سنّ التشريعات واتخاذ التدابير الإجرائية المواكبة لتطور الاشتباكات المسلحة. وأشارت السفيرة شكور إلى دور الجيش والقوات المسلحة السورية، في تحرير المواقع الأثرية، وتعاونهما مع المديرية العامة للآثار والمتاحف وخاصةً فيما يتعلق بحماية ونقل وتأمين الملاجئ الآمنة للممتلكات الثقافية المتحفية المنقولة منها وكذلك غير المنقولة. كما دور التعاون الدولي والأممي، ودور منظمة اليونسكو ومكتبها الإقليمي- بيروت، ومشروع الاتحاد الأوروبي للخطة الطارئة لصون وحفظ التراث الثقافي السوري، للفترة 2014-2017، والدعم التقني والعسكري المقدم من الدولة الحليفة والصديقة الاتحاد الروسي في عمليات نزع الألغام المضادة للأفراد في موقع تدمر الأثري، وغيره بالتعاون مع الوحدات المختصة في الجيش العربي السوري، كما الدعم اللوجيستي للقوى الشعبية والرديفة.

الكفاءات والكوادر الوطنية
كما أشادت السفيرة شكور ببناء وتدعيم كفاءات الكوادر الوطنية السورية، القائم بالتعاون الفني مع الدولة الحليفة والصديقة، الصين الشعبية، وأرمينيا، وكذلك مع بعض دول الاتحاد الأوروبي في مضمار صون وحفظ الممتلكات الثقافية، كحال إيطاليا وألمانيا والنمسا وتشيكيا وبولونيا وبيلاروسيا. وتطرقت السفيرة شكور، إلى ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين الذي يعتمده الاتحاد الأوروبي في التعاطي مع قضايا صون وحفظ التراث الثقافي السوري وفرض العقوبات الأحادية على سورية بآن، مما يؤكد على حالة الانقسام السياسي الحاصل في كنفه بشأن صون التراث الثقافي العالمي في سورية كما عبثية تلك العقوبات.
في حين أكدت السفيرة شكور(خلال أعمال المائدة المستديرة الخامسة) بشأن حماية الممتلكات الثقافية من منظور القانون الجنائي الدولي أن الذكرى العشرين للبروتوكول الثاني لاتفاقية 1954 لشاهدة على توغل العنف والدموية بالتوازي مع محاولات مبطنة لتبرير وشرعنة الإرهاب وشبكاته. موضحةً أنه « وإذ نلحظ ما يتم تداوله اليوم في حلقات (عصف الأفكار الدولية ) بهذا الشأن، فإننا لا نجد توافقاً حول الصلة القائمة بين «الثقافة والصراعات المسلحة» في إطار القانون الدولي كما الإمعان في تجاهل الإرهاب كسلاح مدمر للهوية الثقافية للشعوب». بالإضافة إلى بروز مصطلحات متفاوتة المصداقية حول سياسات مكافحة الإرهاب في إطار تحالفات دولية ظرفية تستولد من رحم العنف: كالدبلوماسية الإنسانية ومسؤولية التدخل لحماية القانون الدولي الإنساني، وتأويل وتفسير القانون الدولي والاتفاقيات الدولية بما يخدم السياسات التدخلية في الشؤون الوطنية والمحلية للدول والأقاليم سعياً لاستنزاف ثرواتها ومقدراتها والهيمنة على مصيرها.

مصطلحات وتعابير مضللة
وأدرجت السفيرة شكور من تلك المفاهيم المضللة على سبيل الذكر وليس الحصر: الصراع من أجل البقاء ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والحروب النظامية الجديدة، وغير النظامية، والهجينة والأهلية الانتقائية منها، وكذلك الاشتباكات المسلحة غير المنظمة وحروب العصابات والشبكات المسلحة للجريمة المنظمة، والحروب اللصيقة في المدن وحرب الأزقة والاشتباكات ما دون المحلية، ومنها العرقية والإثنية والدينية والطائفية والفئوية. كما عولمة مصطلحات «صراعات الحضارات» و«اصطدام الثقافات» و«حروب الإرادات» و«الحركات التمردية ذات الطابع الانفصالي والعنصري والراديكالي». و«الإقصائية» و«الانعزالية السياسية» وسياسات الانكفاء خلف «الجدران» عن التعاون الدولي المتعدد الأطراف وتصنيفاته وشرعنة الخنوع أمام تفشي الإرهاب وظواهره ومسمياته وتصنيفاته.

آفاق مستقبلية للبروتوكول
على حين حذرت السفيرة شكور (خلال أعمال المائدة المستديرة السادسة): حول الممارسات والآفاق المستقبلية للإطار المؤسسي الناظم للبروتوكول الثاني 1999 من السعي الدولي والأممي لاستنباط بروتوكولات متعاقبة من صلب الأمهات من الاتفاقيات الدولية كاتفاقية 1954. عوضاً عن البحث في سبُل التنفيذ الناجع لهذه الاتفاقيات. وتعزيز الجوانب الإجرائية والتنفيذية. وتوفير التعبئة المالية اللازمة لدعم الدول الأطراف المتضررة من الصراعات المسلحة. وخاصة تلك التي تزمع الانضمام إلى البروتوكول الثاني 1999، ما يدعم بدوره منظمة اليونسكو ورسالتها في إرساء قواعد العمل المشترك بين الدول الأطراف في هذه الاتفاقيات- بنديّة- وعلى أساس احترام التباين بين الشعوب كفرصة واعدة.
وفي الجلسة الختامية لفعاليات المؤتمر الدولي دعت السفيرة شكور المشاركين في المؤتمر بصفتهم ممثلين عن الأطراف الفاعلة بصياغة الاتفاقيات الدولية الأممية وفي إطار المهام الموكلة إليهم «للتنبه لحتمية ممارسة الضغط على الساحات الإقليمية والدولية، للإلغاء الفوري للعقوبات الجائرة على سورية وغيرها من بلدان الجنوب، والبحث عن مكامن الاتفاق والإجماع الدولي لمناهضة خطط مؤججي الحروب والصراعات المسلحة»، لما تراه سبيلاً إلى السلم والسلام والتنمية. وحذرت من خطر انزياح جدول عمل المؤتمر الدولي للذكرى العشرين للبروتوكول الثاني 1999 لاتفاقية لاهاي 1954 وبروتوكولها الأول حول «حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح «عن أهدافه. مع التذكير مجدداً أن البحث في الأفق القادم والواعد لانضمام دول جديدة إلى البروتوكول الثاني 1999، مرهون بانبعاث المجتمع الدولي في إطار التعاون الدولي المتعدد الأطراف واستدامته، والحد من فرص تأجيج الصراعات شمال -جنوب، وانفلات عقال الحروب وانتشار الإبادات الجماعية واستسهال جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لتطويع الدول ذات السيادة. وتسريع سباقات التسلح التقليدي والسيبيري والنووي وصولاً إلى حروب الفضاء الراهنة والمستقبلية» التي ستحتاج حكماً إلى إرساء العدالة عبر اتفاقيات دولية مبتكرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن