من دفتر الوطن

إدارة المعاناة

عبد الفتاح العوض :

كأننا نجد كل حدث سبباً وجيهاً لنختلف حوله وعليه.. في الأسبوع الفائت كتبت هنا عن أن ثقافة الهجرة جزء من بدواتنا.. فالبدوي يذهب من مرعى إلى مرعى.
الآن ثمة خلاف حول الموقف من الذين هاجروا.. قسم يعتبرهم على حق وأن الإنسان بطبعه يبحث عن الأمان وعن حياة أفضل.
وقسم آخر يتعامل مع القصة بمنطق أنهم شركاء في الحرب على سورية وبين القسمين ثمة من يتعامل مع هذا الموضوع بواقعية فهو يرى أن القرار يخصهم وله أسبابه لكنه يبقى قراراً خاطئاً وأن الاستغناء عن الوطن غير ممكن.
أيضاً من أشكال خلافنا.. أن الحكومة أو بعضاً منها ينظرون إلى انتقادات المواطنين على أنها ظلم بحقهم وأن المواطن «ناكر جميل» لا يعرف كم تبذل الحكومة جهوداً لتأمين ما يمكن تأمينه.
والمواطنون الكثير منهم هذه الأيام ينظرون إلى الحكومة بمنطق من يتحمل المسؤولية عن المعاناة وعلى الأقل عن «إدارة المعاناة»!!
من أشكال خلافاتنا أن البعض يرى أن الحديث عن أخطاء هنا وهناك ليس زمانه فالبلاد لا تحتمل المزيد من اللغط والتشكيك وغيرها من الآثار الجانبية للنقد.
وآخرون يرون أن ليس ثمة زمان يمكن أن يكون الحديث فيه عن الخطأ والخطايا خطأً!!
هذه الخلافات تبدو في ظاهرها مهمة لكنها في الواقع هي خلافات عادية جداً وتقع ضمن الحالة الطبيعية التي يمر بها بلدنا.
ظهرت هذه الخلافات بعد أن أصبح الخلاف السياسي في خلفية الخلفية.. يكاد يكون صامتاً أو حتى معدوماً.
وعلينا أن نلاحظ هنا لماذا انعدم الحديث عن الخلافات السياسية؟!
ببساطة لأنه كان مفتعلاً وليس حقيقياً.. فالخلافات السياسية على الأقل تظهر بشكل تراكمي بوصفها نتيجة لحياة سياسية صحية ونشطة.
ولأننا لم نملك مثل هذه الحياة السياسية فإن مظاهر الخلاف السياسي في سورية كانت مفتعلة ومزيفة.
بالمحصلة هذه الخلافات في المواقف من الأحداث العامة ليست أمراً سيئاً، وهي على العكس يمكن أن تكون قادرة على فعل أشياء جيدة من خلال الدفع لمناقشتها بطريقة أعمق وأفضل.
وبظني إن أفضل وصفة للتعامل مع قضايا الخلاف والاختلاف هي التمسك بالاعتدال والتوسط في الأمور ومقاربتها بعقل منفتح يقبل وجهات النظر على تباعدها وتنافرها.
وهو ما نحتاجه في كل حين لكننا الآن نحتاجه أكثر.
فإدارة المعاناة تحتاج إلى كثير من الحكمة والصبر وتحتاج أيضاً إلى عقول باردة وليس إلى نوبات غضب غبية.

أقوال:
اضرب بعض الرأي ببعض يتولد منه الصواب.
تستطيع أن تعطي رأياً غير منحاز عندما يكون الأمر غير مهم لك!!
ولا أحمل الحقد القديم عليهم
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن