قضايا وآراء

التلويح بالعصا وليس استخدامها

| مصطفى محمود النعسان

تثير التعزيزات الأميركية في الخليج المتمثلة باستقدام ٦ آلاف عسكري إضافي المزيد من إشارات الاستفهام حول هذه الخطوة التي تحمل فيما تحمل المزيد من الاستعراضات العسكرية الأميركية التي يفترض أن يحسب حسابها تجاه إيران من دون أن تمر مرور الكرام.
صحيح أن لهجة نشوب حرب أو ضربات عسكرية كانت مستبعدة من الطرفين الأميركي والإيراني وصحيح أن الولايات المتحدة الأميركية لا تستطيع أن تدخل في مغامرة كهذه لأسباب ليس أولها ولا آخرها الديون الأميركية الباهظة والبالغة نحو ٢٢ تريليون دولار أميركي ولا استحابة فقط للأصوات الأميركية التي تنادي على خلفية هذه الديون بتقليص القواعد العسكرية حول العالم والتي تزيد على٨٠٠ قاعدة وتطالب بعودة الجنود إلى بلادهم ليس لهذه الأسباب فقط ولكن نظراً للخطر الذي تمثله التهديدات الإيرانية باستهداف المصالح العسكرية وغير العسكرية الأميركية وغير الأميركية في المنطقة وإمكانية إغلاقها مضيق هرمز بوجه الملاحة ولاسيما النفطية منها.
ولكن بالمقابل فإن تصريح وزير الدفاع الأميركي السابق القاضي بضرورة أن يكون الرد العسكري أحد خيارات معاقبة إيران وذلك في الخامس عشر من الجاري وجنوح فريق داخل الإدارة الأميركية يترأسه جون بولتون مستشار الأمن القومي إلى هذا الخيار وتفضيلهم له وكذلك تصريح وزير الدفاع الأميركي الحالي قبل يومين القائل بأننا نعمل على حشد توافق دولي بعد الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط في الشرق الأوسط.
كل ذلك يعزز إشارات الاستفهام ويزيد التساؤلات حول مغزى التعزيزات العسكرية إلى المنطقة أهي خطوة على طريق الحرب والضربات العسكرية؟! أم أنها تأتي في إطار التهويل والحرب النفسية التي ترمي إلى دفع إيران نحو تنازلات لم تقدم عليها حتى الآن إلا شيئاً يسيراً منها في الخامس عشر من الجاري حين ألمح الرئيس الإيراني حسن روحاني فيما معناه أن إيران غير عازمة على تطوير مشروعها النووي.
قلنا إن نية واشنطن شن حرب على إيران مستبعدة لأسباب أسلفنا ذكرها ولكن في ظل ما تدعو إليه السعودية إلى استجابة سريعة وحاسمة لتهديد إمدادات الطاقة وفي ظل تصريح مسؤول أميركي مفاده أن حلفاءنا في الخليج راضون عن الموقف الأميركي تجاه إيران كل هذه التصريحات والأبعاد التي تعنيها تذكرنا بتصريح لدونالد ترامب الرئيس الأميركي في الثامن من كانون الثاني الماضي حيث أكد أن الحروب التي لا نحصل فيها على أموال ستنتهي مما يعني ضمناً إمكانية استمرار الحروب التي تحصل فيها واشنطن على الأموال وما أسهل هذا المطلب الأميركي من دول الخليج وما أهونه وما أسخى هذه الدول وما أكرمها حين تعلم أن الأمر يتعلق بتقليم أظافر إيران وتحجيم دورها وتطويقه في المنطقة ولكن هذا المطلب سيظل صعب المنال وبعيداً عن التحقق والتحقيق رغم استعداد دول الخليج لتمويل الحرب لأن مثل هذه الحرب ستشعل المنطقة كلها في نيران لها أول وليس لها آخر لا ينجو منها أحد وفي المقدمة دول الخليج نفسها والكيان الإسرائيلي والقوات الأميركية أيضاً الأمر الذي تدركه القيادة الأميركية رغم رؤوسها الحامية مما يرجح أن هذه التعزيزات الأميركية على ضخامتها إنما تأتي في إطار التلويح بالعصا وليس استخدامها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن