اقتصادالأخبار البارزة

ما وراء سطور تقرير شركات إدارة نفقات التأمين الصحي: 848 ألف مؤمّناً صحياً في سورية حصلوا على خدمات بـ13.7 مليار ليرة

| عبد الهادي شباط

بلغت القيمة الإجمالية لمطالبات التأمين الصحي خلال العام الماضي 13.7 مليار ليرة خارج وداخل المشافي، منها 59% للعلاج خارج المشفى، وبلغ إجمالي عدد المطالبات للمؤمّنين نحو 3.8 ملايين مطالبة، بمعدل وسطي 5 مطالبات لكل مؤمّن له.
وبحسب تقرير لهيئة الإشراف على التأمين حول أعمال شركات إدارة نفقات التأمين الصحي للعام 2018، فإن عدد المؤمّنين في التأمين الصحي يبلغ 848 ألفاً، بنسبة نمو 7% عن العام 2017، يتوزعون على سبع شركات إدارة.
وفي قراءة لبعض المؤشرات التي وردت في متن التقرير، يبدو هذا التقرير الأفضل لعمل شركات إدارة النفقات، مقارنة مع التقارير السنوية السابقة التي أعدتها الهيئة، على أقل تقدير لا يتضمن أخطاء وتناقضات في الأرقام، رغم إمكانية إضافة العديد من المؤشرات الدالة على واقع عمل هذه الشركات وأدائها ومواقع الخلل في التأمين الصحي.
لكن يؤخذ على الهيئة وقوفها الحيادي من موضوع الأرقام والمؤشرات التي تبذل جهداً لتجميعها من الشركات، ولكن لا يوجد أي تحليل، أو حتى مجرد تقديم للتقرير، بحيث يتضمن وجهة نظر الهيئة بالسوق ومشاكله، وتقييم واقعه، وعلى أقل تقدير، يجب أن يتم هذا التحليل داخلياً، بحيث تبنى عليه السياسات والإجراءات، وهذا الأمر من المفترض أن يكون طبيعياً كأهم أهداف الدراسات والتقارير.
وبالعودة للتقرير يتضح أنه مازالت أغلب شركات الإدارة تركز أعمالها على محفظة التأمين الصحي الإداري في المؤسسات العامة السورية للتأمين (العاملين في الدولة) مع استكانة وقبول واستسلام لهذا الواقع، وهذا بحد ذاته مؤشر، يؤكده الاختلاف فيما بين أداء هذه الشركات في محفظة الإداري وبين أدائها في محفظة شركات التأمين الخاصة.

مستفيدون
وسطي عدد المطالبات لكل مؤمّن له في السوق ككل، متقارب بين الشركات (من 4 إلى 5 مطالبات سنوياً)، إلا أنه كان من الأفضل أن يضاف وسطي عدد المطالبات لكل مستفيد، وهو المؤشر الأكثر دقة على واقع سوء استخدام التأمين، حيث يرتفع هذا الرقم ليصل (8 إلى 9 مطالبات سنوياً) لكل مستفيد، وهو ما يشير بوضوح إلى أن أغلب من يستخدم بطاقته يستنزف عدد المطالبات المسموح بها (غالباً يستنزف تغطيتها المالية خارج المشفى)، ويدل على ذلك أيضاً أن وسطي تكلفة المؤمّن له الإداري 13 ألف ليرة سورية، في حين تكلفة المستفيد الواحد ترتفع إلى 20 ألف ليرة، في حال اعتماد عدد المستفيدين وليس عدد المؤمّن لهم في حساب التكلفة.
وفي القطاع الإداري، تعد نسبة المستفيدين إلى عدد المؤمّن لهم مرتفعة جداً في بعض الشركات، بحوالى 79 بالمئة، في حين تنخفض بشدة في شركات أخرى إلى 46 بالمئة، وربما هنا لا بد من الرجوع إلى المنطقة التي تديرها كل شركة، وثقافة المؤمّن لهم فيها، عدا عن دراسة وتدقيق الضوابط المعتمدة من قبل تلك الشركات.
وفي القطاع الإداري أيضاً، تبلغ تكلفة المؤمّن له الواحد حسب الشركات بين 9000 و15000، وهو ما يجعلنا نعيد التأكيد على دراسة السبب، سواء من الناحية الجغرافية أم من ناحية أداء كل شركة.
من جهة أخرى، لوحظ أن 77.6% من المؤمّن لهم في القطاع الخاص أمنت لهم شركة واحدة، وهي تستحوذ على 97 ألف مؤمّن، من أصل 125 ألفاً في شركات التأمين الخاصة، وتكلفة المؤمّن له الواحد في بعض الشركات مرتفعة بشكل كبير عن بقية الشركات.

مشكلة ضبط
يتضح من التقرير أن شركات الإدارة لديها مشكلة في ضبط التأمين الصحي الإداري بشكل خاص دون سواه، إذ إن نسبة المستفيدين من إجمالي عدد المؤمّن لهم في القطاع الإداري 64 بالمئة، وهي نسبة كبيرة جداً، في حين نسبة المستفيدين من إجمالي عدد المؤمّن لهم في القطاع الخاص لا تتجاوز 12 بالمئة، ويمكن أن يبرر الكثيرون هذا الفارق بين النسبتين بأن المؤمّن لهم في القطاع الخاص قد لا يلجؤون إلى استخدام بطاقة التأمين رغم مرضهم، لاختلاف وضعهم المادي وأسلوب حياتهم وعاداتهم عن الموظفين في الدولة، وهو أمر وارد ولكن بنسبة ضئيلة لا تقارن بالفارق الكبير الذي تحدثنا عنه، فهل موظفو الدولة معرّضون للأمراض أكثر من موظفي القطاع الخاص؟ وهذا طبعاً أمر غير صحيح.
وفي الذهاب نحو سوء الاستخدام، فإن ثقافة سوء الاستخدام (كأدبيات وسلوك جماعي) لدى شريحة موظفي الدولة مختلفة عنها في القطاع الخاص، وهذا أيضاً أمر غير صحيح.
في المحصلة، إن الأرقام والمؤشرات الواردة في التقرير يمكن استنطاقها، لتتكلم عن مكامن الخلل في التأمين الصحي، بل عن طريقة علاجه أيضاً، لمن يريد أن يقرأ بين السطور والأرقام، ويحلل بدقة وموضوعية، فالمشكلة شديدة الوضوح، وكذلك الحل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن