سورية

برلين دعت للعمل مع موسكو حول سورية.. وتكشف عن تزايد التأييد لمجموعة اتصال دولية لحل أزمتها … روسيا «تتعجب» من ترحيب واشنطن بقتالها ضد داعش.. وألن يحذر من «العسكرة»

الوطن – وكالات :

أعرب رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف عن تعجبه من الموقف الأميركي المرحب بمساهمة روسيا في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي بشرط ألا تؤدي إلى تعزيز موقف الحكومة السورية، مؤكداً أن الجيش العربي السوري هو القوة العسكرية الأكثر فاعلية على الأرض في سورية. وانتقد الدول الغربية التي سيرت طائراتها فوق الأراضي السورية لمطاردة داعش، من دون أخذ موافقة الحكومة السورية. وأشار إلى إقرار غربي بأن الخطر الحقيقي في المنطقة هو داعش وليس النظام في دمشق، مؤكداً أن الغرب يصر على رحيل الرئيس بشار الأسد خوفاً من فقدان هيبته.
وجددت الولايات المتحدة معارضتها تقديم روسيا أي مساعدات عسكرية للنظام في سورية، محذرةً من أن «عسكرة الصراع» هناك ستؤدي إلى «معاناة إنسانية كبيرة»، في حين شددت برلين على ضرورة العمل مع روسيا لحل الأزمة السورية، كاشفةً عن تزايد التأييد لإنشاء مجموعة اتصال دولية لحلها.
وفي التفاصيل قال وزير الخارجية الروسي: إن القوة العسكرية الأكثر فاعلية على الأرض في سورية هي قوات الجيش السوري، واصفاً الحديث عن عدم إشراكها في الحرب على تنظيم داعش بـ«الهراء». وتعجب من حديث الغرب عن ترحيبه بإسهامات روسيا أو أي دولة أخرى في الحرب ضد داعش إذا لم تعزز هذه الإسهامات موقف الرئيس الأسد، وقال متسائلاً: «هل يريد الجميع أن تعلن روسيا عن أنها ستقصف الإرهاب في سورية دون إذن من رئيس هذه الدولة؟».
ولفت لافروف في مقابلة تلفزيونية، نقل موقع «روسيا اليوم» الإلكتروني مقتطفات منها، إلى ازدواجية معايير دول تشارك في التحالف الدولي ضد داعش مثل أستراليا وبريطانيا وفرنسا إذ نفذت ضربات جوية ضد داعش في العراق بعد أخذ الموافقة من بغداد في حين أنها لم تفعل ذلك في الحالة السورية، وتابع متسائلاً: «لماذا هذه اللعبة التي لا تعترف بالشرعية».
وذكر أن الغرب يعترف بشرعية الرئيس الأسد عندما يكون ذلك في صالحه، ضارباً على ذلك مثل قضية الأسلحة الكيميائية، حيث اعترفت الدول الغربية، بالشرعية التامة للرئيس الأسد وبانضمام دمشق إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية. وأردف ساخراً: «مر عام بعد ذلك، ولم يعد (الرئيس) الأسد شرعياً، لأن تهديد المواد والأسلحة الكيميائية زال». وشدد على أن هذا التصرف لن يأتي بالنتيجة التي يعول عليها الجميع، لأن الحرب على الإرهاب تصبح أكثر فاعلية عندما تكون منسقة وغير متحيزة ومن دون معايير مزدوجة وإعادة ترتيب للأولويات.
وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أن جميع الشركاء الغربيين، ودون استثناء، يقولون إنهم يدركون جيداً ما هو الخطر الحقيقي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مقرين بأن هذا الخطر ليس النظام في سورية بل داعش، واستطرد موضحاً: «طالما أن الجميع يعترف بذلك، علماً أن بعضهم يهمس به وغير قادر على الإفصاح به علناً، إذا يجب أن تكون هذه الحقيقة عملياً على أرض الواقع». وأوضح لافروف أن الغرب ينصت جيداً للمقترحات الروسية، لكن التحيز لإسقاط النظام في سورية والذي أعلن عنه منذ عدة سنوات لا يسمح له الآن بتغيير موقفه هذا خوفاً من فقدان ماء وجهه. وأشار إلى أن العديد من السياسيين في الغرب ينظرون إلى الناخبين وكيف سيفهم الناخبون هذا الإجراء أو ذاك، وقال إن السياسيين حصروا أنفسهم في زاوية ضيقة عندما قالوا: «لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سورية، نحن لن نجلس معه إلى طاولة واحدة ولن يجمعنا معه أي شيء مشترك».
وبالرغم من الحملة الغربية، أكد أن روسيا ستواصل الإمدادات العسكرية إلى سورية، وقال وفقاً لوكالة «رويترز»: «كانت هناك إمدادات عسكرية وهي مستمرة وستتواصل. يرافقها حتماً أخصائيون روس يساعدون في تركيب العتاد وتدريب السوريين على كيفية استخدام هذه الأسلحة».
وأضاف الدبلوماسي الروسي: إن الرئيس فلاديمير بوتين الذي يتوجه لنيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق هذا الشهر، يعتزم إلقاء كلمة أمام الجمعية بشأن سورية والصراع في أوكرانيا ووضع الاقتصاد العالمي والعقوبات ضد روسيا، معتبراً أن «كل هذه الأزمات تنبع من مشاكل منهجية تتعلق بمحاولات تجميد عملية تشكيل عالم متعدد المراكز».
من جهة أخرى، ربط لافروف بين تفاقم مشكلة تدفق الأعداد الهائلة من اللاجئين إلى الدول الأوروبية وتصاعد الخطر الإرهابي في الشرق الأوسط، لاسيما الخطر الناجم عن نشاطات تنظيم داعش، مشيراً إلى أن «الحرب ضد هذا التنظيم الفظيع ستكون طويلة وصعبة، ومن دونها لن نتمكن من تهدئة الأوضاع في المنطقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى ظهور المزيد من اللاجئين الساعين للأمن والحياة المستقرة».
في الغضون أكد مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي الجنرال المتقاعد جون ألن، أن بلاده تعارض تقديم روسيا أي مساعدات عسكرية لدمشق، واعتبر أن «عسكرة الصراع ستؤدي إلى معاناة إنسانية كبيرة في المنطقة على عدة مستويات».
وقال جون ألن في مقابلة مع قناة «العربية»: «نحن نراقب الوضع عن كثب، وفي حوار متواصل مع الروس حول حل انتقالي في سورية، وكنا واضحين بالتعبير عن رغبتنا بإنهاء هذا الصراع بحل سياسي فقط»، وشدد على أن «الحل الانتقالي السلمي سيكون من دون ( الرئيس) الأسد».
في برلين أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه يتعين على ألمانيا ودول غرب أوروبا الأخرى العمل مع روسيا فضلاً عن الولايات المتحدة لحل الأزمة في سورية، وفقاً لوكالة «رويترز».
تصريحات ميركل جاءت بالترافق مع اجتماع وزير الخارجية الألماني مع نظرائه الروسي والفرنسي والأوكراني في برلين حول الأزمة الأوكرانية. وعقب الاجتماع، أعلن فرانك فالتر شتاينماير أنه لمس تأييداً متزايداً لإنشاء مجموعة اتصال دولية لحل الأزمة في سورية.
وتباحث شتاينماير ولافروف مطولاً بشأن سورية على هامش الاجتماع مع اتفاق الجانبين على دعم خطة مبعوث الأمم المتحدة لسورية ستيفان دي ميستورا لإنشاء مجموعة اتصال لسورية.
بدوره قال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير: إنه يجب على أوروبا أن تتوقف عن التعاطي بعجز فيما يشتد «القتل» في سورية. وقال لصحيفة «تاغس شبيغل» الألمانية في مقابلة نشرت أمس إن «القتال ضد الديكتاتور السوري بشار الأسد.. و(تنظيم داعش) لم يكن بالعزم المطلوب». وأضاف: «لا يمكننا الاكتفاء بأن نبقى متفرجين فيما تتصاعد عمليات القتل».
وقال دي ميزيير وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية: إن أوروبا «في حاجة إلى إستراتيجية غير مقيدة بالدبلوماسية منذ البداية»، فيما أجاب بـ«لا»، رداً على سؤال حول ما إذا كان يتعين على الاتحاد إرسال قوات برية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن